حوارات ولقاءات

رئيس المكتب السياسي بالإنابة لحزب الأمة القومي د. “محمد المهدي حسن”: المكتب السياسي اتخذ قراراً ببقاء الإمام في الخارج إلى حين

تصاعدت الخلافات داخل المكتب السياسي لحزب الأمة القومي بسبب تسمية رئيسه الذي خلا منذ تصعيد الأستاذة “سارة نقد الله” إلى منصب الأمين العام، وظل يرأسه نائب الأمين السياسي ولكن بعض أعضاء المكتب السياسي لم يحضروا اجتماعات المكتب لمدة سنتين لأساب ربما عدم قناعتهم أو تعطيل العمل. حاورت (المجهر) رئيس المكتب السياسي بالإنابة د. “محمد المهدي الحسن” حول أسباب الخلافات التي حدثت في اجتماع المكتب السياسي الأخير، ولم يستطع أعضاؤه تسمية رئيس المكتب لتباين آراء تيارين داخله بعضهم يرى ضرورة اختيار رئيس آخر وتيار آخر يرى ضرورة ترفيع نائب الرئيس الحالي.
{بداية لماذا تم تعيينك رئيساً بالإنابة للمكتب السياسي ومقعد الرئيس شاغر.
-أولاً كانت الأستاذة “سارة نقد الله” تشغل منصب الأمين السياسي للحزب وكنت نائباً لها ونحن الاثنان منتخبان من المكتب السياسي انتخاباً مباشراً، ولذلك كنت أمارس مهامي كنائب لرئيس المكتب السياسي. وعندما تم تعيين الأستاذة “سارة” في منصب الأمين العام أصبحت أمارس مهام رئيس المكتب السياسي بالإنابة، وكان من المفترض أن يستخدم المكتب السياسي صلاحياته، إما بترفيع نائب الرئيس ليصبح رئيساً بكامل الصلاحيات وانتخاب نائب للرئيس أو انتخاب رئيس ونائب آخر.
{من الذي ينتخب المكتب السياسي الهيئة المركزية أم المؤتمر العام.
-حسب دستور الحزب المكتب السياسي هو الذي ينتخب رئيسه ونائبه وسكرتاريته من بين أعضائه وهذا الذي تم، وأنا ظللت أمارس مهامي كرئيس للمكتب السياسي حوالي العامين ولكن بند الهيكلة كان مطروحاً ويرحل من اجتماع لآخر، وعندما شعرت بأن هنالك انقساماً داخل المكتب السياسي قررت تكوين لجنة محايدة من المكتب السياسي لحسم الخلاف وإعادة الهيكلة.
{ما هو سبب الخلاف داخل المكتب السياسي.
-الخلاف حول وجهات النظر في الخط السياسي للحزب من التعامل مع القضايا الكبيرة لأن هنالك مجموعة رأيها المضي قدماً في الحوار مع النظام حتى لو أدى ذلك إلى المشاركة في الحكومة، والطرف الثاني يرى ضرورة التمسك بالممانعة وعدم الحوار مع النظام حتى تحل القضايا التي تهم الشعب السوداني، لا أن تحل القضايا بين حزب الأمة والمؤتمر الوطني.
{ما هو سبب التباين في المواقف بين التيار الذي يساندك والمعارض لك.
-التيار المناوئ لي وجهة نظره السير في الحوار مع المؤتمر الوطني حتى المشاركة في السلطة وهذا ما نسميه اتفاق (الزلة).
أما التيار الثاني الذي أقوده ومعي آخرون من داخل وخارج السودان وقطاع عريض من الشباب، رأيه تحقيق المطالب الكلية للشعب السوداني المتمثلة في حل جذور الأزمة السودانية بوقف الحرب وتحقيق السلام، بمد الأيدي إلى المعارضة لتأسيس حلف يحقق مطالب الشعب السوداني وهذا أفيد للحزب وللقوى السياسية.
{ما هي أبرز قيادات التيار المناوئ لك.
لا أستطيع أن أسمي شخصاً لأنهم معلومون للمكتب السياسي ولكنني أركز على المواقف والخط السياسي.
