الترابي.. حياة الأفكار (9)
لئن كان منهج الدكتور الترابي في تدبر القرآن منهجاً توحيدياً، فمنهجه في فهم السنة النبوية هو ذات المنهج التوحيدي . فالترابي يوحد بين الكتاب والسنة ويراهما في سياق واحد . ويوحد بين القرآن والنبي المرسل فهو صلى الله عليه وسلم كان القرآن في نطقه وصمته وفي خلقه وسمته . كان ربانياً قرآنياً وكانت سنته هي الحكمة التي تنزل القرآن منازله الصحيحة . فكل آية في نصابها وكل معنى يُساق إلى مراد الخالق الشارع سبحانه وتعالى . ولئن كان التدبر التوحيدي هو منهج الترابي في فهم القرآن، فهو ذاته منهجه في فهم الطريقة القرآنية المحمدية ، حديثاً وسنة وسيرة . وكل ذلك موحدٌ في حياة النبي التي لا يجوز لنا أن نبصر بها أبعاضا ، فنسمعها أقوالاً لا ننسبها للأعمال ، ونراها أعمالاً لا ننسبها إلى نهجه في الحياة الخاصة والعامة.
السنة المحمدية :
والطريقة المحمدية أو السنة المحمدية أو السيرة المحمدية هي حياة النبي صلى الله عليه وسلم . وهى حياةٌ متصلة غير منقطعة، ومنسجمة غير مضطربة . وهي مثل القرآن موارة بالمعاني التي لاتنفد ، لأن أصلها إلى القرآن الذي هو أو قيانوس المعاني التي لا تنفد . ولئن كنا نقتبس من معاني القرآن كأنما نقتبس من البحر المحيط، فإنما نقتبس من الحياة المحمدية كما نقتبس من البحر المحيط . والتدبر التوحيدي لحياة النبي صلى الله عليه وسلم يراها كما هي حياة الإنسان البشر الذي يأكل الطعام ويمشي في الأسواق . وحياة النبي العابد القابس من علوم الغيب وأنبائه مما لم يسمع به بشر ولا خطر إنسان . وهي حياة القائد الحاكم المتصرف بالسياسات والقرارات . وهي حياة القاضي المتصرف بفض النزاعات وحسم الأقضية . وهي حياة الزوج الرؤوف الرحيم الودود ، العطوف الولوف، وهي حياة الصاحب النجي الصفى والصديق الأليف . هي حياة تشبه حياة سائر الناس وما هي مثل حياة سائر الناس . وصدق البوصيري إذ يقول :-
ومبلغ العلم فيه أنه بشرً وأنه خيرُ خلقِ الله كلهِم
هكذا يرى الترابي حياة محمد صلى الله عليه وسلم . ولأنها حياة ثرة فياضة بالمعاني متنوعه الجوانب والمناحي، فإن النظر إليها بغير تعمق وتدبر تفريط في الفهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . مثلما أن النظر السطحي لظاهر القرآن بغير تأمل وتدبر تفريط في الفهم عن الله في قرآنه المبين . وأول ما يفعله د. الترابي فى تدبره للسنة هو وصل حياة النبي صلوسلمله عليه وسنته بسنن الحياة والوجود ، سنن الله في الأكوان وسنن الله في الكتاب المسطور. وهو يُعرف السنة فيقول : (السنة لغة هي الأحكام المشروعة نظاماً للوجود وكانت كلمة عامة في إصطلاح القرآن، وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . تشمل الأحكام القدرية الطبيعية كما تشمل الأحكام السلوكية الإجتماعية التي يتخذها المرء لحياته أو لخطاب غيره، ولكن الفقه المأثور قصره على حياة الرسول صلى الله عليه وسلم من حيث هي قدوة مسنونة للاتباع )، ويستدرك الترابي على ذلك فيقول ( فالسنة حياة الرسول صلى الله عليه وسلم أصل شرعي يلي القرآن حكماً ولكنه لا ينفك عنه) فحياة الرسول صلى الله عليه وسلم هي القرآن المتمثل نهجاً وسلوكاً فى الرسول النبي البشر . ومنهج الترابي هو توحيد فهم السنة مع فهم القرآن فهماً توحيدياً تكون فيه السنة تابعة للقرآن لا متبوعه به. وكما ينظر الترابي للقرآن وحدة واحدة فهو ينظر إلى حياة النبي صلى الله عليه وسلم وحدة واحدة لا متناقضة ولا متعارضة ، لا مجزأة ولا مقسمة ، رغم تنوع تصرفاتها وتعدد مناحيها . فبعض تلكم التصرفات شخصية تعبدية يتأمل فيها النبي صلى الله عليه وسلم ويتحنث ويتدبر في معاني كل شىء موجود وفي تجليات تصرفات خالق الوجود ، وهذا مخصوص بالأنبياء عليهم السلام ، ومخصوص بالرسول صلى الله عليه وسلم ، فليس مطلوبا على وجه التشريع من أحد غير الأنبياء. فمن تعبد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقوم حتى تتورم قدماه وليس مطلوباً من أحد آخر أن يقوم كما يقوم الرسول صلى الله عليه وسلم . بل أن القيام نفسه جاء إرشاداً في القرآن، ولم يأتِ إلزاماً . وجاء خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم وطائفة مخصوصة من الذين معه ، ولم يأت مطلوباً طلباً عاماً على وجه الندب إلا في رمضان . ومن تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم تصرفات خاصة ولكنها ملزمة بمقتضى الوحى يُكلف بها الأفراد تكليفاً ملزماً ،لأن تصرفات الأفراد بسواها قد تعم بلواها الجماعة . ومن تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم تصرفات تشريعية جاء بها الوحي وهي ملزمه للأفراد وللجماعة . ومن تصرفاته صلى الله عليه وسلم تصرفات بشريه عادية ، وتقليده فيها تحبب بسمت النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو لم يلزم بها أصحابه ولا ألزم من هم من بعدهم . وله تصرفات بإجتهاده بغير أن يوحى إليه وبالعلم الذي قبسه من علوم زمانه . وهي تصرفات يعتريها الصواب ، كما يجوز عليها الخطأ ، والخطأ ليس منسوباً إليه وإنما نسبته لمستوى العلم السائد في زمانه، سواء كان علماً تقنياً مثل تأبير النخل أو حفر الخندق أو علماً طبياً مثل الحجامة والكي ، وقد يرشد النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالعلم الذي علمه من عصره من تلكم العلوم ولكنه لا يلزمهم بالأخذ بالإرشاد إن علموا أفضل مما أرشدهم إليه. وكان أصحابه عليهم الرضوان يفهمون ذلك فيستفهمونه فى أحيان كثيرة أهو أمر من الوحى أم هوالرأى والإجتهاد . وكان القرآن يتنزل أحيانا بالعتاب على خطأ بعض تلكم الإجتهادات ( ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض) ( لولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شئياً قليلاً )
الترابي والحديث النبوى :
ومنهج د. الترابي في النظر إلى الأحاديث المنسوبة للرسول صلى الله عليه وسلم هو النظر إليها من خلال درجات الصحة والضعف التي إعتمدها علماء الحديث وكذلك من حيث إنسجام دلالة المتن مع مفهومات القرآن أو السنة التى تكون أعلى رتبة من حيث سندها أو رسوخ معناها فى أصول الدين . وهو يبجل علم الحديث ولا يقدسه . فهو يعلم أن تلكم الأحاديث في جملتها ( قد تعرضت للنسيان والخطأ والهوى في تسجيل التاريخ مهما امتازت بدرجة ضبط منهجي فريد، وذلك إبتلاء من الله لنجتهد في تعرف عهد التنزيل ثم نجتهد في الإستغناء بالقرآن فيما غاب عنا من آثار تلك الحياة.)
والترابي يشدد على علوية القرآن ومرجعيته للسنة فى تحقيق درجة صحة سندها ومتنها . وهو في ذلك تابع لصاحب المذهب السائد في السودان (الإمام مالك بن أنس) الذي كان من منهجه التشدد في التوفيق بين معاني القرآن ومقررات السنة . وكذلك توافق السنة مع العمل الدارج في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم . والإمام مالك من السابقين الأولين في تدوين الحديث في الموطأ الذي اشتمل على آلاف الأحاديث في نسخته الأولى . ثم ما لبث أن راجعها الأمام مالك ليستبقى منها ما ينوف على الألف بقليل. ولم تكن مراجعات مالك للأحاديث التي دونها بسبب رأيه في إسنادها فحسب بل استبعد طائفة منها لمخالفتها لعمل أهل المدينة أو لإختلاف معناها عن المعنى المفهوم من القرآن . وكان من المعلوم عن مالك بن أنس رضي الله عنه أنه يروى بعض أحاديث الآحاد ويدونها لكنه لا يعمل بها ، وقد يفتي بخلافها . وهو الأمر الذى قاده لخلافه الشهير مع تلميذه الشافعي الذي يقر له بالأستاذيه ويقول عن كتابه الموطأ:
“ما كتاب بعد كتاب الله أنفع من موطأ مالك رضى الله عنه” . لكنه لا يمتنع عن إنتقاده في كتاب إختلاف مالك فيقول : ” لا يجوز إذا كانت السنة حجة على قول من تركها ألايوافقها إلا ألا تكون كذلك أبداً ولا يجوز هذا القول المختلط المتناقض ) فهو يأخذ على مالك تركه للعمل ببعض الأحاديث رغم أقراره بحجية السنة ). ورغم شدة هذا الإنتقاد فقد فات على الإمام الشافعي أن منهج مالك رضي الله عنه لم يكن متعارضاً ولا متناقضاً، بل هو منهج رد التعارض بين دليلين ثم الترجيح بين معنى ورد في القرآن ومعنى ورد في السنة وبين معنى عمل به، سواد أهل المدينة وهم على ما هم عليه من حرص على الإقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبين حديث رواه الأحاد من الرجال وإن كانوا أهل ثقة وضبط، فإنما الثقة والضبط في كل إنسان يكون بمقدار ويرجح على تلكم الثقة الثقة الأكبرفي صريح القرآن أو عمل سواد أهل المدينة . ولم يكن عدم أخذ مالك بالحديث وإن صح عنده وصح من بعده لدى أهل الصحاح إستهانة بالحديث وإنما هو إعلاء القرآن على السنة والعمل على الرواية.
