سودانير ..الاغتيال بدم بارد
تعتبرالخطوط الجوية السودانية “ سودانير” من إحدى الشركات العريقة في العالم العربي والأفريقي و بدات سفرياتها بإسطول يتكون من أربعة طائرات من الطراز دي هافلاند (دوف)وهى طائرات بريطانية صغيرة الحجم تسع ثمانيه مقاعد وفى عام 1952 م الحقت الخطوط الجوية السودانية اسطولها بتسع طائرات من طراز “دوغلاس دي سي-3 “ بسعة ثمانيه وعشرين مقعدا ثم بدأت رحلاتها إلى العالمية بتشغيل مشترك لطائرة من طراز “فايكاونت فيكرز”و في أوائل الستينات تم إضافة سبع طائرات “فوكر27 “ للعمل على الخطوط الداخلية ثم استجلبت طائرات “دي هافلاند كوميت سي 4” كأول طائرة نفاثة انضمت لتخدم عملاء الشركة على الخطوط الدولية مثل خط لندن والقاهرة وبيروت وفي السبعينيات تم استبدالها بطائرات بوينغ الأمريكية من طرازي “بوينغ 707 وبوينغ 737»وفي بداية التسعينيات تم تزويد الخطوط الجوية السودانية باسطول من طائرات إيرباص الأوروبيةو كانت أولى طائرات ايرباص التي انضمت للخطوط الجوية السودانية هي طائرة «ايرباص ايه 310 وايرباص ايه 320»وبعد هذه الطفرة في مجال الطائرات سرعان ما تدهورت الاحوال داخل سودانير في اعقاب قرار مجلس الأمن رقم (1070)الذي أسهم بصورة قاطعة في التدهور الذي أقعد الشركةحتي باتت لا تملك غير طائرة واحدة الامر الذي يترك عدة استفاهمات مفادها هل العاملين بسودانير هم السبب وراء هذا التدهور ام سوء التقدير الحكومي بالخروج من قطاع الطيران مبكرا هو من ادي الي هذا التدهور المريع حتي غدت سودانير عاجزة حتى عن الايفاء بالتزاماتها نحو عامليها
سوء ادارة
وزير النقل والطرق المهندس مكاوي محمد عوض في حديثه بالمنبر الاسبوعي لوزارة الاعلام الاربعاء الماضي اتهم صراحتا العاملون بسودانير بانهم وراء تدهور الناقل الوطني ، حديث مكاوي هذا فتح الباب واسعا لتصويب سهام النقد تجاه «سودانير» لعدم كفاءة العاملين بها قبل ان يعرج باحاديثه نحو المعوقات التي اقعدت الشركة في القيام بدورها علي الرغم من العائدات التي حققتها في العام الماضي بما يربو علي (59) مليون دولار كعائد سنوي ، و لكن جل هذا المبلغ يذهب الي ايجار الطائرات ، لاسيما في اعقاب تاكيدات وزير النقل بان الحصار الامريكي «عدم الشركة الطيارة» مكاوي عاد وقطع عهدا علي نفسه بارجاع سودانير سيرتها الاولي من خلال نفخ الروح فيها من جديد .
راي اخر
رئيس غرفة شركات الطيران مصطفي الكردفاني يخالف مكاوي الراي فيما ذهب اليه ويقول ان الحصار لم يكن سببا كافيا لتدهور سودانير مقابل سوء الادارة الذي مني به المدراء المتعاقبون عليها
ولم يذهب المدير الاسبق لسودانير د.ياسين الحاج عابدين بعيدا عن حديث الكردفاني حيث قال الحصار الامريكي ساهم بقدر اكبر في خروج الشركة من دائرة المنافسة لكنه لم يكن السبب الرئيسي في تدهورها معتبرا تخلي الحكومة عنها للقطاع الخاص والمستثمرين الاجانب سببا آخر رمي بها الي داخل منظومة التدهور واشار عابدين الي ان اعتماد سودانير علي شراء تكنلوجيا تشغيل قديمة للطائرات جعلها خارج حلبة التنافس في مجال الطيران العالمي ذات الاعتماد علي التكنلوجيا الحديثة وقال عابدين انه عندما غادر منصبه بالشركة ترك عدد (4) طائرات ايربص ، لكن العضو السابق بمجلس ادار سودانير د.عبدالله الرمادي ابدي سخريته من المزاعم التي يطلقها مسؤلي الدولة نحو «شماعة» الحصار بحسب قوله مقرا بان تدهور سودانير اتي نتيجة مفهوم خاطئي لدي نخبة معينة راءت ان تخرج الدولة من مشروعاتها الانتاجية معتبر اياه عملية تدمير مقصودة لاتخلو من فساد وقال ان خروج الحكومة لصالح القطاع الخاص عديم الامكانيات المالية والادارية يعد جريمة في حق الناقل الوطني مشيرا الي انهم في السابق قامو بكسر الحصارالامريكي المفروض علي سودانير من شركة بوينج الامريكية عبر ابرام عقود مع شركة الايربص الفرنسية اسفرت عن شراء ثلاثة طائرات ايربص بطريقة البيع الايجاري
قرار خصصة
