السائقون والأسفلت في قفص الاتهام كوستي- الأبيض.. الموت يرصف طريقاً جديدًا
مصرع وجرح ألف مواطن بطريق الإنقاذ الغربي
وزير الداخلية: الحوادث نتيجة لتأخُّر إسعاف المصابين
مدير مرور كوستي: تأهيل الطريق أسهم في تراجع نسبة الحوادث
معتمد أم روابة: ما هي معايير ترخيص البصات والطرق متردية
“أحمد مات بتين”، قالتها فاطمة وهي بين مصدقة ومكذبة نبأ وفاة ابنها البكر احمد الذي طبع على خدها في الساعات الأولى من الصباح قبلة، ومقبلاً يدها طالباً منها الدعاء بالتوفيق في الامتحانات، ولم يكن كلاهما يدرك أن تلك القبلة الصباحية هي آخر لقاء بينهما، فأحمد الطالب الجامعي بالخرطوم تحرك من الفاشر في الساعات الأولى من الفجر، وعندما اقتربت الساعة من العاشرة صباحاً وصل نبأ استشهاده في حادث حركة أليم بطريق الأبيض كوستي إلى أسرته، وهذا ما جعل والدته المكلومة تردد”أحمد مات بتين” في إشارة منها إلى أنه كان معها قبل ساعات، وإذا كان طريق الخرطوم، مدني قد حمل اولاً لقب طريق الموت، وذات اللقب تم إطلاقه على طريق الخرطوم، عطبرة والخرطوم، ربك، فإن طريقًا رابعاً يربط بين حاضرة ولاية النيل الأبيض كوستي وعروس الرمال مدينة الأبيض بات أكثر رعباً لمرتاديه من سائقي المركبات والركاب على حد سواء، وفاجعة بص الرهد الذي احترق قبل يوم من نهاية أسبوع المرور العربي وقضى فيه أربعون شخصاً نحبهم جدد الآلام والجراحات وأعاد الحديث إلى السطح حول ضرورة معرفة أسباب الحوادث المرورية الكثيرة في هذا الطريق الذي يربط وسط البلاد بغربها.
خروج عن المألوف
من المألوفات التي تميز أسبوع المرور العربي في السودان التواجد الشرطي المكثف لأصحاب البزات العسكرية البيضاء في كل الطرقات السريعة والداخلية وهم يوزعون الابتسامات مقرونة بتنبيهات وكلمات توعوية، ولاختفاء إيصالات الغرامات فإن سائقي المركبات يبادلونهم ذات الابتسامة، والغريب في الأمر أنهم يكونون أكثر حرصاً على عدم مخالفة القانون وارتكاب مخالفات مرورية، ولكن هذا العام جاءت الرياح على عكس ما يشتهي المحتفلون بأسبوع المرور رسميين وشعبيين، وذلك حينما وقع حادث حركة أليم بطريق كوستي الأبيض بالقرب من مدينة الرهد راح ضحيته أربعون مواطناً، وكان وقع الخبر مثل الصاعقة على الجميع، والحادث الأليم يأتي امتدادًا لحوادث متعددة وقعت في هذا الطريق الذي يعتبر جزءا من طريق الإنقاذ الغربي.
وتشير إحصاءات رسمية الى وفاة وجرح نحو ألف مواطن خلال أربعة أعوام بالطريق الغربي، حيث شهد العام 2013 وفاة 60 شخصاً وجرح 145 شخصاً، أشهرها مصرع 8 أشخاص وإصابة 25 آخرين في حادث انقلاب بص سياحي بالقرب من مدينة الأبيض، وأرجع مصدر من شرطة المرور بالولاية وقتها سبب الحادث إلى السرعة الزائدة من السائق، وفي العام 2014 ايضًا لقي120 مصرعهم فيما تعرض 127 مواطنا لإصابات متفاوتة، وفي حادثة اخرى انقلب بص سياحي في منطقة أبو الغر “20 كيلو شرق الأبيض” مما أدى إلى مصرع 3 مواطنين وإصابة 20 بإصابات مختلفة، وشهد العام 2015 مصرع 11 وجرح 12، أما هذا العام فيعتبر الأكثر كارثية على طريق الأبيض كوستي حيث شهد خلال ثلاثة أشهر ثلاثة حوادث مرورية خطيرة راح ضحيتها 61 وجرح 67 بجروح متفاوتة، حيث كان أولها في6 أبريل المنصرم عندما لقي 13 شخصاً مصرعهم وأصيب 36 آخرون بجروح متفاوتة، وذلك عندما اصطدم بص سياحى يتبع لشركة عرجون قادماً من الفولة في غرب كردفان بشاحنة قادمة من الأبيض تحمل ذرة متجهة إلى كادقلي وذلك بالقرب من منطقة رياش 50 كيلو جنوب الأبيض، وآخر حادث وقع قبل أيام بالقرب من مدينة الرهد أبو دكنة في منطقة أبو الغر عندما اصطم بص سياحي قام من الخرطوم مع شاحنة قادمة من الأبيض حيث أدى الحادث لحرق 40 مواطناً وجرح 6 آخرين نقلوا إلى مستشفى الأبيض.