{هل موقفك السابق مع الدكتور “إبراهيم الأمين” له ظلال على الوضع الحالي؟
-أنا لم أعمل مع دكتور إبراهيم الأمين لأنه كان منتخباً بإجماع الهيئة المركزية، وقتها كنت نائباً لرئيس المكتب السياسي وكنت أدعمه لآخر لحظة، لأنه الأمين العام، كما كنت أدعم الدكتور “عبد النبي”عليه رحمة الله وكذلك الفريق “صديق”، والآن موقفي لم يتغير في دعم الأستاذة “سارة”باعتبارها الأمين العام وأنا أقف مع المؤسسة ولا أقف مع الأشخاص.
{ما هو السبب من تكوين لجنة إعادة هيكلة المكتب السياسي في هذا التوقيت؟
-السبب هو الغياب المتعمد لأعضاء التيار المناوئ لي عن الاجتماعات لتعطيل عمل المكتب السياسي، ظلوا يتغيبون رغم وصول الدعوات إليهم في ظل وجود قضايا كبيرة يفترض مناقشتها، باعتبار أن المكتب السياسي يمثل المؤسسة التشريعية للحزب.
{كم عدد أعضاء المكتب السياسي وهل عددهم يؤثر على النصاب؟
-كانوا حوالي (164) عضواً ولكن لأسباب مختلفة بقي منهم (134) حالياً ورغم الغياب كان النصاب مكتملاً، ولكن بعضهم يتولون مكاتب وجهات مهمة ولها تأثيرها على الحزب ولذلك وجودهم مهم جداً يعطي قوة للقرارات، وأنا حتى اللحظة لا أجد المبرر لغيابهم ولم أشاهد بعضهم منذ سنتين وآخرون مدة سنة ونصف لم يحضروا إلا لاجتماع يوم (14) مارس، وكان واضحاً أنهم يخططون ويحشدون لشيء ما.
{ولذلك أنت استخدمت اللائحة لفض الاجتماع؟
-أنا استخدم حقي الدستوري حسب نص اللائحة أنه إذا كان هنالك تباين في وجهات النظر ويصعب الخروج بقرار عليه برفع الجلسة وقد فعلت.
{هل تتوقع دخول رئيس الحزب لحسم الأمر.
الدستور واللوائح يمنحان رئيس الحزب الحق في سحب أي جند من جدول الأعمال إذا عرضت الأجندة في الاجتماع، وأرجأنا المناقشة إلى يوم الرابع من أبريل ومن حق رئيس الحزب أن يتدخل.
{بهذه الطريقة هل ستقدم استقالتك إذا كانت واحدة من أسباب تماسك الحزب.
-الحديث عن الاستقالة سابق لأوانه في الوقت الحالي.
{هل لقرار عودة الإمام “الصادق” أثر في الانقسام الحالي؟
-ربما.. ولكن غالبية أعضاء المكتب السياسي وفي ذات الاجتماع الذي حدثت فيه الإشكالية اتخذ المكتب السياسي عدة قرارات، منها قرار ببقاء الإمام “الصادق المهدي” خارج البلاد وإرجاء أمر عودته لمزيد من التشاور، فهذه مسألة متفق عليها عدا القلة من أعضاء المكتب السياسي.
{هل خروج منصب الأمين السياسي من آل “المهدي” هو سبب هذه الخلافات، خاصة أن التيار المناوئ لك تقوده الدكتورة “مريم الصادق” نائب رئيس الحزب؟
-قد تكون الأسباب غير التي ذكرتها ولكن أبناء السيد “الصادق المهدي” تحصلوا على المناصب بالانتخاب وبعضها بالتعيين ولهم تطلعاتهم المقبولة في إطار المنافسة السياسية داخل الحزب والذين يرون ضرورة إخلاء للمنصب كما ذكرت أنت دكتورة “مريم”، فهي تريد أن يذهب منصب رئيس المكتب السياسي إلى ولاية النيل الأبيض، وربما ذلك في إطار ترتيبات داخل الحزب خلال التحولات المتوقعة.
{هل دخل صراع التكتلات المناطقية والجهوية إلى قلب المكتب السياسي لحزب الأمة القومي؟
-أبداً الصراع ليس بهذه الصورة ولكنه في موقف البعض من الخط السياسي وليس الجهويات أو المناطقية، وبالمناسبة حزب الأمة رغم تفشي الجهوية والمناطقية والقبلية التي تضرب بعض الأحزاب، وعلى رأسها حزب المؤتمر الوطني، إلا أن حزب الأمة لم يكن من ضمنها، والدليل على ذلك أن موقف التيار المساند لي يمثل كل السودان وليس من جهة محددة وكذلك التيار الآخر، ولكن الحزب ظل يراعي تمثيل المناطق وليس بهذه الصورة التي يتحدث عنها الناس.
