نازك يوسف العاقب : الهجرة
تناولت موضوع الهجرة إلى الخرطوم قبل اليوم ولكن أعيد هذا الموضوع مرة أخرى بمناسبة الازدحام الذي صار في العاصمة التي في يوم سيكون السودان بلداً واحداً اسمه الخرطوم للامتداد الكبير الذي حدث في العاصمة التي امتدت شمالاً قرب شندي، وغرباً (قربت) من الأبيض، وجنوباً (التصقت) مع ولاية الجزيرة،
وكل هذا له أدوار سلبية على حياة المواطن الوافد أو الموجود أصلاً.
نقول إن هذا يعتبر مؤشراً خطيراً لما تفرزه الهجرة على الدولة والمجتمع بشكل خاص،
إن للهجرة أسباباً عدة، منها البطالة، الجفاف، الحروب وعدم وجود الخدمات، وكل هذا يرجع للدولة، لأنها ركزت توفير الخدمات في المدن الكبرى أو بالأصح في ولاية الخرطوم فقط، لذلك نرى أن الأحياء الطرفية في الولاية تعاني العطش والجوع وغيره.
إن ولاية الخرطوم يعد الوافدون إليها كل يوم بمئات الآلاف، وهذا الأمر سبب تبعثر العائلة، وحرمان الإنسان من التمتع بالتجمع العائلي المتين، فالسعي لجمع المال ونحوه كان وراء ذلك.. وأيضاً تبرز بعض الظواهر السالبة مثل الجريمة وتفشي بعض الأمراض.. ونقول لا بد للدولة من وجود معلاجات حتى تساعد في الهجرة العكسية، منها تنمية المناطق الريفية اجتماعياً وثقافياً وتعليمياً وصحياً وخدمياً، إشراك المزارعين بكل ما يتعلق بتطوير وتنمية الريف، لأنهم أصحاب المصلحة الحقيقية في ذلك، توسيع مساحة الأراضي الزراعية عن طريق استصلاحها ووقف عملية التصحر.. تنسيق أفضل بين مؤسسات التخطيط المركزي والمؤسسات المحلية لوضع خطط تتعلق بتنمية وتطوير الأرياف.. تخفيف الضغط على المدن الكبيرة، وذلك بتنمية المدن الصغيرة والمتوسطة لاجتذاب فائض سكان الأرياف.
قرأت أحد التقارير والذي يقول إن ترشيد تيارات الهجرة وفق خطط مدروسة بحيث تصبح هذه العملية منسجمة مع التطور الاقتصادي والاجتماعي ومع حاجات المدن للأيدي العاملة، ففي هذه الحالة ستكون فوائدها أكثر من مضارها.
يبدو أن معدلات الهجرة الريفية الحالية سوف تستمر في الدول النامية، وما يصاحب هذه العملية من مشاكل وضغوط اقتصادية واجتماعية لا تستطيع المدن تحملها، لأن هذا النوع من الهجرة هو الأكثر على الإطلاق.