شمائل النور : البحث عن أزمة..!!
لتوه عاد وزير الخارجية السابق علي كرتي من جولة أوروبية، تصريحات الوزير السابق عقب ذلك اللقاء الذي جمعه مع الرئيس، كان أهمها أن الدبلوماسية السودانية استطاعت أن تحقق اختراقاً في ملف الجنائية مع فرنسا، كان كرتي يتحدث بروح عالية، لم تمض ساعات على تصريحاته، ليفاجأ أن والي جنوب دارفور –وقتها- عبد الحميد موسى كاشا اتخذ قراراً بطرد منظمة أطباء بلا حدود الفرنسية، لينسف جهود الجولة الأوربية، أزمة بين الوالي والخارجية نشبت بسبب هذه الحادثة، كاشا برر قراره بأنه مارس سلطاته كوالٍ منتخب، ومضى أكثر من ذلك حينما قال ” نحن لسنا موظفين لدى وزارة الخارجية”
حوادث طرد المسؤولين الأمميين تتوالى، رفضت الخرطوم أمس تمديد إقامة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إيڨو فرايسن، الوكالة الأممية اعتبرت عدم التمديد طرداً. حسب بيان الوكالة، فإن وزارة الخارجية لم تقدم أي توضيح أو أسباب بشأن القرار. ليست المرة الأولى التي تتخذ فيها الحكومة قراراً بطرد مسؤوليين أممين، ثم ترجع وتدفع ثمن ذلك باهظاً، أو تبتلع القرار، ولا تزال الأزمة الدبلوماسية التي خلفتها حادثة طرد 13 منظمة دولية حاضرة.
عندما صدر قرار طرد المنظمات الدولية الـ 13 بعد إعلان الجنائية الدولية بررت الحكومة وقتها بأن المنظمات المطرودة تجاوزت خطها الإنساني وأصبحت تنفذ أجندة غربية، فلم يعد هناك حلاً سوى الطرد، وفوق ذلك، قالت إنها كانت على علم تام بتجاوزات هذه المنظمات منذ وقت طويل وتم رصدها..ذات الأسباب يُمكن أن تعاد صياغتها لتبرير عدم تمديد إقامة المسؤول الأممي، قرارات يتم اتخاذها بشكل مبسط، لكن نتائجها كارثية، هل اتخذت هذا القرار وزارة الخارجية، أم قامت فقط بالتبليغ، ولماذا تغييب الأسباب في عدم تمديد إقامة المسؤول الأممي، وهل طرد المسؤولين الأمميين يحل المشكلة، أم الخارجية نفسها لا تعلم.. في كل مرة تضطر الحكومة للتراجع عن قرارات يتم اتخاذها تحت تأثير الغضب، بل تضطر إلى دفع ثمن ذلك أضعافاً مضاعفة، ويدفع الوطن معها هذه الفاتورة.
الحل ليس في اتخاذ قرارات بطرد المسؤولين الأممين، وليس في ذلك أي نوع من “الشطارة” لأن هذه القرارات يُدفع ثمنها لاحقاً، الحل أن “تتحزم” لحل المشكلة من جذورها لتقي البلاد “شرور” المنظمات التي “تتخابر” وتصمت الحكومة على تخابرها، وتكتفي برصد ذلك، يبدو أن الحكومة أدمنت البحث عن أزمات من العدم.