فالفقه هو فهم الحديث في سياقه . وقد يكون من روى الحديث قد رواه بما تبدى له من معنى، وهو يتلقاه سماعاً . ولكن عموم أهل المدينة قد عرفوا مُراد الرسول صلى الله عليه وسلم من فهمهم لأقواله في سياقها، وعلموا إن كانت خاصة أم عامة مطلقة أم مقيدة مأذون بها لحين ثم منسوخة بعد الإذن بها لحين . فمثل ما للقرآن مقام يفهم فيه وله سياق تُدرك فيه معانيه فللسنة أيضا مقام لكل قول من أقوالها . ولها سياق تُنظر فيه تلكم الأقوال والتصرفات . وقاعدة العمل التي إعتمدها مالك بن أنس مقرونة مع قاعدة النظر المقاصدي معاً يشكلان منهجاً لا بد منه لفهم الأحاديث ولإعمالها لتحسين واقع الناس. وهي كما هي قاعدة عملية مقاصدية فهي قاعدة لتوثيق صحة الحديث من خلال النظر في متنه كما يصحح من خلال الظر في سنده . والإمام ابن رشد المالكي صاحب بداية المجتهد ونهاية المقتصد والفيلسوف المعلوم قد نظر إلى قاعدة العمل هذه وعلاقتها بصحة الحديث فقال : (بالجملة العمل لا يُشك أنه قرينة إذا إقترنت بالشيء المنقول ، أن وافقته أفادت به غلبة الظن وأن خالفته أفادت به ضعف ظن ) لكن أبن رشد يعود فيتحفظ على رد الأثر بالعمل فيقول : ( فأما أن تبلغ هذه القرينة مبلغاً ترد به أخبار الآحاد الثابتة ففيه نظر ) لكنه يعود فيستدرك ويقول
🙁
عسى أنها تبلغ في بعض ولا تبلغ في بعض لتفاضل الأشياء في شدة عموم البلوى بها). فأبن رشد ينتهى إلى إقرار عمل أمامه مالك فى رد بعض أحاديث الآحاد فيما تشتد به البلوى. ومثل الإمام مالك والإمام ابن رشد يرى الدكتور الترابي أن بعض أحاديث الآحاد قد لا يعمل بها إذا خالفت المعنى الواضح في القرآن أو العمل الراسخ المعروف لدى عامة المؤمنين الصادقين أو خالفت المعروف في أمور تعم بها البلوى مثل حرمة الدماء والأعراض أو خالفت المعلوم بالضرورة من العلم الطبيعي الثابت.
