لا شيء اسمه عنف طلابي.. هذه جريمة
مثل هذه الأحداث المأساوية التي تقع في الجامعات وتتسبب في موت طلاب وإصابة آخرين ليس من السهل أن تختزنها ذاكرة الوطن بكل هذا الغموض والتغبيش على حقائقها وحيثياتها ومسؤولية الدماء الطلابية التي تهدر والأرواح التي تضيع فيها لينتهي الخبر عند مينشيت يحال في مهده إلى ركن التناسي (مقتل طالب – وفي رواية طالبين – وإصابة عشرات في أحداث عنف بين الطلاب في جامعة كردفان وتعليق الدراسة) .
ساحات الجامعات ليست حلبة مصارعة حين تنفلت فيها السيطرة على جولة من جولاتها، يطلق الحكم صافرته بإنهاء هذه الجولة على ما هي عليه من فوضى دون إدانة لأحد قبل أن تعود الحلبة لاستئناف اللعب لاحقا.
(العنف الطلابي) ليس مصطلحاً تبريرياً لجرائم القتل العمد التي تتم مع سبق الإعداد والنية في ارتكابها.. و(العنف الطلابي) لا يعفي السلطة من التحقيق الجنائي الدقيق واستجلاء الحقائق وتحديد دائرة الاشتباه والاتهام وتتبع خيوط الجريمة للوصول إلى الجاني الذي ارتكب هذه الجرائم .
استخدام الرصاص الحي في مواجهات طلابية وحمل أسلحة نارية داخل هذه الساحات يعني توفر نية جنائية مسبقة من حامل هذا السلاح الناري لاستخدامه وتوجيهه للخصم السياسي الذي يواجهه وبالتالي لا يوجد شيء اسمه عنف طلابي واحتكاك بين الطلاب في ساحة يسقط فيها قتيل أو قتيلان بالرصاص الحي وعشرات المصابين بعضهم ربما مصاب أيضاً بطلقات نارية كانت تستهدف حياتهم.. بل توجد جريمة مستوفية الشروط.
صحيح أن معرفة الجاني تتطلب تحقيقاً شاملاً ودقيقاً حول الحادث يشمل جميع الأطراف التي كانت تحمل سلاحاً في موقع الحدث سواء أكانوا طلاباً أو عناصر شرطة أو أية جهات أمنية أخرى أو جهات متسللة إلى موقع الحادث لتنفيذ هذه الجريمة.. لكن الوصول الى الحقيقة أمر غير مستحيل.
ففي الأحداث المأساوية التي وقعت في جامعة كردفان أول أمس لو طالعنا بيانات الجهات المعارضة للحكومة فسنجدها تتهم جهات حكومية أو تنظيمية محسوبة على النظام بارتكاب جريمة القتل وإطلاق الرصاص الحي، ولو طالعنا بالمقابل موقف الإدارة وحكومة ولاية شمال كردفان فسنجدهم يدينون الحادثة ويتأسفون وربما يتهمون جهات أخرى متسللة بغرض ارتكاب هذه الجريمة باعتبار أن الشرطة والسلطة هما المتهم التقليدي في مثل هذه الاحداث وإدانتهم تحقق أهدافاً لأطراف مناوئة لهم ..
وبالتالي الأمور ملتبسة تماماً ومياه مثل هذه الأحداث هي بالطبع مياه عكرة وطالما أن القضية ترتبط بصراع سياسي فقد تكون هناك فائدة من هذا العنف واستخدام القوة يحققها صاحب السلطة في السيطرة على الأمور ويحققها المعارض بإدانة صاحب السلطة بأنه يزهق أرواح المواطنين والطلاب ليحافظ على سلطته.. وبالتالي فإن جميع الأطراف هي صاحبة مصلحة في استخدام العنف وإثارة الفوضى التي أدت إلى هذه المأساة وليس عدلاً أن نجزم بإدانة أي طرف إلا على ضوء معلومات وتحقيقات عادلة تحيل مرتكب هذه الجريمة أياً كان هدفه إلى حبل المشنقة فهو لا يستحق الحياة .
خالص العزاء لأسر ضحايا مأساة جامعة كردفان وفي انتظار الحقيقة والقصاص .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.