د. مصطفى عثمان إسماعيل : كاريزما وصفات القيادة: “الترابي” الشجاع (الذي لا يخشى أحداً غير الله)
مشاهد ومواقف (6)
دكتور “الترابي” الذي عرفته
كاريزما وصفات القيادة: “الترابي” الشجاع (الذي لا يخشى أحداً غير الله)
القيادة عملية مهمة وضرورية لإنجاز أي عمل من خطواته الأولى في التخطيط ثم التنفيذ والتقييم، وهي مهمة تناط بالقائد الذي ينظم ويدير العمل بناءً على أسس شخصية ومؤسسيّة، ويعتبر القائد أحد أفراد المجتمع، ولكن بسبب تميّزه بعدد من الصفات المختلفة عن غيره، أصبح يُسير أمور مجموعة معينة من الأفراد، وقد تكون تلك المجموعة كبيرة أو صغيرة، ويجب أن يتميّز القائد بمجموعة من الصفات الطيّبة والحميدة ليكون قريباً من أفراد مجموعته وأكثر معرفة مما يعانون من مشاكل وتحدّيات.
يعتقد الكثيرون أنّ القائد هو الرئيس ولكن ذلك الاعتقاد خاطئ، فالقائد يتميّز بالحنكة، والذكاء، والقدرة على السيطرة على الأمور والمتغيّرات التي حوله أكثر من الرئيس.
*صفات القائد الناجح
الشجاعة وعدم الخوف إلا من الخالق عز وجل، فذلك يجعل القائد مُقدّماً على كلّ الأمور بروح قويّة مؤمنة بالنصر من الخالق، فهو بذلك يحمي أفراد مجموعته من الأذى الناتج من المجموعات الأخرى، وغالباً هذه الصفة يجب توفّرها إذا كان القائد عسكريّاً، ثم الالتزام، فهو يجب أن يكون متحلّياً بهذه الصفة ويكون صاحب كلمة واحدة ورأي واحد لا يتغيّر بأي من المؤثّرات الخارجيّة، كما يجب أن يلتزم أمام الأفراد الذين يقودهم بتأمين الحماية والأمن لهم.
التفكير العميق قبل أخذ القرارات المصيريّة الخاصّة بالمجموعة، فيجب أن يمتاز بالذكاء والفطنة وأن يكون ذا سياسة سلمية مرغوبة من قبل الجميع، ثم التواصل مع أفراد مجموعته باستمرار، ومعرفة متطلّباتهم واحتياجاتهم المتجدّدة، فذلك يزيد من محبّته ويزيد من تمكّنه للبقاء قائداً لفترة أطول.
التغيّر المناسب حسب كل من الزمان والمكان والتغيّرات التكنولوجيّة والصناعة، فلكل عصر مجموعة من متطلّباته المتغيّرة التي يجب أن تتوافر له، فذلك يزيد من معرفة أفراد مجموعته وبالتالي تقدمهم في العمل.
الاستماع وأخذ رأي الآخرين، فالإنسان غير معصوم من القرارات الخاطئة والتي قد تؤدّي إلى كوارث، لذلك يجب أخذ رأي مجموعة متميّزة من أصحاب العقول المثقّفة والمتعلّمة عند الإقدام على فعل أمر يَخصّ المجموعة، تقديم الفعل وليس الكلام فقط، فالقائد يجب أن يكون ذا شخصيّة واثقة وقويّة قادرة على الكلام ومن ثمّ الفعل، فذلك يزيد من تطوّر المجموعة وتصبح متميزة عن غيرها، عدم الانفراد بالعمل والأنانية، بل يجب توزيع الأعمال المختلفة على أفراد المجموعة، ويجب على كل فرد أن يقوم بالعمل المناسب من طريقة تفكيره ومن خبرته، قادراً على التشجيع وبثّ روح الأمل لدى أفراد المجموعة، فكثير من أفراد المجموعة يكون قد وصل حدّ اليأس ووصل إلى مرحلة اللا مبالاة ليأتي هنا دور القائد في دفعه للأمام وتغيير الأفكار السلبية التي تدور في ذهنه. النشاط والحيويّة وحبّ العمل، فجميعها صفات يجب أن تكون موجودة في القائد الناجح.
القيادة والدعوة إلى الله لا بد لها من صفات تتوفر في صاحبها، إذ أن المواقف والابتلاءات والمزالق التي تعترض طرق القادة والمفكرين والدعاة إلى الله، لا حصر لها ولا عدد وتزداد يوماً بعد يوم ويبقى سلاح العلم والإيمان هو السلاح الأمضى والأقوى والأنفع لصاحبه للسير في هذا الطريق، وعلى الرغم من أن طريق الدعوة إلى الله هو طريق خير وفلاح، إلا أنه محفوف بمصاعب جمة ومكاره لا حصر لها كيف لا وهو طريق الجنة (وقد حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات)، فلا بد من توفر صفات جِبِلِيَة كالشجاعة: الشجاعة صفة ملازمة للقادة ودعاة الإسلام، وإذ نقتدي بشجاعة رسول الله في المواقف الصعبة (كموقف غزوة حنين، وقول أصحابه – كنا إذا احمر البأس نتقي به)، وهي من المستلزمات الأساسية للدعوة والقيادة وإدارة شؤون العباد والأمصار.
وكما أن لكل شيء ميزان، فالشجاعة لها حدود وإلا كانت تهوراً وسفاهة.
وعلى الداعية أن يتحلى بالشجاعة كصفة لازمة ملازمة له، والخوف فقط من الله تعالى.
القوة: القوة من صفات الداعية يسيرها إما للخير أو للشر، ويجب على الداعية المسلم التحلي بالإيمان والخير.
