الإدارة العامة للحج والعمرة والوكالات.. تصافٍ وتعافٍ..
اعلنت وزارة الإرشاد والأوقاف ممثلة فى الإدارة العامة للحج والعمرة، عن فتح باب التقديم للوكالات والشركات السياحية لتقديم حج الخدمات الخاصة لعام 1437هجرية، وذلك تنفيذاً لقرار النائب الأول الخاص بتجميد قرار الوزارة السابق بإيقاف حج الوكالات، ولما كان قرار الالغاء او التجميد كنا على قناعة تامة بأن الاخوة فى الادارة العامة للحج والعمرة تحديداً هم أكثر تجاوباً فى ايجاد معالجة للازمة، لما يربطهم بتلك الشركات والوكالات من علاقات خاصة ومميزة يستمد منها الطرفان تجاربهما وخبراتهما لتطوير الاداء. ولا شك أن قانون الهيئة «سابقاً» لعام 1997م قد حرص على ان تكون من اهم اغراض انشأ تلك الادارة تقديم احسن الخدمات لراحة الحجاج والمعتمرين وتطويرها، والحرص على ابراز دور السودان الحضارى فى موسم الحج تحديداً، باعتباره مؤتمراً اسلامياً جامعاً، وهدفت الإدارة إلى تحقيق الحج المبرور والعمرة المقبولة، وتشجيع الاستثمار والإدخار لصالح الحاج والمعتمر بالوسائل المشروعة، كما نتابع الآن العمل الجاد والدؤوب فى صندوق الحاج، ووضعت الادارة خطة للتوعية والارشاد، واهتمت بالتعرف على تجارب الدول الأخرى فى هذا المجال، واخذ المناسب والمفيد منها للارتقاء بالخدمات التى تقدم للحاج والمعتمر فى كل عام، وظلت الادارة تدير اعمال الحج مركزياً حتى 1420هـ، وبعدها اعتمدت سياسية حج القطاعات بموجب القرار رقم «514» لسنة 2000م، وقسمت فيه السودان الى ثلاثة قطاعات هى: الشرقى والغربى والقطاع الاوسط، حتى بلغت «9» قطاعات بما فيها القطاع السياحى، وعندها جاءت توجيهات نائب الرئيس استناداً إلى ما ذكره فى ورشة تقويم وتقييم الاداء لحج 1436هـ وهجومه على الوكالات التى حاول اصحابها استعمال الاسلحة المشروعة والطرق لمناهضة القرار، وتأكيدها للدولة سوء الفهم واظهار الوجه المشرق للقطاع الخاص الذى يقتاتون منه ويحرصون على ان يكن حلالاً طيباً مباركاً، فسعى كل الاعضاء إلى الاستفادة من علاقاتهم الخاصة بالمسؤولين والاعلاميين واصحاب القرار، واجتهدوا غاية الاجتهاد، ولم تخذلهم الدولة ممثلة فى اجهزتها الرقابية والتنفيذية والرئاسية، فقد اثبتت جميعها ان هناك مؤسسية واحتكام للعقل والمنطق وحرص على العدالة، وتعددت الاجتماعات بوزير الإرشاد ومدير الإدارة العامة واصحاب العمل والغرفة التجارية وكتاب الاعمدة والصحافيين والدستوريين والبرلمان ورئاسة الجمهورية، وللامانة لم يتردد احد منهم حسب ما قدم من مبررات ودفوعات وتوضيحات عن كل الإخفاق والادعاء والتشويش من قبل بعض المغرضين الذين لا يعجبهم العجب، واكدت شعبة تلك الوكالات حرصها على تقديم الخدمات تشريفاً وارضاءً للحجاج بيت الله الحرام، وحتى الاخفاقات والشكاوى المحدودة لم يمانع تنظيمهم فى الكشف عنها ومعاقبة مرتكبيها بنص القانون وحسب ما متفق عليه فى بنود العقد المبرم بين الحاج والوكالة والادارة نفسها عبر مستشارها القانونى، وذلك حرصاً منها على التجويد، وللامانة فقد كانت نسبة السلبيات محدودة جداً مقارنة بما هو مقدم من خدمات واشراقات اشاد بها القطاع الحكومى المشرف على تلك الوكالات من قبل الإدارة، والذى منح بها الوكالات نسبة 93% من النجاج!! فتراجعك الدولة بقرارها القوى ولم تحس بأنها هزمت بعض مؤسساتها، بل اكدت انها تتعامل مع كل الامور بمصداقية وعدل ورجوع للحق وهى الفضيلة كبرى، ولم يتردد وزير الإرشاد فى توجيه ادارته بتنفيذ موجهات النائب الاول، واصدر قراره باعادة توزيع الحصة من جديد بما يضمن مشاركة الوكالات فى اعمال الحج، وقد سعدت جداً لما قام به الوزير عندما جمع وزراء الشؤون الاجتماعية بكل ولايات السودان بمكتبه وشرح عليهم مستجدات الامور، وتفهمموا ذلك ووفقوا على الفور بتنفيذ طلبه.. وها هى الإدارة العامة تتجاوب وتؤكد أنها تتعامل مع القطاع الخاص حسب موجهات الدولة، وتؤكد انها لم تكن سعيدة بإلغاء حج الوكالات، والدليل على ذلك تجاوبها الفورى فى تشكيل لجنة من خيرة منسوبيها يترأسها رجل عرف عنه الزهد والعدل، ويشاركه فى ذلك اعضاء