الثورة تأكل بنيها
* لم تمض على ظاهرة طرد النائب المصري توفيق عكاشة من البرلمان المصري وإسقاط عضويته، سوى أسابيع محدودة، حتى أقدمت الحكومة المصرية على خطوة مماثلة بطرد السيد أحمد الزند وزير العدل من مجلس الوزراء وإسقاط عضويته الوزارية !!
* وفي الحالتين كانت مسوغات النظام المصري الذي نهضت عليها عمليات الطرد وإسقاط العضوية، تتمحور حول (غيرة إسلامية)!! ففي حالة السيد توفيق عكاشة بُني القرار على خلفية إقدام الرجل على إستضافة السفير الإسرائيلي في بيته، ومن ثم دعوته للحكومة الإسرائيلية للمساعدة في عمليتي الاقتصاد المصري وسد النهضة !!
* أما جريرة السيد الزند، فكانت من خلال استضافته على شاشة (صدى البلد)، وهي قناة مصرية تعد من ضمن منظومة الفضائيات المصرية الخاصة التي يمتلكها رجال أعمال مبارك!! كما تعد هذه المنظومة من أكبر الداعمين للسيد الزند وثورة ثلاثين يونيو، وقديما قيل إن من الحب ما قتل!! فقد تورط القاضي الزند من شديد العداء للإسلاميين في تصريح يقول: “بأنه سيقدم على اعتقال أي شخص حتى لو كان نبياً” !!
* محللون كثر يذهبون إلى أن الأمر برمته لم يكن إلا إذعاناً إلى حالة غضب شعبي عارمة انتظمت الوسائط الاجتماعية!! ولم تكن غيرة على الإسلام والمقدسات الإسلامية، فعلى الأقل أن النظام المصري الذي يتعاون مع الجيش الإسرائيلي (لملاحقة الإسلاميين) !! وفي المقابل يضرب حصارا محكما علي قطاع غزة، يقولون: إن نظاماً بهذه المواصفات لم يكن مؤهلاً أخلاقياً للدفاع عن الإسلام والمقدسات الإسلامية !!
* غير أن المحللين السياسيين والمراقبين، يقولون بعودة أدوار الوسائط الاجتماعية التي صنعت الثورة الأولى، ثورة 25 يناير، إلى واجهة صناعة الأحداث، على أن ثورة من نوع آخر يصنعها الإسلاميون الآن عبر الوسائط الإعلامية، تتمثل في صناعة رأي عام غالب يضطر النظام الحاكم إلى الإذعان إليه وتنفيذ متطلباته، كما حدث في حالتي عكاشة والزند، على أن من أسقطوا عضوية الرجلين قادرين في مقبل الأيام، بمزيد من توظيف هذه الوسائط واحتدام حملاتها، قادرين على عمل شيء ذي بال في عملية السقوط الكبري لنظام يئن تحت وطأة مجموعة أزمات !!
* فبينما ذهب السيد عكاشة إلى خارج دائرة صناعة الأحداث، وهو يفقد فضائته وعضويته البرلمانية، وفي المقابل اضطر السيد الزند رئيس نادي القضاة السابق، صاحب الدور المحوري في صناعة 30 يونيو التي أخرجت الإسلاميين من منصات الحكم إلى السجون، اضطر ليس فقط إلى مغادرة كرسي الوزارة فحسب، بل اضطر عبر طيران الاتحاد إلى مغادرة مصر مغاضبا، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في عملية تصلح لها تراجيديا (الثورة تأكل بنيها) !!