والقوة نوعان: (قوه بدنية، وقوة فكرية).
أما القوة البدنية فقد حث الإسلام عليها ونستشهد بمواقف رسول الله سواء فعلاً أو قولاً، في السنة النبوية، أما القوة الفكرية فتندرج تحتها عدة قوى وهي (التحمل، والإدراك، الصبر، العلم، وقوة التلقي.. الخ)، وحث الإسلام عليها قال تعالى (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً)، وقد أشار إليها الإمام “حسن البنا” في الأصل الأول من الأصول العشرين.
فأين “حسن الترابي” من كل هذه الصفات؟
في الشجاعة “حسن الترابي” أكثر القادة السياسيين تعرضاً للسجن في عهود مختلفة، وقراره بالذهاب للسجن عند تفجر ثورة الإنقاذ الوطني كان لحماية الحركة من احتمال فشل الانقلاب، فاختار أن يضحي بنفسه، صحيح كان هنالك هدف آخر لإبعاد الاستهداف من أول يوم إن اتضح أن الحركة الإسلامية خلف التغيير الذي حدث.
“الترابي” لم يفكر في يوم من الأيام أن يلجأ أو يهرب للخارج ويترك حركته وزملاءه يواجهون بطش الأنظمة، وكم من مرة اقترحنا عليه العمل من الخارج، فهو أءمن وأسهل للحركة لكنه كان يقول السجن أحب إليّ مما يدعونني إليه، كان يقول العمل من الخارج ارتهان للنظام الذي تلجأ إليه وقد يقود للعمالة والخيانة للوطن، وإن نجح التغيير بدعم من الخارج فقد تكون الفاتورة التي تدفعها كبيرة على حساب استقلال القرار الوطني، هذا هو “الترابي” منذ نشأته السياسية وحتى وفاته تضحية بلا حدود، قال عنه الكاتب المفكر “عبد الباري عطوان” الدكتور “الترابي” لا يتميز فقط بعلمه الغزير ولا بإجادته لأكثر من ثلاث لغات عالمية الإنجليزية والفرنسية والألمانية، وإنما يتميز أيضاً بابتسامة لا تفارق وجهه حتى وهو متوجه إلى الزنزانة.
الشجاعة والجهر بما يؤمن به وإن خالفه الآخرون، لا يبالي بالهجوم والنقد اللاذع والتجريح الشخصي. فلنأخذ مثلاً موضوع المرأة، فكر “الترابي” وقضية المرأة واحدة من القضايا التي أظهر فيها “الترابي” شجاعة وتصدياً للهجوم العنيف والمناظرة المباشرة وفي أماكن مكشوفة ومكتظة بالمهووسين والمتشددين من غير حراسة إلا من الله سبحانه وتعالى.
كتب “الترابي” مراجعات مهمة في قضية المرأة في كتاب (المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع)، يؤكد فيها أن “الذكر والأنثى سواء في عدد من الأمور، فهما سواء في الإيمان والتدبر والفقه لآيات الله في الطبيعة والشريعة، وسواء في الزوجية، وسواء في الوالدية، وسواء في الأهلية في شأن المال كسباً وملكاً بالوراثة أو الإنتاج، وسواء في كسب العلم تعلماً وتفقهاً واجتهاداً وتشاوراً”.
لعل أشهر ما قام به “الترابي” في حياته هو محاولته الحقيقية لإنجاز دستور لدولة إسلامية معاصرة، في 1998، وقام بذلك كفقيه دستوري عصري، وأبرز النصوص الداعمة للمرأة التي نص عليها دستور “الترابي” الذي يسمى في السودان بدستور (التوالي السياسي)، حق المرأة في الانتخاب والترشيح لجميع المناصب في المجالس التشريعية والمحلية، بما في ذلك منصب الرئاسة، وكذلك أكد الدستور على المساواة الكاملة بين المرأة والرجل، وأقر بأحقية المرأة في الوصول لأرفع المناصب القضائية، سواء كان قضاءً شرعياً أو قضاءً جنائياً أو قضاءً مدنياً، وقد طرح كل هذه الأمور بشجاعة وحكمة دون خوف ممن أهدر دمه أو ممن كفره واتهمه بالابتداع والزندقة.
في تقديري تسمية الممارسة الديمقراطية بالتوالي السياسي كانت محاولة جادة من “الترابي” لتجاوز سلبيات الديمقراطية الغربية التي خلفها الاستعمار، ديمقراطية قائمة على الصراع في مجتمعات هشة لم تتجاوز بعد التخلف في التعليم والصحة والبنى التحتية وفوق ذلك النزاعات الجهوية المدمرة، ولكننا كما يقول الشاعر: وأمرتهم أمري بمنعرج اللوى **** فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد .
سبحان الله يريد أن يسخت نفسه للتحلل من كونه كان طبيب اسنان فإذا به بقدرة قادر يتحول لوزير خارجية ثم استثمار ثم سفير وأخيرا لا يكتمل الاسم إلا بوضع كلمة استاذ العلوم السياسية بجامعة افريقيا وهو لايدري بمجرد زوال هذا النظام فإن أي شهادة صادرة عن هذه الجامعة ستصبح غير معترف بها. لأن كل من هب ودب لديه شهادة ماجستير أو دكتوراة من هذه الجامعة بالذات
مقال لا طائل منة ولايذكر ،
فالترابي ذهب الي ربة ،وهو وحدة اعلم بحالة وأحوالة .
وماضيعنا في السودان غير التنظير الكتير !!!
اتقي الله يا رجل ولا تزكي على الله احد ،،