نجل الدين ادم : تداعيات الإعفاء..!!
كان تطوراً مفاجئاً، حيث أصدر رئيس دولة جنوب السودان، “سلفاكير ميارديت”، أمس الأول (الأربعاء)، قراراً بإعفاء وزير خارجيته “برنابا بنايمين”، من منصبه، دون الإشارة إلى أي أسباب للقرار، فقد ذهب البعض إلى أن حديث الوزير وانتقاده للقيادي الجنوبي المعروف “لوكا بيونق” المنحدر من منطقة “أبيي” المتنازع عليها، ليس بجنوبي وإنما مواطن أجنبي، الأمر الذي فسره البعض بأنه اعتراف رسمي من وزير الخارجية الجنوبي بأن منطقة “أبيي” شمالية، أي سودانية، رغم هذا الاجتهاد التفسيري فإنه لا أحد يعرف الأسباب الحقيقية وتداعيات قرار الإقالة ويمكن أن تكون التفسيرات التي صيغت واحدة من الأسباب، سيما وأن البعض من قادة الجنوب يضمرون سوءاً للوزير ولا يتفقون معه في ضرورة تنفيذ قرارات الانسحاب من الحدود.
على أي حال فإنه ليس من المنطقي أن تكون زلة اللسان التي أوقعت الوزير “برنابا” في حديث غير مقصود هي السبب الرئيسي في قرار الإعفاء، و”برنابا” ظل حلقة وصل جيدة بين الشمال والجنوب منذ أن كان وزيراً للإعلام قبل الانفصال، فكلما ترتبك العلاقات بين “الخرطوم” و”جوبا”، يظل الرجل حمامة سلام ويعمل بهدوئه المعهود وهو يرسل حديثاً ملطفاً للأجواء، واستمر به الحال إلى أن أصبح لاحقاً وزيراً للخارجية في دولة جنوب السودان.
تحدث إليّ أحد القيادات الجنوبية عن التقاطعات بين المسؤولين هناك في “جوبا”، فعرفت أن الأجهزة التنفيذية لا تعمل بتناغم، فكل يعمل على هواه، وفي اعتقادي أنه انعكس سلباً في تراجع العلاقات بين البلدين وجعل الحكومة السودانية تفقد صبرها على بعض التصرفات وتصدر قرارات بشأن التعامل والعلاقات المستقبلية وتلوح بإغلاق الحدود.
الجيش الشعبي في جنوب السودان مثلاً نفسه يعاني حالة تصدع، فهو الآن منقسم على نفسه، جزء منه يدعم المؤسسة ويسعى لتنفيذ قرارات الرئيس على وجه السرعة، وجزء آخر يعتقد أنه الأساس في الحكومة وينبغي أن لا يخضع لأي قرارات علوية لا تتماشى مع قناعاته، وهذه النقطة تحديداً عطلت تنفيذ قرارات الرئيس “سلفاكير” بشأن دعم العلاقات بين البلدين وسحب الجيش الشعبي من الحدود، بل تجاوز ذلك بتنسيق مع بعض الحركات السودانية السالبة.
الرئيس “سلفاكير” وهو القائد الأعلى للجيش يصطدم في أحيان كثيرة مع قناعات العسكر، فيمرر لهم تارة ويتحفظ تارة أخرى وهكذا تتأرجح العلاقة كما هو واضح لنا.
السودان غير معني بالقرارات الداخلية وشأن دولة الجنوب، ولكن في بعض الأحيان تجد أن الأمور تتماشى مع بعضها البعض، فذهاب وزير متزن وعارف بدوره ومقبول ويحفظ لوحه تماماً، بالتأكيد يؤثر سلباً، فلا تكون “الخرطوم” سعيدة بذلك سيما وأن الخطوة تعني أن تكون البداية من الصفر ونلغي كل ما هو في الماضي، والعودة إلى البداية تعني تساقط الكثير من الأوراق الخضراء، نحتاج أن نقرأ جيداً قرار الإعفاء هذا للوزير الجنوبي، لأنه يمكن أن يكون بداية النهاية.. والله المستعان.