أ.د. معز عمر بخيت

منك قادم إليك

لتبق يا وطن
هناك في العميق شعلة
تنير مسلك الزمن
ستعلم الشوارع
البحار والشطوط والقمم
بأننا عوالم من الردى تجيء
وأننا من المياه قطرة
ومن مواقد اللهيب جمرة
ومن قواعد الشموس نجمة تضيء
فكان عندما توحّدت
مقاطع الهتاف بيننا
وأشرقت قوافل النضال
فوق دربك الوضيء
رفضت كل أوجه الضلال
باسم من تنصلوا
وعدت حاملاً حقيقتي
وصحوي الجديد
والسلام والُمنى
ومنك قادم إليك أهتدي بك
شارعاً أسنّتي
وطابعاً على الزمان شارتي
ولا أود غير بيتك الأمين موطنا
ولا أحب غير أن أكون
فرحة الصغار
وقفة الكبار
حين تسقط الأنا
***
وعندما تجلجل السماء
يهطل المطر
ويعلم الفقير أنه الغني والقوي
أنه الذي
لأجل لحظة المخاض
عاش ينتظر
بكفه الدعاء
وجهه النقاء
صدره السماء
صوته القدر
وأننا إذا بدت لنا
أظافر السباع
تنهش المضاجع التي نما
على حريرها
هدوؤنا البسيط والأمان والخدر
يذوب صمتنا الدفين
واتكاؤنا على حواجز الغياب آمنين
ليسقط الجدار بيننا
ويخرج النهار من عيون شعبنا
فينهض البشر
أولئك الذين يحلمون بالكساء
هؤلاء من لأجل عيشهم
يمدّدون في العراء
يلهثون خلف قطعة الرغيف
يحتمون بالرصيف والشجر
***
وأنت يا وطن
هناك في العميق لم يكن
زمانك الخداع
ولا على النُهى
تمددت أصابع الضياع
وبحره الذي
بمقلتيك يا حبيبتي
وشارة الوداع
وقلبي المسافر الوحيد فوقه
ومبحر إلى البعيد دونما
قوارب ولا شراع
إليّ يا حبيبتي
فإنني وهبتُ كل ما لدي
واختصرت دربي الطويل في شعاع
قذفته إليك تحتمي به
وعندما تطل أوجهي
مع الصباح مسرعة
سيعلم الظلام أنه أسير قوقعة
ويعلم النهار أننا معه
وأننا سنرتقي
حدائق السماء مرة فنلتقي
حبيبتي
ووجهها الجميل
والعيون والوطن
وبيننا حقيقة الصراع تقهر الزمن
وبيننا سواعد من النضال تنبثق
إلى عوالم الصمود وثبة فتنعتق
ومن شفاه مدفع
يضاجع المساء تنطلق
وفي عيون من نحب تأتلق
لأجل وجهك الكريم يا وطن
نموت نحترق
تعيش يا وطن