ربما لن يتأثر المواطن من الصراع حول “كنار”.. لكن هل صحيح ثمة “لوبي” يدير صفقات الاتصالات؟ ابحث مع كاظم
في الأيّام الماضية، كانت الأجواء في الخرطوم حارة، لكن (حرارة) من نوع آخر سرت في قطاع الاتصالات، وظهرت في شكل تنافس محموم بين (بنك الخرطوم) وشركة (زين للاتصالات) حول شراء أسهم شركة (كنار) المالكة لـ(الكيبل) البحري للإنترنت؛ وهي واحد من الاستثمارات الإمارتية في البلاد.. اتخذ التنافس شكل الصراع المحموم، لاعتبارات استثمارية تخص الطرفين.. فهل أنتم مستعدون لسماع وجهة نظر ثالثة؟
في بادي الأمر، يجزم مراقبون أن المواطن لن يتأثر بطريقة مباشرة من انتقال ملكية شركة (كنار) لأيٍّ من المتنافسين في الوقت الراهن، إنما يأتي التأثير على الاقتصاد وعلى قطاع الاتصالات في البلاد، لذلك فإن الوقت ما زال متاحًا للبحث مع خبراء الاتصالات حول الشأن، ولحسن الحظ لن يرهقنا هؤلاء في اقتفاء أثر ما يجري. هنا ثمة محلل ملم بتعقيدات الملف، انتقيناه بعناية، يصوب تحليلاته على تتبع أثر المستفيدين، وبصورة مباشرة يحيل بصرنا صوب لوبي متحكم في الصراع؛ ففي تقدير الباشمهندس كاظم زين العابدين، أن لوبياً سودانياً “يرغب في المنافسة بغرض احتكار خدمة الكيبيل البحري المملوك لشركة كنار”، ويضيف زين العابدين وهو رئيس مجلس إدارة شركة مرجان العاملة في مجال الاتصالات، أن أشخاصًا يقودون معترك الصفقة، بين شركة (زين) و(بنك الخرطوم)، ليحصل الواحد منهم على ثلاثة أو أربعة، أو حتى ستة ملايين دولار كسمسرة من هذه الصفقة. في وقت يقول خلاله الطيب مصطفى، وهو الرئيس السابق للهيئة القومية للاتصالات إن الأمر “ليس مجرد تنافس حول السعر، انما أكبر من ذلك وأعظم”.
ويحصل زين العابدين على مكانة خبير في الاتصالات من واقع دراسته وتأهيله الأكاديمي، إلى جانب عمله في قطاع الاتصالات، خارج وداخل السودان. وينشط هذه الأيام في انفاق أكثر من 400 مليون دولار مقابل دراسات جدوى لعمل (كيبل) بري يربط دول أفريقيا غير المطلة على البحر.
بالنسبة لكاظم الذي تحدث لـ(اليوم التالي)، فإن الأوفق ألا تباع (كنار) لأيٍّ من المتنافسين، وأن تتم المحافظة عليها كاستثمار إماراتي. ومع استحالة الأمر، لأنه يتعلق بمستثمر أجنبي يرغب في مغادرة البلاد، فإنه يقترح أن تمتنع الحكومة عن الحياد وتتدخل بعمل ضمانات لعمل شركة مساهمة عامة كي تتولى شراء وإدارة شركة كنار. ما يعني أن تتنازل عن مشروع الخصخصة منعًا لاحتكار وشيك في قطاع الاتصالات. ويترافق مع هذا المقترح، أو يقترب منه، ما دعا إليه الطيب مصطفى، حيث طالب الهيئة القومية للاتصالات، في عموده الراتب بصحيفة الصيحة قبل أيام، برأي حاسم حول الصراع، وكتب يقول: “لا ينبغي للهيئة أن تصدر كلمة في القضية قبل أن تقول رأيها الحاسم، باعتبار أن رخصة كنار، وكل تراخيص شركات الاتصالات، صادرة عنها، وهي صاحبة النهي والأمر…”. وربما قصد مصطفى بذلك التعليق على وزيرة الاتصالات، تهاني عبد الله، التي قالت إن وزارتها “ستتعامل مع الأمر وفقًا للقوانين المنظمة لعمل شركات الاتصالات في البلاد…”.
وبالنسبة لكاظم فإن الفترة الماضية شهدت تقليصًا كبيرًا في مجال الاستثمارات، لاعتبارات سياسيّة كثيرة. ويشير إلى أن البلاد مقبلة على انفتاح سياسي واقتصادي، وهو ما يتطلب، برأيه، تطمينات للمستثمرين الأجانب من قبل الحكومة. وفي أوّلها، منع الاحتكار ومحاربة اللوبي!
الخرطوم- يوسف حمد
صحيفة اليوم التالي