احمد المصطفى ابراهيم : متعهدو الأسواق
الأسواق الريفية هي أسواق تتوسط مجموعة من القرى يحدد لها يومين في الأسبوع يتجمع فيها من أهل القرى – التي حولها – يبيعون ويشترون في أماكن كثيرة منها الثابت والمتحرك. هذه أسواق منذ أن وضعها الاستعمار إلى يومنا هذا مرت بتطورات كثيرة وتستحق دراسة أكاديمية.
لكن الذي يهمنا منها اليوم علاقتها بالحكومة المحلية. درجت المجالس الريفية سابقا على أن تتحصل من مرتادي هذه الأسواق رسوما نظير ماذا؟ وكيف؟ هذا ما نريد أن نقف عنده اليوم. تريد المحليات رسوما من كل من يبيع أو يدخل هذه الأسواق كيف السبيل إلى هذه الرسوم تطرح السوق في عطاءات ويتقدم المتعهد بمبلغ مثلاً يشتري السوق بعشرين مليون في السنة يسدده للمحلية على قسطين ويعطى بعد ذلك صلاحية مطاردة الباعة وتحصيل الأموال منهم. يجب أن يكون وفق أسس معينة تحددها له المحلية ولكن الواقع يقول إن المتعهد سرعان ما يستعين بالشرطة لإرهاب الباعة ويتحصل كما يشاء ضاربا بكل تسعيرة المحلية عُرض الحائط ولا يرضى إلا بعشرة أضعاف ما دفع للمحلية. ونعيب على هذا الطريق الآتي:-
1 – فقهاً هذا بيع حرام إذ إن المتعهد اشترى شيئا مجهولاً. ولماذا لم يجد من يوقف هذا البيع الحرام إلى اليوم؟ هذا من الذي يحير اليسع وغير اليسع.
2 – استغلال سلطة إذ إن المتعهد يستعين بالشرطة ليرهب بها الباعة ويمارس عليهم إرهاباً باسم الدولة.
3 – الطريقة متخلفة ويمكن لكل سلطة محلية أن تبتكر في هذه الزمان المتطور ما تتحصل به رسومها مثل ترقيم الأماكن وحصرها وأخذ المبلغ دفعة واحدة أو على دفعات.
4 – الأوراق المستعملة لهذه الجباية باسم الدولة غير مبرئة للذمة ومن العيب استعمالها مجرد ورقة عليها ختم المتعهد في زمن ما عاد الختم مشكلة ملون أو غير ملون.
5 – بهذه الطريقة تبيع الدولة كرامة المواطن لرجل أقرب إلى تاجر البندقية أن لم يكن هو أشرس منه.
6 – ماذا تقدم المحليات نظير هذه الرسوم؟ المفروض أن تقدم خدمات داخل هذه الأسواق وتنظمها ولكن الواقع يكذب كل هذا. هذه الأسواق الآن غير مرتبة بل كانت مرتبة وفق خرائط المستعمر وبمرور الزمن فقدت ترتيبها لكثرة الناس. ومعظمها تنقصه دورات المياه والمصليات والأماكن النظيفة للأكل والشرب وإذا وجد هذا ففيه بطء شديد يحتاج إلى من يقف معه.
لهذه الأسباب وأسباب أخرى أدعو المجالس التشريعية بالولايات أن تضع حلولاً لهذه المشكلة وأن تشتري راحة المواطن وكرامته بتعب الضباط الإداريين. ولا مثيل لذلك إلا أن يقوم أحد المدرسين ببيع المدرسة لغير متخصص في التدريس ويقول له أريدك أن تدرس هذا المنهج خلال سنة ويذهب إلى بيته ممدا رجليه ونائما في العسل.