السرعة الزائدة
ويرى الكثيرون أن معظم الحوادث ناتجة عن التخطي الخاطئ والسرعة الزائدة. وهناك من اتجه اتجاهاً آخر حيث أرجع سبب كثرة الحوادث إلى ضيق شارع الأسفلت والمطبات التي يحاول السائقون تجنبها خوفاً من إحداث عطب بالمركبات مما يؤدي إلى الحوادث.
وفي هذا الصدد قال وزير الداخلية إن 70% من المركبات غير مرخصة وأضاف بأن قرار رفع الدية سيؤثر سلباً وسيقلل عدد العربات المرخصة، مؤكدًا أن حالات الوفيات تتضاعف بالطرق القومية نتيجة لعدم وصول الإسعاف لموقع الحادث بالسرعة المطلوبة، وقال إن عدد المركبات في زيادة مستمرة وإن الطاقة الاستيعابية للطرق ثابتة، وأضاف: (بعد شويه ما عارفين الناس بتمشي كيف في الشوارع)، مطالباً بتحسين الوضع المعيشي لشرطي المرور، وقال إن عدداً كبيراً منهم مصابون بأمراض مزمنة، وأكد ضرورة وجود إسعاف جوي لإنقاذ حياة المصابين بالطرق القومية، مشيرًا لانخفاض نسبة الحوادت المرورية بالبلاد خلال السنوات الثلاث الماضية، وأضاف أن إدارة المرور تعلم بالمناطق الخطيرة بالطرق والأماكن التي تكثر بها الحوادث، وأشار إلى وجود تنسيق بينها ووزارة الطرق لصيانتها، فيما طالب أعضاء مجلس الولايات بوضع إجراءات صارمة لاستخراج الرخصة ووصفوا بعض السائقين بأنهم غير مسؤولين وطالبوا بأن لا يقل عمر السائق بالطرق القومية عن 40 عاماً وأن يكون حاصلاً على الشهادة السودانية، واتهموا وزارة الطرق بأنها السبب الرئيسي في الحوادث التي يتعرض لها المواطنون لأنها لا تهتم بصيانة الطرق وطالبوا بتخصيص عائدات الطرق القومية لصيانتها.
قلة حوادث المرور
وفي تفسير للحوادث الكثيرة التي بات يشهدها طريق كوستي، الأبيض، يشير مدير المرور بولاية النيل الأبيض العقيد منوفلي، الى أن حوادث المرور تراجعت في الآونة الأخيرة وذلك بسبب التوعية المرورية التي ظلت تنفذ في أسبوع المرور العربي والتي شملت خطبة الجمعة التي وزعت في المساجد ونفذت في خمس محليات بالولاية كما أقيمت احتفالات داخل السجون للتوعية وقدمت في شكل كبسولات كوميدية وكثير من الشركات روجت للأسبوع وأقامت إدارة المرور العديد من الاحتفالات، أبرزها يوم مفتوح بتندلتي وآخر في الدويم وميدان الحرية بكوستي وربك، مؤكداً أن جميعها ساهمت في تقليل حوادث المرور لاسيما طريق الخرطوم، كوستي، وأضاف منوفلي في هذا الإطار بدأت إدارة المرور بالتنسيق مع وزارة الطرق والجسور في تنفيذ الخطة الجديدة التي بدأت بردم طريق لإزالة المعوقات وصيانة طريق الخرطوم كوستي، وأضاف: الآن العمل جارٍ لصيانة طريق كوستي الأبيض وهذا ما ساهم في تقليل نسبة حوادث الطريق عكس العام الماضي الذي شهد العديد من الحوادث، وأضاف منوفلي بأن هذا العام لا توجد به حوادث في طريق الخرطوم كوستي بالعدد المخيف. وكشف منوفلي بأن إدارة المرور وفرت عددا من سيارات الإسعاف بتضافر الجهود مع وزارة الصحة.
