منتجاتنا الزراعية.. دولارات تأكلها البهائم
ليس بعيداً عن نقاشنا في مقال الأمس تحت عنوان (عناوين كالحة في جناح السودان بمعرض البحرين) حول سوء تسويق منتجنا الثقافي وعناوين مؤلفاتنا السودانية في معارض الكتب الدولية.. فمشكلتنا مع التسويق شاملة على ما يبدو.. وستتيقن من ذلك لو شاهدت مقطع فيديو متداولا هذه الأيام لشاحنة تفرغ حمولتها من الطماطم في العراء بمدينة مروي بعد أن عجز مصنع تعليب كريمة عن تصنيعها أو أخذ كفايته منها فأفرغ المزارعون المتبقي في العراء ..!
وهناك مقطع آخر قديم لأحدهم (غاطس) في أكوام المانجو في مناطق أبو جبيهة حيث تتلف كميات ضخمة من هذه الفاكهة التي تعتبر من أعلى الفواكه سعراً في العالم وتعد أراضي ومناخات السودان صالحة ومناسبة لإنتاج أجود أصنافها ..
وليس الطماطم والمانجو فقط هي التي نعجز عن الاستفادة منها اقتصادياً بالمستوى المطلوب أو هي المنتجات التي تتلف بسبب ضعف قدرتنا على تسويقها ففي العام الماضي أو الذي سبقه أنتجت الولاية الشمالية إنتاجاً خيالياً من البطاطس عجزت مواعين التخزين وعقليات التسويق عن الاستفادة منها.. كما أنني شاهدت من قبل في مناطق كردفان كيف يتم إتلاف البطيخ الأحمر في العراء سنوياً للاحتفاظ فقط ببذوره ..
هناك مشكلة حقيقية في هذه المنظومة.. نحن نبدد ونتلف ملايين الدولارات بعجزنا عن تأسيس منظومة تسويق لمنتجاتنا الزراعية ..
وسمعت بعض الخبراء الزراعيين في السابق يتحدثون عن مقارنات بين أسعار برميل النفط حين كان سعر النفط عالياً جداً وبين أسعار برميل المانجو الذي يفوق سعره سعر برميل النفط حينها أما الآن فإن برميل المانجو قد يعادل سعره ضعفي سعر برميل النفط .
نحتاج حقاً لوزارة تجارة خارجية تتقن عملية تسويق منتجاتنا وترفع طاقة التصدير.. ونحتاج لوزير تجارة يعرف كيف يسوق منتجات السودان الزراعية وكيف يؤسس منظومة إنتاج وتخزين وتصدير وتسويق جيدة لمنتجات السودان الزراعية .
البطيخ الذي يتم إتلافه في خلاء السودان يباع بالكيلو في دول الخليج والمانجو السودانية التي يتلفها (الطير) وتأكلها البهائم هي سلعة دولارية.. (كاش) مثل الذهب وكذلك البطاطس والطماطم وكل الخضروات والفواكه التي تصلح مناخات السودان لإنتاج نوعيات جيدة منها للتصدير.. لكن من الذي ينتج ومن الذي سيحسن من مستوى المنتج نفسه ويرفع من جودته بمواصفات التصدير ومن يسهل عملية تصديره ومن الذي يسوقه..؟!
هذه المنظومة لا زالت ضعيفة جداً في السودان ومركز الضعف والخلل في وزارة التجارة ..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.