{ولكن هنالك قيادات لزمت الصمت لفترات طويلة على سبيل المثال “عبد الرسول النور” والأستاذ “بكري أحمد عديل”؟
-موقف “عبد الرسول النور” له رأي مختلف وكذلك الأستاذ “بكري عديل”، منذ أن عرفه الناس له رأي خاص ويقف مع ما يراه حقاً ولكن مواقفه هذه لم تقف يوماً من الأيام منطلقة من المناطقية.
والكل يعلمون موقفه عندما استقال من الوزارة وجاء وفتح مكتبه في الحزب.
أما السيد “عبد الرسول النور” التقيته قبل فترة وقال لي أنا عملت مع الإمام “الصادق” منذ نعومة أظافري ولدي علاقات حميمة معه، وبذات القدر ربطتني علاقات وطيدة مع “مبارك الفاضل” وسأظل وفياً لها. وقلت لهما (يعني مبارك والصادق) سأعمل معكما إذا كنتما متفقين ولكنني لن أعمل مع أحدكم دون الآخر.
{ولكن خلافات الحزب منذ عودته من الخارج تمثلت في الاستحقاقات الدستورية عبر الانتخاب؟
-صحيح وظلت تتصاعد كلما فاز أحد قيادات الحزب باستحقاق دستوري لم يرضَ الطرف الخاسر، ولكنها تفجرت بصورة واضحة في المؤتمر العام السابع وجاءت الهيئة المركزية الأخيرة أضافت أزمة أخرى مكتومة، وهي في تصاعد ولذلك كون الرئيس لجنة للنظر في هذا الأمر لاحتوائها وتوحيد تياراته حتى يكون الاختلاف في وجهات النظر واللعبة الديمقراطية المسموح بها.
{هل أصبح التيار المطالب بالمشاركة مع الحكومة أكبر داخل الحزب؟
-أبداً مواقف النظام وتماطله لكسب الوقت هي التي جعلت التيار الآخر الذي تسنده قيادات حية في الحزب، هي التي ترفض المشاركة منذ انقسام الإصلاح والتجديد بعدم اتخاذ قرار المشاركة في السلطة، ولذلك لم يجدِ التحشيد الذي يقوده ذاك التيار؟
{حال إصرار التيار الآخر على السير في خطه هل ينقسم الحزب.
-حزب الأمة عانى كثيراً من الانقسامات والخلافات والصراع الحالي طبيعي ولا يؤثر على وحدته، ولكن سيحدث تأثيراً إذا لم يضع الحزب اعتباراً لرأي التيار العريض ومضى في الاستماع إلى رأي القلة في حوار ثنائي مع المؤتمر الوطني والمشاركة في السلطة، ولكن طالما الحزب يدير الخلافات بالطرق المعروفة لن ينقسم الحزب .
{ماذا يحدث حال لم يتم التوافق في يوم الرابع من أبريل المقبل لاسيما أن بعض شباب الحزب هددوا بخطوات تصعيدية ؟
-القرار الذي اتخذته في اجتماع المكتب السياسي الأخير هو إعادة الأمر إلى اللجنة المكونة سلفاً، هذه اللجنة ستسعى للوصول إلى رأي توافقي يتم عرضه للمكتب السياسي لإجازته وبالتالي يصبح هو القرار.
{وإن لم تفلح اللجنة في الوصول إلى نتيجة مرضية للطرفين؟
-في هذه الحالة لنا خيارات أن نمضي في عملية انتخابية ستترك أثراً ضاراً في المكتب السياسي أو نرجئ الأمر لمزيد من التداول، أو يتدخل رئيس الحزب لسحب الجند من التداول.
{في حال تدخل الرئيس هل ستظل رئيساً للمكتب السياسي.
-نعم سأستمر في الموقع.
{هل لعب غياب الإمام عن السودان دوراً في هذا الخلاف؟
-أبداً الرئيس موجود في المؤسسات لأن حزب الأمة به مؤسسات كل مؤسسة تعرف حدودها والخلاف داخل المؤسسات موجود وظاهرة طبيعية، والحزب يدير شأنه حوالي العامين ولم تحدث مشكلة وغيابه لم يؤثر ولن يؤثر.
{لماذا دائماً الخلاف في منصب الأمين العام دون الرئيس ونوابه.
