د. حسن التجاني : المخدرات وخوف الوالدين
> خوف عجيب يسيطر على كل والد ووالدة على قيد الحياة من أن تجد المخدرات طريقها لابنائهم سهلاً معبداً بمفهوم أصدقاء السوء الذين انتشرت المخدرات في أوساطهم انتشار النار في الهشيم.. وأصبحوا يشكون مر الشكوى من تعاطيها حتى وسط الاحياء الآمنة. > المخدرات أكثر أنواع التجارة ربحية وأكثرها فتكاً وخراباً ودماراً للمزارع والتاجر والمروج والمتعاطي.. طالما هناك شرطة مكافحة وأثر سلبي للتعاطي. > والمخدرات أكثر مزارعها نجاحاً في غرب السودان.. وسبحان الله الذين يزرعونها «يحشون» بعض شجرها صانعين مربعاً في المزرعة يجعلونه مصلىً لهم يؤدون صلواتهم فيه متى نادى المنادي: حي على الصلاة.. ربما حسب تفكيرهم السالب أنه لم يرد نص واضح في القرآن يحرم المخدر كما الشأن في الخمر.. ولا يدرون أن المخدرات أكثر فتكاً بالعقل وخطورة من الخمر، لأنها تتلف العقل وهو أهم النعم التي أنعم الله بها على خلقه. > لا أدري ما هي أسباب ارتفاع بلاغات القبض على المخدرات بكميات كبيرة كل شمس صباح تشرق وتغرب.. ومازالت الكميات تترى دون نقصان.. سؤال يطفر مباشرة وهو.. هل يمكن تجفيف مزارع الانتاج ووأدها قبل أن تنمو وتزهر وتقطف وتقطر وتصنع فتصير «بنقو» تتخطفه الايادي العطشى من أوساط الشباب.!؟ > العمل في المكافحة يقوم أساساً على المصادر التي تنتشر في كل مكان وجد فيه الانسان.. لذا تقدير المصدر ومنحه اعتباره هو جزء أصيل جداً من نجاح المكافحة.. لكن ليست المكافحة التي تأتي بعد التصنيع لتكون جاهزة للتوزيع، فهذه جعل لها التجار حيلاً كثيرة على تمريرها من المكافحة حتى لو كلفهم ذلك حياتهم.. لأن عائد المخدر أعلى من البترول.. إذا لم يكن الاتجار فيه حراماً.. فتعاطيه أكثر حرمة وأخف عقوبةً بمنظور القانون بين المتعاطي والتاجر والمروج. > الآن الازعاج في وسط الأسر حقيقي وارد.. وأصبح التعاطي «على عينك يا تاجر».. وهذا بالتأكيد ليس قصوراً في آلية المكافحة الرئيسة وهي الشرطة، إنما في الجوانب الأخرى كالاسرة والمدرسة والجامعة والشارع العام.. وضعفها البائن وقلة حيلتها في الرقابة والمراقبة.. بل المتابعة والحسم.. الذي يحير حقيقة أن هناك لجنة قومية عليا ناشطة في المكافحة أو هكذا ينبغي أن تكون ناشطة.. لكن للأسف دورها يقتصر على كثرة الأسفار وضخامة الأصفار.. ولم تظهر أثراً إيجابياً يحسب لها. > وإني لا أرى لها أهمية أن تظل باقية في ظل وجود الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، فإني أكره الترهل في مفاهيم الادارة، فإنه خيبة فلاح. > يجب أن نوحد مفاهيم المكافحة حتى لا تنطلق مسميات خبراء المخدرات وتملأ سماوات السودان وهماً وخيالاً خائباً.. فعقول الشباب نحتاجها أسرة ووطناً ومستقبلاً. > والله أخشى عليكم من إهمالكم هذا أن يدخل عليكم ابنكم يوماً وهو يحمل في يده «سيجارة خدرا» «بابور» أو كما يسميها «المحششاتية».. فتلومون أنفسكم.. وحينها لا ينفع الندم.. بالمناسبة ما كنت أود الحديث كثيراً.. لكن المخدرات أصبحت واقعاً معاشاً.. والدكتور أسامة عميد كلية العلوم الإدارية بجامعة افريقيا وجدته يومها مهموماً ومستغرباً لما آل إليه حال الشباب في أحيائهم المجاورة من تعاطٍ للمخدرات ودون وجل.. فبعث فيَّ روح الإصرار على الكتابة وإن طال السفر، أو كما يقولون صنعاء وإن طال السفر، بمناسبة وجودونا في حضرة يمنيين من اليمن بمنزل البروفيسور سوار الذهب أحمد عيسى، يوم أن ناقشنا هذه المشكلة الكارثية، ففي اليمن «القات» وفي السودان «البنقو».. والاثنان دمار للعقل والجسد. > كان مد الله في الأيام سنكتب مراراً وتكراراً حتى ندمن الحديث «بنقو وقات». إن قُدِّر لنا أن نعود..