هاشم كرار : دبلوماسية الانفجار الرقمي!
أول كتاب، من أي كاتب، يحمل رائحة المولود.
حين، استلم صاحبي الصحفي فيصل خالد أول نسخة من كتابه- الدبلوماسية الرقمية- استبدت به حالة استقباله لأول مواليده في هذه الدنيا.
قال لي ذلك.
وتخيلته، وهو في تلك الحالة، تشهق عيناه بالفرحة وحب الاستطلاع، وهو يحمله بين يديه، يتشّمه، وهو يرى فيه ذاته.. امتدادا لوجوده، بعد أن تتم الأيام.. تلك المعدودة!
المواليد، ظلال الآباء والأمهات، على الأرض، بعد أن تغيب ظلال العمر، ولو طال،
وكذا الكتب..
أي من الكتّاب، دخل في ذات الحالة التي دخل فيها، صاحبي فيصل، ولا أستثني هنا صاحبي الصحفي محمد عوض، الذي يتهيأ الآن لاستقبال مولوده الكتابي الأول، الذي دخل في شهر تكوينه التاسع.
صاحبي ودالعوض، إذن سيصير أبا- من نوع آخر- برغم أنه قد ضربه الكبر عتياً، وبرغم ما في عقله الآن من سؤال، هو من شاكلة سؤال نبينا زكريا، عليه السلام!
الدبلوماسية، ثقافة.. وصناعة.. وأساليب عرض وطلب.
كانت- إلى ما قبل انفجار الثورة الرقمية- تحتفظ لنفسها بمسافة، من عامة الناس- تظل بلغتها المحسوبة بميزان الذهب، وابتساماتها المعلبة، وكرافتاتها المربوطة بعناية فائقة- بعيدة عنهم، في الصوالين المغلقة، تلك التي قلما لها آذان!
كانت تلك من أدبيات الدبلوماسية، حتى إذا ما كان الانفجار الرقمي، تفجرت تلك الأدبيات تفجيرا، وجاءت أدبيات دبلوماسية «التغريدات» حتى من الرؤساء!
الانفجار، ذلك الذي دمر الأسوار العالية، وكشفت الأسرار المستورة، في أي دولة في العالم، دمر في ما دمرت الأبراج العاجية.. ومن بين هذه الأبراج برج الدبلوماسية العاجي!
الكتاب، فكرته جديدة.. إذن..
وهو بكل المقاييس يعتبر إضافة جديدة للمكتبة الدبلوماسية..
وفوق كل ذلك، هو كتاب، يقول شيئاً مهماً جداً: مهنة الدبلوماسية أصبحت مكشوفة..
«تغريدة» واحدة من هذا الرئيس أو الدبلوماسي، حول مسألة ما بين دولتين، تتبعها بالضرورة تغريدة من الاتجاه المقابل.. وبهاتين التغريدتين، يمكن للمواطن العادي، أن يعرف إلى أين يسير سهم العلاقات بين هاتين الدولتين!
بالانفجار الرقمي، لم يعد الإنسان العادي، عادياً.. وبدخول الدبلوماسية عالم ( الويندوز المفتوحة) على أي مكان في العالم، أصبح ذلك الإنسان الذي لم يعد عادياـ صاحب مقدرة فذة على التحليل، والنقد، والاستقراء.. وبالتالي صاحب رؤية، تستشرف آفاق العلاقات الدولية.
تلك من بركات الإنترنت.
التهنئة لصاحبي فيصل خالد..
والتهنئة مقدما لصاحبي محمد عوض، ومولوده الأول سيصرخ بعد أيام، صرخته الأولى.. وعالم الانفجار الرقمي سيردد تلك الصرخة، مثلما يردد الآن صرخة مولود فيصل!