حديث الذبابة وحديث النخل :
والضجة التى أحدثها حديث الترابى فى أنه يقدم حديث الطبيب المختص فى أمور الطب والصحة العامة على حديث الذبابة إنما مرجعه إلى إعتقاد الترابى أن هذا الحديث من طائفة الاحاديث التى وإن صح سندها فقد خالف عمل سواد المؤمنين الصادقين منطوقها. ثم أنه يصنفها من باب تحدث النبى صلى الله عليه وسلم بالعلم الذى كان سائداً فى زمانه وهومن باب الإجتهاد أو التحدث أو التصرف بما يعتقده النبى صوابا ولكنه ليس من أمور الوحى ولا التشريع. والترابى له رأى فيما يسميه البعض الطب النبوى فهو يرى أن الأصوب أن يقال الطب فى زمان النبى أو الطب الذى تحدث به النبى بما علم من أمر الطب فى زمانه. فليس من وظيفة النبى صلى الله عليه وسلم أن يكون طبيبا كما ليس من وظيفته أن يكون مهندساُ أو مختصاً بأمور الزراعة أو الصناعة أو شيئا من ذلك
وقد أوضح النبى صلى الله عليه وسلم ذلك لأصحابه فى حديث تأبير النخل . وحديث تأبير النخل روى عن طريق عائشة وأنس بن مالك وطلحة بن عبيد الله وجابر بن عبدالله ورافع بن خديج رضوان الله عليهم جميعا وخرجه مسلم وأحمد وأبن ماجه وأبويعلى وأبن حبان وأبن خزيمة ، ولايمارى أحد فى صحة سنده . و حديث عائشة رواه حماد بن سلمة مقرونا مع حديث أنس بن مالكو . كلهم من طريق حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه عروة بن الزبير ، عن عائشة رضي الله عنها أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى الِلَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ أَصْوَاتًا ، فَقَالَ : ” مَا هَذِهِ الأَصْوَاتُ ؟ ” ، قَالُوا : النَّخْلُ يَأْبِرُونَهُ ، فَقَالَ : ” لَوْ لَمْ يَفْعَلُوا لَصَلُحَ ذَلِكَ ” ، فَأَمْسَكُوا ، فَلَمْ يَأْبِرُوا عَامَّتَهُ ، فَصَارَ شِيصًا ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الِلَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : ” كَانَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكُمْ فَشَأْنُكُمْ ، وَكَانَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ دِينِكُمْ فَإِلَيَّ ” ، و في لفظ مسلم :” فَقَالَ : مَا لِنَخْلِكُمْ ، قَالُوا : قُلْتَ كَذَا وَكَذَا ، قَالَ : أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُم ) وأصح الرويات هو ما أورده مسلم في صحيحه (2362) و من طريقه القاضي عياض في الشفا (2/183-184) و ابن حبان في صحيحه (23) ، و الطبراني في المعجم الكبير (4424 و( كلهم من طريق النضر بن محمد عن عكرمة بن عمار عن أبو النجاشي عطاء بن صهيب مولى رافع عن رافع بن خديج قَالَ : ” قَدِمَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ ، وَهُمْ يَأْبُرُونَ النَّخْلَ ، يَقُولُونَ يُلَقِّحُونَ النَّخْلَ ، فَقَالَ : مَا تَصْنَعُونَ ؟ قَالُوا : كُنَّا نَصْنَعُهُ ، قَالَ : لَعَلَّكُمْ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ خَيْرًا ، فَتَرَكُوهُ ، فَنَفَضَتْ أَوْ فَنَقَصَتْ ، قَالَ : فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ، إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِكُمْ ، فَخُذُوا بِهِ ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيٍ ، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ” و هذا لفظ مسلم وهو الأصح. وقد أنقسم أناس كثر حول أنتم أعلم بأمر دنياكم هذا .ففريق حاولوا تضعيف الحديث وهو ما لايمكن له أثباته ، ثم حاولوا أن يجعلوا أمر النخل وحده ,امور قليلة أخرى هى المعنية بالحديث ، وليس لهم ذلك فكل إرشاد من النبى صلى الله عليه وسلم على غير وجه التشريع من الوحى أو من إجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم ما لم يصدقه الوحى أو أن يوضح النبى صلى الله عليه وسلم أنه من قبيل التشريع لأمته فهو داخل فى الأمور المتروكة للرأى وإجتهاد أولى النظر والفهم السديد . وطائفة أخرى من ذوى التوجه العلمانى حاولوا أدخال أمور كثيرة تدخل فى الأمور التشريعية والتنظيمية اللى دائرة أمور الدنيا سوقاً للأمة إلى علمانية تعطل أحكام الدين وتعاليمه أن تكون فعالة فى حياة الناس ، ومكر أولئك معلوم ومردود . فدائرة الامور خارج التشريع معلومة وقد رد الإمام النووى منذ قرون على هذه الشبهة فبوب على ذلك الحديث بقوله: “باب وجوب امتثال ما قاله شرعاً، دون ما ذكره صلى الله عليه وسلم من معايش الدنيا على سبيل الرأى ). وقال أيضاً في شرح هذه الأحاديث: “قال العلماء: قوله صلى الله عليه وسلم “من رأي” أي في أمر الدنيا ومعايشها لا على سبيل التشريع، فأما ما قاله باجتهاده ورآه شرعاً فإنه يجب العمل به، وليس إبار النخل من هذا النوع، بل من النوع المذكور قبله. قال العلماء: ولم يكن هذا القول خبراً،( يقصدون قوله فى تأبير النخل ) وإنما كان ظناً كمابينه في هذه الروايات، قالوا: ورأيه صلى الله عليه وسلم في أمور المعايش وظنه كغيره، فلا يمتنع وقوع مثل هذا، ولا نقص في ذلك، وسببه تعلق هممهم بالآخرة ومعارفها والله أعلم) ولم يجاوز رأى الدكتور الترابى فى حديث الذبابة ما قال به الإمام النووى قبل قرون.
ونواصل ،،،
د. أمين حسن عمر