العظيم صالح : 6 أبريل والمغالطات
اليوم ذكرى 6 أبريل .. قبل 31 عاماً هبت ثورة شعبية مكتملة الأركان أطاحت بنظام 25 مايو الذي حكم السودان لأكثر من 16 عاماً.
ذهبت مايو وذهب الرئيس الراحل جعفر محمد نميري والذي كان يقول عن ثورته الظافرة والمنتظرة أبداً
وكان أنصاره من بعيد يرددون من بعده هذه العبارة وهم لا يدرون أن الدوام لله وحده وأن دوام الحال من المحال ..
الذكرى مهمة، فهي تعطي الناس فضيلة الإعتبار وأخذ الدروس والعبر، وتصحيح الحقائق والشواهد، أو إضافة معلومات ووقائع جديدة لم تكن معروفة من قبل.
6 أبريل أو رجب ..(مافرقت) انتفاضة شعبية شاركت في صنعها كل قوى الشعب السوداني ومنظماته وأحزابه ونقاباته، واشتركت في رسم أحداثها أغلب القوى السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وأي إدعاء بملكية الثورة واحتكارها قول مرفوض ومردود على صاحبه، لأن التأريخ قريب، وأغلب الشهود أحياء والذاكرة لازالت متقدة.
صحيح المشاركة لم تكن متكافئة أو متساوية، فهنالك من ناضل ضد مايو منذ قدومها وحتى مماته كالمرحوم المناضل الشريف حسين الهندي، وأيضا هنالك من شارك (في النص) وهناك من شارك في (النهاية)، فهل يمكن المساواة بين المناضل ومن دخل المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، بحجة أنه ناضل من الداخل، ولايمكن المساواة بين من (تمرغ) في النعيم وبين من (اكتوى) بالجحيم.
وربما واحدة من المغالطات التي كادت أن تضحى من المسلمات مشاركة الإسلاميين في الإنتفاضة، لقد كتب وزعم البعض أن الإنتفاضة سببها خلاف نميري وإيداعه لهم في سجونه في آخر أيامه، نقول إن الإنتفاضة (فعل ثوري) تم التخطيط له بواسطة قوي سياسية ونقابية لم يكن الإسلاميون من بينهم، خصوصا بعد إعدام الاستاذ محمود محمد طه، كما ان شعارات الإنتفاضة التي طرحتها لا تتفق وتوجه الإسلاميين والذين كانوا جزءً لا يتجزأ من مايو آنذاك .
في حوار الزميلة نفيسة محمد الحسن بجريدة الصحافة مع الأستاذ أحمد عبد الرحمن وزير الداخلية في مايو وعندما سألته عن دورهم كإسلاميين حول الموفق من ترحيل الفلاشا وكامب ديفيد وإعدام الأستاذ محمود محمد طه قال «سكتنا خوفاً على مشروعنا ..!» أذاً «مثل هذه الشهادة» تهزم فكرة الصدام والنضال من الداخل وتؤكد وجود حالة تماهي وتناغم مع مايو حتى فاجأت الإنتفاضة الاثنين معاً وهي مفاجأة حقيقية لأنك ببساطة لا يمكنك إنجاز إنتفاضة بحجم أبريل ولايكفي إسبوع «المفاصلة»مع «مايو» لإحداث فعلٍ كهذا.