محمد لطيف : هل هذه.. أخلاق الأساتذة؟! 2
(لا أستخلص قوة أو ضعف موقف مأمون حميدة من قوة أو ضعف ما ورد في “الزلزال” و في أعمدة مزمل أبو القاسم فقط وإنما أيضا من قوة أو ضعف مقالات وأعمدة المدافعين عنه).. هذه العبارة الموجزة الموجعة المعبرة عن الظاهرة التي نحن بصددها أطلقها الكاتب الساخر أو أحمد رجب السودان المهندس حسين ملاسي.. فلم أجد أصدق منها تعبيرا حين طالعت مقالا للدكتور صلاح محمد إبراهيم بعنوان (القانون لا يسمح بنشر المستندات الحكومية المسروقة).. وكل من يقرأ المقال.. وحتى من لم يقرأ المقال ولكنه على علم بأين يعمل صلاح محمد إبراهيم.. أو حتى أين يكتب صلاح محمد إبراهيم لأدرك فورا.. أن المقال ما هو إلا محاولة مستميتة للدفاع عن الدكتور مأمون حميدة وزير الصحة ولاية الخرطوم.. وتبرير لتلك التجاوزات المتلتلة.. التي يبدو أنها (تلتلت) حميدة وأعوانه فصاروا يتخبطون في البحث عن مخرج.. ويبدو.. أيضا.. أن أستاذ التشريعات الإعلامية قد تفتقت عبقريته عن هذه المساهمة البئيسة.. التي تؤكد لكل من يتأملها مقروءة مع ملاحظة ملاسي أعلاه.. يدرك فورا أن أزمة حميدة قد بلغت عنقها.. في انتظار قرار الرحمة فقط.. فالمقال يخصم من الوزير ولا يضيف إليه.. فالتشكيك الشكلاني يثير غبارا كثيفا حول الموضوعي.. ويعزز من صحته.. فهو.. أي الموضوعي.. كان ينبغي أن يصوب إليه المدافعون سهامهم إن كانوا يملكون دفعا!
وقبل الخوض في ما كتبه أستاذ التشريعات الإعلامية موضوعا.. فلنفنده شكلا.. فمثل هذه الحجة التي ساقها صلاح محمد إبراهيم حول عدم قانونية نشر وثائق مسروقة لن تسعف مخدمه بأي حال.. ربما يكون مثل هذا الدفع.. مقبولا في محكمة.. أقول ربما.. لأن هناك سوابق أيضا تؤكد أن المحاكم السودانية قد رفضت طعنا في عدم شرعية الحصول على الوثائق وقضت بحق الطاعن فقط بعدم صحة الوثائق أما كيف حصل عليها المشكو ضده.. فليس من شأنه.. ومع ذلك نقول إن مثل هذا الدفع يمكن أن يكون مقبولا أمام قاضٍ طبيعي.. على الأقل كخطوة قانونية يمكن اللجوء إليها لإرباك الخصم.. ولكن قد فات على أستاذ التشريعات الإعلامية أن صحيفة اليوم التالي الواسعة الانتشار قد قادت الوزير للوقوف أمام محكمة الرأي العام.. وهي محكمة إيجازية في حقيقة الأمر.. لا تخضع للإجراءات الشكلية والطعون الاحترازية.. ولا تفوت عليها وسائل التكتيك والمراوغة التي يمارسها المدافعون عن الباطل.. محكمة الرأي العام.. وأستاذ التشريعات الإعلامية ينبغي أن يكون أول من يعلم.. تصدر حكمها فور الاطلاع على الوثيقة.. وتصدر حكمها على ضوء اطلاعها هي.. لا اطلاع المدافعين وتبريرات المداهنين.. إذن، دفع صلاح محمد إبراهيم.. أستاذ التشريعات للأسف.. مرفوض شكلا لدى محكمة الرأي العام.. وهي المحكمة التي تحتكم إليها الصحف الواسعة الانتشار مثل صحيفة.. الزلزال.. والتي تصدر عن شركات محترمة.. وليست دكاكين.. وليست الصحف التي تدبج منشورات التحريض ضد الصحف.. فـ(تأمل) في مأزق أستاذ التشريعات الإعلامية يا ملاسي..!
قصة التحريض هذه وقصة تسليم الطلبة بربطة المعلم نعود إليها بالسبت.. لنؤكد فقط أن أخلاق (التمكين) وأخلاق (التحريض) مشربها واحد..!