-لأن نواب الرئيس يعينهم الرئيس وفق الدستور والأمين العام والمكتب السياسي يأتيان بالانتخاب.
-{في الوقت الذي اختتم فيه الحوار الوطني في البلاد ظل حزب الأمة يدير معارك داخلية بدل التفكير في الشأن العام ؟
-هذا الخلاف طبيعي فيما يتعلق بالمواقع القيادية في المكتب السياسي، أما الحوار كان لنا رأي أنه لا يعنينا ولكن نتائجه تعنينا وواحدة من مخرجات اجتماع المكتب السياسي قرار بتحويل توصيات الحوار الوطني إلى لجنة سياسية لدراستها ومن ثم عرضها على المكتب السياسي لاتخاذ قرار بشأنها، وموقفنا من الحوار أنه لن يحل قضية لأن الحوار مستمر والحرب مستعرة في جنوب كردفان ورفضنا له لأنه لم يحقق السلام بل نقود حركة داخل البلاد وخارجه.
{رفضتم حوار الداخل وتحاورون الحكومة في “أديس أبابا” أليس ذلك تناقض في موقفكم.
-نحن رفضنا حوار الوثبة الذي خطط له ورعاه ويؤثر على قراراته المؤتمر الوطني، وهو كما سماه الأستاذ “حسن برقو” (حوار الحكومة والموظفين)، ولكن الحوار المجدي هو الذي لا يستثني أحداً ويوقف الحرب.
{ولكن الإمام “الصادق” التقى مع ممثل الحكومة أيضاً.
-ما يحدث في “أديس” لقاء تشاوري إستراتيجي دعت له الآلية الأفريقية رفيعة المستوى وأنا تلقيت تقريراً من رئيس اللجنة السياسية بالحزب، قال إنهم غير متفائلين بحدوث اختراق لأن النظام ذهب بتجريدة مكونة من أكثر من (20) شخصاً ولهم مواقف مسبقة، وكان المفروض أن يتم التشاور ولكن النظام ظل يتلكأ ويتماطل ونحن الآن ذهبنا لنستمع، وسنظل متمسكين بموقفنا بأن اللقاء التحضيري هو من يحدد أجندة الاجتماع ثم ننتقل إلى الداخل لعقد المؤتمر الدستوري الذي يناقش الأجندة المتفق عليها، وتكوين الحكومة الانتقالية المتفق على مدتها وتفضي إلى قيام الانتخابات.
{البعض يعتقد أن رحيل الشيخ “الترابي” سيؤثر سلباً على الحوار الوطني، لأنه كان الضامن للحوار.
-“الترابي” قطعاً وفاته ستترك فراغاً في الساحة السياسية ولكننا نلتمس ضامنين من الخارج.
{لماذا ضامنين من الخارج.
-لضعف الثقة بين الحكومة والمعارضة لابد من وجود ضامنين من الخارج لديهم أهمية أخرى، ضمان التنمية وإعفاء الديون الخارجية ولكن الضمان الأول سيكون الشعب السوداني، لأن أي شخص مهما كبرت قامته وعلا شأنه لن يستطيع أن يضمن.
{ما هي الضمانة التي تتحدث عنها للشعب.
-هنالك أشياء يجب عرضها للشعب ويستفتى عليها مثلاً الحكم الفدرالي والشعب هو ممثل في الأحزاب وقياداتها، والشعب قاطع الانتخابات الأخيرة ويجب استصحاب رأيه في تحقيق مطالبه.
{ولكن الشعب كما قاطع الانتخابات بالصمت يئس من المعارضة في ذات الوقت.
-أبداً ليس الأمر كذلك أما فيما يتعلق بالانتخابات لدينا شواهد لأن المعارضة أينما ذهبت تجد التأييد والمساندة ويسمع صوتها .
{ولكن المعارضة أقامت ندوات معدودة على أصابع اليد واكتفت بذلك ؟
-هذه الندوات على قلتها برهنت وأكدت وقوف الشعب مع المعارضة وتدافع إلى ندوات حزب الأمة عكس المؤتمر الوطني وحلفاؤه الذين يترددون عندما يتعلق الأمر بحشد الجماهير، وتوقفت اللقاءات الشعبية إلا النذر اليسير والذي يصرف عليه مليارات الجنيهات عكس المعارضة التي يأتي إليها الشعب من طوعه واختياره ويترحل من جيبه الخاص.

المجهر