هنا لندن
تبدو أنك من مصر مستر كمال ..وتأتي الإجابة النجم الإعلامي الباذخ لا أنا من السودان ..كمال أحمد نجم باذخ في سماء الإعلام البريطاني.. يقدم كمال برنامج في (بي بي سي ) الإنجليزية ، يهتم بتحليل الاقتصاد ، ويعتبر من أنجح البرامج..كمال ولد لأب سوداني وأم بريطانية ، غير معروف لكثير من السودانيين ..مثل كمال نجوم أخرى تحكي عن قصص نجاح السودانيين في المهاجر.
في زيارتي الحالية لبريطانيا قابلت نماذج لكمال ..دكتور أبوعبيدة هجانا جراح عظام ماهر في أحد اكبر مشافي لندن..حينما تقابله يدهشك ، كمية من التواضع والبعد عن الأضواء..لكن في دواخله ذاك الإنسان السوداني ، الذي لم تغيره النعمة ولم يبطره النجاح..أبوعبيدة يمثل شريحة كبيرة من الأطباء السودانيين الذي يعملون في بريطانيا وإيرلندا ينحتون في الصخر ليصنعوا لنا مجدا بين الأمم.
في مجال آخر وصعب يبرز اسم الأستاذ ناجي إدريس ..هذا الشاب تخرج في كلية القانون في منتصف التسعينات..ضرب في أرض الله الواسعة يبتغي الرزق الحلال..انتهت به الرحلة إلى هنا لندن..مجال القانون من المجالات الصعبة في بريطانيا يحتاج إلى لسان مبين وعلم وافر..الآن ناجي يدير مع آخرين مكتب محاماة ناجح في قلب لندن.
سمير أبوسمرة حفيد الفنان الكبير سيد خليفة.. حينما يغني أغنيات الراحل تستشعر أن الماضي يمثل أمام عينيك..جاء الشاب سمير إلى لندن يبحث عن مستقبل..هنا جمع سمير بين الميكرفون والدركسون على قول زميلنا في الرحلة إمام محمد إمام.. يعمل أبوسمرة في شركة نقل نهارا وفي الأمسيات يتحول الى فنان صاحب حنجرة ذهبية..ينظر الشاب أبو سمرة إلى ساعته في انتظار الساعة المناسبة للعودة للسودان.
لكن ذات النجاح تماثله قصص أخرى حزينة.. آلاف من السودانيين ضاق بهم الوطن..رأيت الشاب جعفر إبراهيم من أبناء ودنوباوي يتحدث في ندوة عامة تناقش الهم العام.. هذا الشاب كان يرتجف من الغضب .. كل الذكريات الحزينة تمثل أمام ناظره وهو يروي رؤيته القائمة على الثار ..شيوخ ترك الزمن آثاره على الوجوه ..هؤلاء هرموا في انتظار اللحظة التاريخية التي لا يعلم أجلها إلا علاَم الغيوب.
قابلت عدداً من الأسر..أطفال زغب ضاعت ملامحهم السودانية في زحمة هذه البلاد الباردة..بصعوبة يتحدثون العربية أو لا يتحدثون البتة..هؤلاء أيضا يدفعون ثمن الخلاف السياسي في السودان.
بصراحة..بلدنا لديها رصيد مهدر من الموارد البشرية.. كل هؤلاء في انتظار يوم بكرة.