عبد العظيم صالح : الحرامي
رجعت للبيت كالعادة في وقت متأخر من الليل ، اليوم (المقلوب) مشكلة ،يفوتك النهار وكل المعاملات والصفقات المهمة في الخرطوم تتم في هذا الجزء من اليوم.. الخرطوم تختلف عن عواصم العالم الأخرى، بعد الخامسة عصراً تتحول إلى قرية وديعة هادئة لا حركه فيها ولا ضجة، تنتقل حركة الحياة في اتجاه موازي مع خطه مأمون حميده وشقيقه حافظ (للأطراف)..
انتو يا جماعة مسئوليين من الخير خطة نقل الخدمات الصحية للأطراف حقت منو مأمون ولا حافظ؟
فالأخير يتحدث عنها ويبشر بها أكثر من الأول، حتى في كثير من الأحيان نقول ليته سكت.. !!
نعود لموضوعنا الأساسي، وحكاية وصولي للمنزل في وقت بين الليل والفجر.
المهم قبل أن آوي إلى فراشي، سمعت صوتاً يشق السكون الحرامي الحرامي، تيقنت من النبرات والكلمات والمنطقة (الغليظة) التي انطلقت منها الاستغاثه.. وبعدها تأكدت تماماً أن هناك من يطلب العون والمساعده.
عند الباب الخارجي لاحظت أن يدي تشكوان قله الأسلحة، لا بيضاء ولا برتقاليه أو سمراء قلت في نفسي ما مشكلة المهم أسلم نفسي لكتائب المتطوعين الذين يسدون الآن الشوارع المحيطه بالحي، ويتاهبون للقضاء علي الحرامي، هذا إذا لم يتم تدميره تماماً.
لا وقت للبحث عن قطعة سلاح من أي نوع أو شكل في هذا الوقت الحرج فللدقيقه قيمتها، المعركة معركة حسم ولا مكان للمطاولات، لا وقت للبحث عن سلاح، أنا أعرف سلفاً أنه غير موجود حتى على وزن «قناية »
بالمناسبة وين السيد أبو قناية ووين آلية محاربة الفساد نعود لموضوعنا الأساسي، ها أنذا أخرج الآن للانضمام لكتائب التصدي للحرامي الذي تسلل في خلسة ودناءة إلى حينا الوادع الآمن، مختلف المشاعر تحتشد بداخلي، أحس بأني نبيل وهمام ومشروع (فارس (إن وجد التسليح إلي سبيلاً، شعرت بالزهو والفخر ومر بخاطري شريط يحوي العديد من أغنيات الحماسة التي تمجد مثل هذه المواقف.. تمنيت في هذه اللحظات زجاجة شامبيون.. فجواي بطل، بطل حقيقي.
أجمل ما في موقفي البطولي هذا أني لم أحدث أحداً بنيتي في القتال، تسللت لوازاً، رفعت السقاطه براحه وطلعت، قلت في نفسي إن لم أجد
تسليحاً فيمكن أن أغني مع النسيمات البارده (الأمريكان ليكم تسلحنا..(نعم إنها تكفي استنادا على تجارب سابقه، وممكن جداً اشتغل توجيه ورفع معنويات للشباب تحثهم على اقتلاع الحرامي من جذوره وسحقه وأهميه تدميره حفاظاً على مشروعنا ومكتسباتنا، وممكن اشتغل إذاعه وتلفزيون وجريده، المهم أي حاجه قريبه منك.
عند خروجي للشارع، شاهدت ما لم يكن في الحسبان. لا أحد هناك سوى رجل واحد، يمسك بيده (حديده)، قلت له هل مرت الكتائب من هنا؟ ضحك طويلاً كتائب شنوأ رجع يا أخوي على بيتك .. يا حليل زمن الشباب البطلعوا للحرامي، ديل مساهرين مع الواتس وفي الكبري. ما جايبين خبر.
كلمة حرامي بليل بقت زي لازال الليل طفلاً يحبو، الطريف في الأمر أن أهل الوجعة غابوا عن مسرح الأحداث ورجعت وأنا أغني مع حمد الريح (وين فاتوا وين راحوا أحب النيل وشتلاته). .