عدم مطابقة المواصفات
بالمقابل يرجع معتمد محلية أم روابة أحمد كافي سبب تكرار الحوادث المرورية الى عدد من الأسباب التي وصفها بالمتداخلة، وقد أكد كافي (للصيحة) أن كل الحوادث التي وقعت بالمنطقة كانت خارج حدود محلية أم روابة، مضيفاً بأن الكل يحاول نفي المسؤولية عن نفسه ولكنها مسؤولية مشتركة ما بين الطرق والمرور والمركبات نفسها، وقال المعتمد بأنه ليس متخصصاً في هذا المجال، وأردف: لكن إذا نظرنا للعربات التي تتسبب في الحوادث يجب أن نسأل أنفسنا، ما هي مواصفاتها، ومن أي موديل ونوع البصات نفسها وكيف تم ترخيصها لأن المعطيات الموجودة الآن غير نموذجية، أما إذا نظرنا إلى كل الطرق في السودان نجدها غير مطابقة للموصفات العالمية لأن هناك تصميمات عالمية للطرق غير موجودة مع ذلك يرجع الأمر لقدر الله. على العموم كل الناس شركاء في الذي يحصل الآن.
سلوك السائقين
سألت “الصيحة” مسؤولاً رفيعاً بالإدارة العامة للمرور “فضل حجب اسمه” عن أسباب ازدياد معدلات الحوادث المرورية بطريق كوستي، الأبيض والتي تزامن آخرها مع خواتيم احتفالات البلاد بأسبوع المرور العربي، ففسر الأمر قائلاً: السبب المباشر يعود الى سلوك السائقين الذين لا يلتزمون بالسرعة المحددة، وأقرب مثال للتأكيد على صدق حديثي هذا فإن الحادث الأخير الذي وقع بالقرب من مدينة الرهد كان سببه الأساسي السرعة الزائدة والتخطي الخاطئ من سائق البص السياحي الذي وبعد أن تركت له عربة اللوري الطريق فإنه ذهب في اتجاه على بعد 21 مترا من الطريق رغم عدم وجود منحنى أو مطبات، وقال إن البص السياحي مكتمل الترخيص وهو موديل 2015، وأكد استيفاءه كل شروط السلامة المطلوبة، ولفت الى أن السائق لم يقدر المسؤولية كما أنه لم يجد قراءة تقدير الموقف جيداً، وأردف: إذا كانت سرعة البص 90 كيلو في الساعة وهي المسموح بها إذا لم يقدر السائق المسؤولية بالتأكيد سيتعرض لحادث حركة، وكشف أن طريق الأبيض كوستي ظلت ترتاده الكثير من العربات وعدد من السائقين يقودون عبره سيارات لعشرات السنين ورغم ذلك لم يرتكبوا حوادث، وأشار إلى أنه وبالرغم من ذلك فإن إدارة المرور عملت على تركيب كاميرات المراقبة والرادارات إلا أن الحوادث لم تنته، ويشدد على أن سلوك السائقين هو السبب في كل الحوادث.
تحقيق: آدم القديل
صحيفة الصيحة
مسألة الشوارع السفرية السريعة بين مدن السودان لا ترقى أن يُطلق عليها طرق سفرية ،لأن الطرق السريعة تكون على الأقل بمسارين مفصولين عن بعضهما البعض بجزيرة عرضها على الأقل مترين كما وأن الشارع نفسه يكون عريضاً تمُر فيه الناقلات في مسار والعربات الخفيفة في المسار الثاني ويُلزم سائقي الباصات الكبيرة والناقلات بخط سيرهم دون الدخول في مسار العربات الخفيفة ، هذا هو العلاج الوحيد لتقليل حوادت الموت في شوارع الموت( كان شارع الموت شارع مدني واحد زمان بقوا كم شارع موت) والله يستر على المواطنين من إهمال السائقين والطرق الغير مضمونة بتضيقها وعدم موافقتها للمواصفات العالمية لصناعة الطرق.