الدواء فى اسواق ام دفسو وفجغتني
أثار بعض نواب البرلمان قضية وجود كثير من الأدوية معروضة في أسواق الله أكبر مثلها مثل المعروضات التجارية الأخرى، فباتت توجد في أسواق أم دفسو وفجغتني ودنقر شيل وما شاكلها من أسواق شعبية، وليس الصيدليات مكان وجودها الطبيعي، ففي تلك الأسواق الشعبية التي لا يحكمها ضابط ولا تتحكم فيها محلية وخاصة في بعض الأرياف، تجد أن كل شيء متاح ومباح حتى (المريسة) تحتل مكانها بين المعروضات لذة للشاربين، وتجد فيها من يجمع بين التجارة والصيدلة يبيع (الكول) و(المرس) جنباً إلى جنب كبسولات المضادات الحيوية وراجمات الملاريا، وآخر يمارس الطبابة إلى جانب التشاشة، فتجد عنده العقاقير البلدية من عروق وقرض وحرجل وخلافها وأكوام البصل والتوم والشمار وما شاكلها، وثالث يمزج بين عمل الحلوانية وتجارة السلاح، من أراد النبق والدوم والقضيم واللالوب يجده عنده، ومن أراد الجبخانة فالمخلاية مليئة بأشكال وألوان منها، ورابع يزاوج بين العطارة والكيف تفوح من محله رائحة النشوق والتمباك، وهي مختلطة بروائح فليردمور والريفدور و(ون مان شو) الذي كان يهتف باسمه مشجعو هلال مريخ، حين يغلب الأول الثاني كان لابد أن تلتقط أذنك هتاف (ون مان شو المريخ رشو) والعكس صحيح، وهكذا يختلط الحابل بالنابل والمنتهي الصلاحية بالساري المفعول في هذه الأسواق العجيبة، التي تعج بالباعة والشارين والشاربين والمشردين والمتبطلين والمتفرجين ومن يقصدونها لأهداف خبيثة وخسيسة..
حكى لي أحد المعارف عن واقعة حقيقية عاشها بنفسه في إحدى المدن الولائية التي زارها لغرض يخصه، قال شعرت نهار يوم جمعة بشيء من الزكام المصحوب بحمى خفيفة، فقصدت السوق علني أجد أجزخانة فاتحة، ولكن خاب أملي حيث وجدت الأجزخانتين الوحيدتين مغلقتين، سألت أحد الخفراء عن ما إذا كانت توجد أجزخانة بأحد أحياء المدينة الصغيرة، نفى الخفير وجود أي أجزخانة أخرى غير تينك اللتين في السوق، وواصل الحديث مشيراً بيده إلى إحدى الرواكيب وقال لي هل ترى تلك الراكوبة، أجبت أن نعم، قال اذهب إلى الترزي الذي يشغلها وأسأله حاجتك، ففي الغالب ستجدها عنده، قصدت الراكوبة وسألت الترزي حاجتي لمضاد حيوي، أزاح الترزي العراقي الذي كان يشتغل عليه جانباً وجذب كرتونة قابعة إلى جانبه وأخرج من جوفها عدداً من المضادات الحيوية وبسطها أمامي، وقال اختر ما تريد، وهنا تبرز قضية أخرى للدواء عطفاً على الحكاية عاليه، وهي حكاية كثير من الصيادلة الذين دأبوا على الجمع بين وظيفتين هما وظيفتي الطبيب والصيدلي في آنٍ معاً، يقصد المريض الصيدلية ويشتكي للصيدلي من ما يعانيه، فيحدد له الصيدلي علته ويصرف له الدواء بناءً على تقديره، وهذه الممارسة رغم خطئها وخطورتها إلا أنها شائعة ومنتشرة، ولعل ما ساعد على تفشيها ارتفاع فيزيتات الأطباء، فصار كثير ممن يعانون أي ألم يقصدون الصيدلية رأساً ولا يتورع الصيدلي من وصف الداء ومناولة الدواء.