ماجد المطيري : لاتيه وموكا وكبتشينو
نظريات نيوتن كلها تقول إن كل سبب له مسبب، فلا يظهر الشيء من العدم، ولكل قوة ردة فعل مضادة لها في الاتجاه، هذا الكلام لم يعد “ماشي” حاليا بعد ظهور نظريات الفيزياء الكمية، وما هي الفيزياء الكمية التي قلبت كل قوانين الفلسفة رأسا على عقب؟!
أغلب ما تراه غير موجود عزيزي القارئ من حولك، فعلا غير موجود على مستوى العالم “التحت الذري”، وقد أثبتت الدراسات العلمية ذلك، فأغلب الذرة التي يتكون منها كل شيء في العالم فراغ، هي فراغ.
والأدهى والأمر من نظرية أن الدنيا كلها فراغ من حولك، هي النظرية التي تقول إن الذرة نفس الذرة يمكن أن توجد في مكانين مختلفين في الوقت نفسه! فالكون الذي تراه قد تكون له أكوان مشابهة له متوازية!
يشرح أحد العلماء معنى نظرية العوالم المتعددة، أنك لو دخلت مقهى وطلبت مشروب “لاتيه”، فهناك نسخة أخرى منك دخلت وأخذت كوب “كبتشينو”، ونسخة ثالثة دخلت واختارت “موكا”! فأنت مقسم إلى نسخ عديدة من ذرات عديدة موزعة في كل مكان في العالم.
قد يقول البعض هذا كلام فارغ، هذا كلام ينافي المنطق الذي هو أساس العقل الإنساني، وسيقول أحدهم إننا سوف ننقض هذه النظرية بالمنطق، فالمنطق ينفي هذه النظرية، ويقول لماذا لا أقابل النسخ المختلفة إذن؟ لماذا لا أتواجد فعلا في مكانين مختلفين في الوقت نفس؟ نقول فعلا هذا ينافي المنطق، فلا يمكن أن تكون كل الخيارات في الوقت نفسه متاحة، وهذا مستحيل، ولكي نوضح الصورة أكثر لنرجع إلى المقهى!!
لماذا أنت تمسك بقهوة “اللاتيه” وتجلس في المقهى؟ الجواب لأنك اخترت هذا الاختيار، فهناك خيار واحد في العالم المادي هو الذي اخترته، أما الخيارات الأخرى كلها موجودة في عالم الذرة التي كان احتمال أن تقوم بها واردا، لذلك هي موجودة هناك.
والغريب أن هناك قولا مأثورا في التراث الإسلامي يؤيد هذه النظرية، فعن ابن عباس، رضي الله عنهما، أنه قال: {الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن}، قال: (سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم، وآدم كآدم، ونوح كنوح، وإبراهيم كإبراهيم، وعيسى كعيسى).
والغريب أن العلماء يبحثون عن الاستفادة من هذه النظرية فعليا من خلال الانتقال إلى تقنية بلا وسيط، لكي يستطيع الإنسان أن يوجد في مكانين في الوقت نفسه مستقبلا.
ليس دائما علينا أن نتبع المنطق، فهناك أمور تتجاوز حدوده ويجب أن نؤمن بها، يقال إن رجلا مجادلا من المناطقة ذهب إلى رجل دين وقال: أنا أشك في كل شيء، لا يوجد شيء ثابت، حتى وجود الله أشك فيه، وحين خرج من عند الشيخ وجد حماره قد سرق، فرجع إلى الشيخ مرة أخرى وقال: سرقوا حماري! فقال له رجل الدين أنا أشك أنك أتيت به، أو أن أحدا سرقه.