مقالات متنوعة

ابراهيم دقش : لمصلحة من كان نشر هذا الخبر؟!

وأنا أطالع خبر إطلاق سراح مدير خطة هروب قتلة الأمريكي قرانفيل، تساءلت عن مغزى الخبر وعن أهميته وعن من له مصلحة في نشره.. وهي أسئلة مشروعة.. لأن ذاك خبر (ملغوم) وقد تعلمنا في أبجديات العملية الخبرية في الإعلام “حراسة البوابة” لضمان عدم تسريب خبر مثير للجدل أو قابل لإشعال حريق.. وهو ما يعرف “بالغربلة” التي يبدو أننا لا نهتم بها في العمل الصحفي خاصة.. والإعلامي عموماً بمدنا بدليل أن خبر ذلك السجين الذي أطلق سراحه مؤخراً كان يمكن أن يمر دون نشر أو إثارة، فماذا يعني أن ذلك الشاب قد أكمل نصف المدة المحكوم عليه بها، وتم الإفراج عنه نظراً لحسن سلوكه وحفظه للقرآن الكريم داخل السجن؟.. وكم من المساجين مثله يخرجون بنفس الأسلوب كل يوم وكل أسبوع وكل شهر؟.. وبعض صحفنا تفضلت بنشر صورة ذلك الشاب عمداً ومع سبق الإصرار لتذكير الناس بوجهه وملامحه، إن كانوا قد نسوه.. وبالتالي يسترجعون قصة هروب قتلة الخواجة قرانفيل، وهم من المتشردين من سجن كوبر عبر نفق وسرادب لم يكشفوا لنا سرها حتى الآن!
وكان ردة الفعل الأمريكية على ذلك الخبر “الضار” إعلامياً طبيعية، وكأنما من روج نشره أراد استشارة أمريكا ضد النظام وهي أصلاً متربصة به.. ذاك ما وقع بالضبط.. أي أن النشر قد حقق أغراضه!
هل لدى الحكومة معايير إعلامية لتتقصى عن هذا الخبر “المذهل”؟.. هل لديها الرغبة في متابعة هذا الخبر لمعرفة أصله وفصله، ومن سعى لنشره أم أن “الحكاية” ستمر مثلها مثل غيرها من المتشابهات دون سؤال أو “وقفة” تأمل؟
لو كنت مكان الحكومة لن أترك قصة هذا الخبر تفلت من المساءلة والمحاسبة.. ومن حق الناس أن يعرفوا إن كان هذا النشر تم عن جهل أم غرض.. وأهم من ذلك كله من مصدره.. فذلك يحدث في وقت ترتفع أصوات مطالبة برفع العقوبات الأمريكية الأحادية عن السودان، وفي وقت تسعى فيه بعض الجهات لتحسين العلاقات بين أمريكا والسودان.
أكاد أجزم هناك من يريدون للعقوبات أن تستمر، وهناك من يقفون ضد التطبيع مع أمريكا.. ومن الواضح أنهم نجحوا في (فرملة) أي توجه من هذا النوع بخبر صغير عن إطلاق سراح مدير هروب قتلة القنصل الأمريكي (قرانفيل).. ودُقي يا مزيكة!!