لهم خبرات طويلة فى هذا المجال ولا تفوت عليهم صغيرة او كبيرة فى هذا المجال، فاعلنت عن رغبتها فى تأهيل تلك الوكالات عن طريق «25» منظماً عبر« 68» وكالة، وقسمت الخدمة الى «4» مجموعات الفئة «أ» الحج المميز واتاحت له «312» فرصة تقدمها «4» وكالات، والفئة «ب» وهى الوكالات ذات الخبرة الطويلة ومنحت لـ «18» وكالة بواقع فوجين لكل، والفئة «ج» وهى الوكالات المتوسطة والقصيرة ومنحت «1620» فرصة تقدم عبر «36» وكالة، واخيراً الوكالات الجديدة فوج لكل وكالة، وهى «10» وكالات باجمالى «450» حاجاً، وطالبت تلك الوكالات المتقدمة باستيفاء الشروط الأساسية من ابراز شهادة التأسيس والتسجيل للشركة والتراخيص السياحية السارية والاشهادات الحكومية كخلو الطرف من الزكاة والضرائب. واشترطت ايضا امتلاك الامكانات المالية والادارية والفنية للقيام باعمال الحج والعمرة، لاسيما الخبرة فى المجال. وفى اعتقادي أن ما تم طرحه يؤكد حرص الإدارة على تقديم اجسام مقتدرة ومؤهلة للنهوض بالقطاع السياحى وتجهيزه واعداده الإعداد الجيد لتولى خصخصة الحج بالكامل فى المستقبل، فالإدارة العامة هى داعم اساسى للقطاع الخاص، وهى التى تتولى الإشراف وتسهيل كل العقبات له، ويكفى ما قامت به عبر لجانها الفنية وادارتها المتخصصة فى معالجة كل الفنيات المرتبطة بفتح المسار الاكترونى العام السابق !! واؤكد حسب متابعتى ان ما حدث سوء فهم واختلاف فى الفترة السابقة بين اصحاب الوكالات والادارة العامة، فقتالهم لم يكن الا نتاجاً طبيعياً لاحساسهم بالظلم الذى وقع، وكاد ان ينهي تجربة اجتهدوا سنين فى تطويرها، ولم يكن للاخوة فى الادارة العامة مصلحة فى الغاء عمل تلك الوكالات، وشعروا ايضاً بالظلم الذى وقع عليهم فى نظرات الاتهام والكلمات المتبادلة التى قد يكون استخدامها نوعاً من الطرق يرونها لإعادة الحق المسلوب بلا تجريح او شخصنة الامور، وقد جلست مع معظمهم واقرت جميع الاطراف بأنها اكثر حرصاً على التعاون والتكاتف، وان ما حدث لم يكن الا سحابة صيف مرت بسلام، متمنين ألا تؤثر فى تقديم الخدمات وانجاح تجربة القطاع، واوكد عبر هذه الاسطر ان السيد وزير الإرشاد قد كان متجاوباً لحد كبير ومتفهم لكل الاشكاليات فى تلك الازمة، وكذلك الإخوة فى الإدارة العامة للحج والعمرة، وقد اثبتوا ذلك بكثير من التنازلات والتعديلات في ما يخص الضمانات المالية ونظام العطاء وعدد الوكالات، ويتعشم اصحاب تلك الوكالات فى مزيد من التجاوب واشراك اكبر عدد منها، فالعام الماضى كانت «84» وكالة عبر «35» منظماً، والدولة تسعى لتنفيذ قرار مجلس الوزراء رقم «106» بتدريج خروج الدولة من اعمال الحج، وبالتالى نتمنى ان يزيد عدد المنظمين عن العام السابق، وألا يقل عن «35» منظماً، وكذلك عدد الوكالات، فهناك اكثر من «120» وكالة مؤهلة. والوكالات التى عملت فى الحج ولها اكثر من ثلاث سنوات خبرة اصبحت جاهزة لتقديم افضل الخدمات، فلماذا نحرمها من المشاركة طالما انها ستعمل عبر منظم تقدم عن طريقه الخدمات حسب الخبرات؟؟ اما ملاحظتى الاخيرة فهي ان الادارة اتاحت الفرصة لـ «10» وكالات جديدة بواقع فوج لكلٍ، ولطفاً اخى الوزير طالما انكم تحرصون على انجاح التجربة فليس من العدل ان يخرج من لديهم خبرات طويلة لضيق الفرص المحددة فى المجموعات وتستوعب وكالات جديدة بعدد كبير، فهذا يفقدها النجاح المتوقع ويحرم من هم احق منها وافيد فى تقديم الخدمات. واختم حديثى بأن الأزمة بين الوكالات والإدارة العامة للحج والعمرة قد أتت بفوائد ومكاسب كبيرة، أكدتها وزارة الإرشاد باتاحة الفرص المتعددة للمكتب التنفيذى لشعبة الوكالات وممثليها الذين جلسوا مع الوزير لأكثر من مرة، ولم يتردد فى موافقته على كل مقترحاتهم، وكذلك الادارة العامة التى خصصت لجاناً محترفة وقوية لتأهيل الوكالات حسب الشروط المطلوبة، وبالتالى نستبشر خيراً بأن يكون هذا العام مميزاً فى عمل الوكالات، وذلك بالتصافي والتعافي مع الإدارة العامة للحج والعمرة، والأمنيات بنجاح منقطع النظير يؤهل كل الوكالات لتقديم خدمات الحج.
بدر الدين عبد المعروف الماحي
الانتباهة