أميركية تسهر على حماية الآثار المصرية من السرقة باستخدام الأقمار الصناعية
“أتمنى أن أكتشف ملايين المواقع الأثرية غير المعروفة حول العالم ببناء منصة مجتمع علمي على الانترنت، وتدريب جيش المسكتشفين في القرن الـ 21، بغية اكتشاف وحماية تراث الإنسانية المفقود بما فيه من إبداع جماعي”.
بهذه الكلمات، عبّرت عالمة المصريات والآثار الأميركية سارة باركاك عن فكرتها بعد فوزها بجائزة TED، والتي تبلغ قيمتها مليون دولار أميركي للعام 2016.
باركاك حولت جزءاً من أحلامها إلى حقيقة، عندما مزجت تكنولوجيا التصوير الفضائي بعلم الآثار والحفريات القديمة، حيث تعمل وفريقها على بناء منصةٍ عالميةٍ مفتوحة على شكل لعبة الكترونية، تساعد لاعبيها على اكتشاف المقابر والمواقع الأثرية القريب منهم باستخدام الأقمار الصناعية.
كما تساعد “اللعبة” في رصد محاولات سرقة هذه الآثار والمواقع عبر المسح بصور الأقمار الصناعية التي تتتبع النهب، بدلاً من التعويل على الحكومات.
في الصورة الملتقطة من الحيبة – إحدى القرى التابعة لمركز الفشن في محافظة بني سويف – في العام 2009، تبدو فتحات نهب الآثار قليلة، بينما تبدو في العام 2009 أكثر بكثير.
ومن المنتظر أن يستفيد فريق باركاك من المسح البصري الجماعي وصور الأقمار الصناعية لمشاركة المعلومات بين الباحثين في الفضاء والآثار القديمة، وبين المتطوعين والمشاركين أينما كانوا، قبل أن يتم إطلاع السلطات الحكومية على النتائج للمساعدة في ضبط سرقة الآثار ونهب المواقع المفقودة.
بالمشاركة مع زوجها د. غريغ مامفورد، قامت باركاك بمسح لاحتمال وجود آثار للفراعنة في الفيوم وسيناء وبعض مناطق شرق الدلتا في مصر.
وخلال الأعوام 2003 و2004، قاما بتحليلات لصور التقطت بواسطة الأقمار الصناعية باستخدام الأشعة تحت الحمراء والرادار وتقنيات الاستشعار عن بعد، فعثرا على 132 موقعاً يشتد فيها احتمال وجود آثار للقدماء مختفية تحت الأرض.
بعض تلك المواقع يرجع تاريخه إلى نحو 3 آلاف سنة قبل الميلاد، وفي مايو/أيار 2011 قامت BBC ببث فيلم وثائقي تحت عنوان “مدن مصر المفقودة” وصفت فيه باركاك ما توصلت إليه المجموعة العلمية.
تعود ملكية الأقمار الصناعية التي تستخدمها مجموعة باركاك إلى “ناسا”، والبعض الآخر لهيئات أهلية. وأعلنت المجموعة عن اكتشاف 17 هرماً جديداً في مصر بالإضافة إلى ما يزيد عن ألف موقعٍ للقبور وسكنى القدماء خارج منطقة صان الحجر.
تُظهر الصور الملتقطة بالأقمار الصناعية مواقع تحت الأرض ومحتويات أثرية في المنطقة المظللة باللون البنفسجي، والتي اعتُقد أنها مفقودة في الرمال لفترة طويلة في مدينة منديس – بالعربية تل الربع – في محافظة الدقهلية بمصر التي كانت عاصمةً لمصر الفرعونية.
قام الفريق بتطوير لوغارتمية رقمية ليقوم الحاسب بتحليل صور الأقمار الصناعية عبر البصمة الكيميائية للتربة التي تظهر احتوائها على حفريات وآثار.
كما تظهر الصورة التي نشرتها BBC الشوارع القديمة لمدينة تانيس التي تسمى حالياً صان الحجر في محافظة الشرقية المصرية، وقد ذكرت في العهد القديم كما كانت عاصمة شمال مصر خلال عهد الأسرة الفرعونية الـ 21.
أكتشف أيضاً أكثر من ألف مقبرة و3 آلاف مستوطنة قديمة بالأشعة تحت الحمراء التي تكشف المباني تحت الأرض، ويعتقد أنها تحتوي على هرمين فرعونين. وخلال عمليات الاكتشاف التي بدأت في العام 2009، تمت سرقة بعض المواقع الأثرية بالفعل، وقالت حينها سارة إن الصور تظهر نهب المقبرة، معتبرةً أنه يجب تحذير الانتربول من بيع هذه الآثار.
دمقرطة اكتشاف الآثار
تقول باركاك إنها ستشجع عموم الناس حول العالم على الانخراط في اكتشاف وحماية الآثار، مستفيدةً من الجائزة التي حصلت عليها، وأنها تريد “دمقرطة” عملية اكتشاف وحماية الآثار القديمة بجعلها قائمة على المواطنين أنفسهم بدلاً من أن تكون مسؤولية الحكومة التي لا تبذل جهوداً كافية لحماية تراث الإنسانية المفقود .
وكشفت باركاك وفريقها أن أول قفزة في نهب للمواقع الأثرية في مصر حدثت فعلياً قبل ثورة “25 يناير”، حيث زادت مستويات النهب إلى المثلين خلال عامي 2009 و2010، وهو ما جاء مرتبطاً بالأزمة الاقتصادية العالمية، لكن خلال الفترة التي تلت ثورة يناير زادت مستويات النهب إلى معدلات خطيرة مثلما رصدته المجموعة في سقارة واللثت الموجودة جنوب القاهرة.
وبحسب العالمة الأميركية، فسواءاً كان المتطوعون من جنوب إيطاليا أو شمال البيرو، فإنهم سيحصلون على بيانات المواقع المحتملة التي يجب عليهم مسحها بأنفسهم ليكتشفوا مواقع قديمة غير مكتشفة أو عمليات نهب تجري فيها.
هافينغتون بوست عربي