وكانت الحكومة قد قررت تحويل سودانير إلى شركة مساهمة عامة تحتفظ فيها بنسبة 30 % من الأسهم وتطرح 21 % للقطاع الخاص الوطني ونسبة 49 % لشركاء استراتيجيين من المستثمرين الأجانب، وقد صدر القرار الوزاري رقم 45 الذي أصدره وزير المالية خلال العام 2004 وبناءً عليه تقرر انهاء خدمة جميع العاملين بالشركة اعتباراً من نهاية أغسطس 2004 بالغاء جميع الوظائف البالغة 2100 وظيفة تسلموا خطاباتهم ، الخطوة سبقتها محاولات لتحويل سودانير من قطاع عام إلى شركة مساهمة عامة في العام 1983 وفشلت تلك المحاولة تبعتها محاولة أخرى في العام 2002 دخلت بموجبه الحكومة في عملية تمويل مع شركة إماراتية قابضة لشراء طائرتين ايرباص بمبلغ 40 مليون دولار مما اسهم في تقليص خسائر الشركة التي لم تتجاوز الـ9 ملايين دولار ولكن توقف التمويل كما توقفت صفقات أخرى لشراء ايجاري لطائرتين ايرباص بسبب العجز عن السداد وازداد الأمر سوءاً بتوقف البوينج عن العمل
عارف علي الخط
وبعد محاولات مستفيضة من الحكومة لتخرج سودانير من ازمتها ابرمت الحكومة اتفاقية شراكة مع شركة عارف الكويتية ونسبة لتدخل عوامل عديد لم تتمكن عارف من النهوض بسودانير مما قاد لفض الشراكة واعلان مجموعة عارف الاستثمارية عن توقيع اتفاق مع الحكومة السودانية يتم بموجبه إعادة استحواذ الحكومة السودانية على حصة مجموعة عارف الاستثمارية في “سودانير”، وتحويل أسهمها إلى الحكومة السودانية، حسب القوانين المعمول بهاوتم توقيع الاتفاق في الكويت بين الحكومة و مجموعة عارف وبلغت قيمة الصفقة 125 مليون دولار لكامل حصة مجموعة عارف في سودانير يتم سدادها على فترة أربع سنوات وتمتلك مجموعة عارف 49% من أسهم سودانير بينما تستحوذ شركة (الفيحاء) السودانية 21%، وبقية الأسهم “30%” ما زالت في عهدة الحكومة السودانية. وكانت “الفيحاء” أبدت رغبتها أيضاً في بيع حصتها.
وتم تسلم الدفعة الأولى من قيمة الصفقة البالغة 15 مليون دولار استكمالاً للعقد المبدئي الذي وقع في 25 أغسطس من العام 2011 وسبق أن اعترض البرلمان على قرار خصخصة الشركة، واعتبر سودانير منشأة استراتيجية وناقلاً وطنيا وكان ان أوصى خبراء طيران في حينه أن مجموعة عارف لا تمتلك أي خبرة في مجال الطيران وطالبوا بشريك استراتيجي يحمل الخبرة والتخصص، كما أن لجنة التصرف في مرافق القطاع العام لم تشارك في صفقة خصخصة سودانير ويبلغ رأسمال شركة الخطوط الجوية السودانية المدفوع 250 مليون دولار، والمرخص به مليار دولار .
تقرير:أيمن المدو
صحيفة آخر لحظة
(( هذا التدهور ام سوء التقدير الحكومي بالخروج من قطاع الطيران مبكرا هو من ادي الي هذا التدهور المريع ))…… هذا التدهور المريع السريع سببه الحكومة والدليل على هذا الكلام أين شركة الصمغ العربي؟ أين شركة الأقطان السودانية؟ أين مشروع الجزيرة ذلك المشروع الذي بدأ عملاقاً منذ الثلاثينيات وبدأ ينهار في التسعينيات أيضاًكما كل المؤسسات المذكورة كذلك تدهورت بفعل فاعل
وكان ذلك التدهور هو السبب في أن الشعب السوداني لا أكل مما يزرع ولا لبس مما يصنع.
وذلك الإغتيال ، تم بالتجاهل مرة و الإهمال المُتعمّد ، ونذكر أيضاً السكة الحديد ذلك الشريان الذي كان يُغذي السودان بمنتوجاته من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه .نعم شماعة المقاطعة كانت موجودة ولكن سكاكين الذبح كانت تُسن للإجهاز على تلك المؤسسات العملاقة وبسوء نية أحياناً.
وحين تسنم إدارتها مؤخرًا أحد الرجال الأكفاء الذين يتصفون بدرجة عالية من النزاهة والتجرد (عبدالمحمود سليمان) أجبرته معوقات وزارة النقل، وصرامتها في قراراتها غير الراشدة، وعدم توفيقها في الحكم على العاملين بالشركة إلى تقديم استقالته غير نادم على منصبه، مع العلم أن الشركة تمكنت خلال عامين في إدارته لها من تسرب بعض الأكسجين إلى رئتيها، وأن تستعيد بعض عافيتها بشهادة كثير من المعنيين بالأمر، ولكن يبدو أن النزاهة لا بد من أن تصطدم برياح تقتلعها من جذورها.