سعد الدين إبراهيم

«تتدخّن» فيما لا يعنيك

[JUSTIFY]
«تتدخّن» فيما لا يعنيك

من طرائف أخبار المجتمع حكاية الشاب الذي عرض صورته وهو في حفرة الدُخان.. وعندما تمت مساءلته قال إنه كان يفعل ذلك لمعالجة مرض الرطوبة .. الجنحة التي حوكم بها في ظني هي التشبه بالنساء باعتبار أن الدخان من لوازم المرأة السودانية.. وأحسب أن الخبر عالمياً قد يُفسر بأنه اعتداء على حقوق الإنسان .. «فالداير يدخن ما يدخن» حتى لو أراد أن يتشبه بالنساء هذا في عرفهم طبعاً.. ولكن هذا الأمر من الأعراف السودانية .. فهنالك مثلاً الحناء هي من لوازم المرأة .. لكن يسمح للرجل بممارستها دون توجيه اتهام.. فالعريس وود الطهور يتحننان على عينك يا تاجر ولا يتعرضان للمساءلة.. وذلك يفضي بنا إلى سؤال.. هل صحيح أن الدخان يعالج الرطوبة؟.. فإن صح ذلك فيمكننا تسويق «الدخان» بصفته علاجاً شعبياً للرطوبة .. لكني شاهدت أيضاً منتجاً غريباً هو حفرة الدخان.. لكنها مصنوعة من مادة بلاستيكية مقاومة للحرارة.. ويعمل بالكهرباء.. بعد وضع عطور عشبيه ليس من بينها «الطلح» فإن كان الدُخان للرجل جريمة .. فهل إذا شُوهد الرجل يحمل «طلحاً» أداة الجريمة هل يتعرض للمساءلة..؟ وإذا أخذنا الدُخان باعتباره تشبهاً بالنساء فهل استخدام الكريمات وهي خاصية نسائية فهل هو جريمة التشبه بالنساء؟ ونحن نعرف شيباً وشباباً يستخدمون الكريمات لتفتيح بشرتهم .. وهو يستخدم في المكياج أيضاً.. و أذكر ذات حلقة كنت ضيفاً عليها وكانت القناة جديدة.. ورأينا الجميع رجالاً ونساءاً يتمكيجون.. وأفادوني بضرورة ذلك فأذعنت لكن ما هالني أن المكياج هو ذاته الذي تستخدمه السيدة زوجتي .. بعد ذلك وقبل التصوير أخذت أمسحه بالمنديل وكانوا يقولون لي لا تفعل ..

الشاهد أنني كنت خجلاً جداً.. ومحوت بعض المكياج وظهرت صورتي على الشاشة فنادت السيدة زوجتي بناتها لترى وجهي.. وصاحت «أبوكم عيان شديد» المهم أنني أشعر الآن بخزي شديد جراء تلك المحاولة الأولى والأخيرة .. وكان الفنيون يشرحون لي أن الشيخ القرضاوي عندما زار السودان طلب المكياج حتى يبدو بسمت جميل .. لم أقل لهم أنا مالي ومال القرضاوي .. أنا من الذين لا يحبون أن تشيع الفاحشة .. لكن الشق القانوني يحتاج إلى توطيد أكثر حتى يتسق مع قوانين العالم .. فمثلاً ماكينات الحلاقة أمر يخص الرجال .. فإذا أرادت امرأة أو فتاة أن تزيل «شعر إبطها» و استخدمت ماكينة الحلاقة الرجالية هذه فهل تعتبر متشبهة بالرجال..؟ وهنالك مثلاً في مناسبات البكاء.. المرأة تبكي بطريقة نسوية فهي تضع يدها على رأس المكلومة «وتنوني» وربما تصحب ذلك بعبارات مثل الليلة يا ود أمي .. أو يا بت أمي .. أما الرجل فهو إما يشيل الفاتحة ويكون ثابتاً .. أو يبكي بطريقة بدائية.. ويجعر جعري شديد .. فإذا بكى أحدهما «رجل .. امرأة» بطريقة الآخر فهل يعتبر ذلك تشبهاً بالنساء وتشبهاً بالرجال.. كذلك في أعرافنا إن المرأة هى ست البيت وهي «البتسوي الملاح» «وبتغسل الهدوم» وهذا في عرفنا السوداني أمر محسوم .. فهل إذا دخل الرجل المطبخ وسوى الملاح هل يعتبر تشبهاً بالنساء .. أم مشاركته في عمل البيت حسب ما تظهر دعاوي تطالب بذلك.. قالت لي امرأة كبيرة في السن: إن حطب الرطوبة يختلف عن حطب الزينة.. وكان حينذاك يستخدمه الرجال «المرطوبين» يعني فعلاً زمان كان الرجال يستخدمون الدخان لعلاج الرطوبة.. لكن بحطب معين مخصص لذلك والحكاية جايطة.. والله أعلم..
[/JUSTIFY]

الصباح..رباح – آخر لحظة
[EMAIL]akhirlahzasd@yahoo.com[/EMAIL]