مقالات متنوعة

محمد وداعة : الحانوتي

لا حول ولا قوة إلا بالله، جملة الجثامين التي استلمتها وزارة السيد مأمون حميدة، خلال عام 2015م فقط بلغت (3,373) جثة، منها (890) جثة مجهولة الهوية، جاء ذلك تصريحاً من السيد وزير صحة الخرطوم البروفيسير مأمون حميدة خلال افتتاح مشرحة المستشفى الأكاديمي، وهو أحد المستشفيات التابعة للسيد الوزير وهي جزء من سلسة استثماراته في القطاع الصحي، ومن بين أربع مشارح في ولاية الخرطوم استأثر مستشفى السيد الوزير بواحدة من المشارح، السيد الوزير بشرنا بنجاحه في زيادة سعة المشارح من 78 جثة إلى 206 جثة (بزيادة حوالي (260%)، وهي زيادة كبيرة تؤكد توقع زيادة عدد الموتى من الإصابات والحوادث وربما الجرائم، إلا أن الرقم المستلم من الجثامين (3373)، يمثل رقماً كبيراً، لا سيما أن حوالي ثلثها مجهولة الهوية، هذا مؤشر ربما على تخلف أو انعدام مستشفيات الطوارئ والإصابات، وعدم توفر الأطباء كما اعترف السيد الوزير بنفسه، أو هي الصراعات والتقاطعات بين الإداريين كما يحدث في المستشفى التركي، المؤكد أن عدم وجود أمناء المخازن لصرف الأوكسجين (إبراهيم مالك)، أو انعدام الأوكسجين ومعينات الجراحة والعظام، هي أسباب منطقية للفشل في تقديم إسعافات للمصابين في الوقت المناسب، فيموتون، (الحانوتي، وعاشميق) لا مرادف لهما في ثقافة تجهيز الميت والإعدام في بلادنا، السيد الوزير اشتكى من ارتفاع تكلفة الاحتفاظ بالجثامين مجهولة الهوية لمدة ثلاثة أشهر وفقاً للقانون، انطلاقاً من ديننا الحنيف وتعاليمه في التعامل مع حرمة الموتى، كان على السيد الوزير أن يكشف كيف يتعاملون مع هذه الجثث، وكيف يتم دفنها، وهل يتم الاستفادة من بعض أعضائها لغرض التبرع بالأعضاء والأنسجة وزراعتها، وكيف يتسنى له تقنين الحصول على الموافقة والحصول على شرط التبرع من ميت مجهول الهوية، السيد الوزير فتح موضوعاً شائكاً ومعقداً وفيه وحوله اختلاف فقهي وعلمي، وأعتقد أن الوزير استعجل وربما أفسد وشوه الفائدة العلمية والمادية بإعلان ضيقه من استبقاء الموتى ثلاثة أشهر حسب القانون، هذا يلقي بظلال من الشك حول استيفاء الجوانب الإجرائية والقانونية والأخلاقية، هل هذا يفسر نقل بعض الجثامين من مشرحة لأخرى? وهل هذا يبرر إبقاء بعضها في مشارح بعينها? هذا الأمر لا يخضع للتفسير لغياب المعلومات، ولعل الهدف من تطوير المشارح وزيادة سعتها بهذه الطريقة له أهداف أخرى، وهل توفر النيابة والشرطة حراسة دائمة لهذه المشارح، ربما على السيد الوزير أن يكشف أسباب اهتمامه بالمشارح على حساب المستشفيات، ومنها مستشفى الأكاديمية.