بخاري بشير : مشهد وحدة الاسلاميين من زاوية أخرى!!
> تدافع الإسلاميون يوم الجمعة الماضية صوب صحن مسجد جامعة الخرطوم؛ المسجد الذي شهد أخصب سنواتهم ومجاهداتهم؛ وشهد منبره تضامنهم وتراحمهم كسجد واحد اذا اشتكى منه عضو تداعى سائره بالسهر والحمى.
> تقاطر الإسلاميون نحو مسجد الجامعة عندما أذن مؤذن بأن الخطبة ستتناول سيرة الشيخ الراحل المجدد الدكتور حسن الترابي؛ وسرى بين الناس أن الخطيب في ذلك اليوم سيكون البروفيسور عبد الرحيم علي؛ وهو أحد الذين رافقوا الراحل لسنوات طويلة.
> وسائل الإعلام عكست تداعيات (تدافع) ذلك اليوم؛ وتناولت بالتحليل الخطبة؛ وما تلاها من أحاديث.. وذهب بعض المراقبين لعكس لوحة المشهد بتفاعلاته وأنفاسه وأشواق المحبين؛ وقال بعضهم أن (المشهد) تأسيس لوحدة جديدة بين الشعبي والوطني.
> ثم سرت في مجالس الخرطوم أنباء من شاكلة الكشف عن مقترح للوحدة بين الوطني والشعبي؛ ولقاء الترابي ونافع وما دار فيه؛ وحديث التقارب بين (الشتيتين) الذي بدأ يلامس شغاف القلوب؛ ويستدعي الى الذاكرة الجمعية للإسلاميين لوحات من زمان مضى.
> لم تلبث هذه التدايات كثيراً؛ إذ سرعان ما طفت الى السطح أخبار جديدة تستبعد ما ذهب اليه البعض في يوم (التدافع)؛ وأبرز هذه الأخبار ما صرح به نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني المهندس أبراهيم محمود لصحيفة المجهر الصادرة أمس بنفيه وجود أي اتفاق قبل وفاة الشيخ الترابي يقضي بتوحيد الوطني والشعبي.
> وكشف ابراهيم محمود عن تفاصيل لقاء عقد بالأحد قبل الماضي ضم الى جانبه القياديين بالوطني د. نافع علي نافع وأحمد ابراهيم الطاهر؛ وقال محمود إن ذلك اللقاء تطرق للحوار ومآلاته وكيفية تنفيذ مخرجاته؛ ولم يتطرق لتوحيد الحزبين؛ وقال ابراهيم إن الإجتماع تطرق فقط لوجود نوايا طيبة من هنا ومن هناك وتضمن حديث عن انتفاء أسباب الإنقسام لكنه لم يناقش مسألة الوحدة.
> وجاء تعليق القيادي بالوطني أحمد ابراهيم الطاهر عن إمكانية وحدة الإسلاميين موافقاً لحديث ابراهيم؛ عندما قال (إن أمر الوحدة بين الحزبين أمر سابق لأوانه).. إلا ان التعليق الأكثر وضوحاً جاء من القيادي بالاصلاح الآن د. أسامة توفيق الذي وصف (تداعي) الإسلاميين الى مسجد الجامعة وبروز أحاديث الوحدة بإنه ضرب من (العاطفة) التي اجتاحتهم بسبب فقد الراحل الدكتور الترابي.
> في اعتقادي أن الدكتور أسامة توفيق كان الأقرب الى الحقيقة التي لم تتزين بالمجاملة أو العاطفة؛ فالحقائق تقول إنه من العسير جداً بعد كل المياه التي عبرت (جسر الإسلاميين) أن ترجع الأمور كما كانت في سابق عهدها ويضم الإسلاميين في السودان كيان واحد.
> فالمسألة ما عادت بين الوطني والشعبي فقط؛ فهناك إسلاميون كثر أبحروا بعيداً عن شاطئ الوطني والشعبي وكونوا كيانات أحزاباً؛ مثل (الإصلاح الآن والعدالة لبناني ومنبر السلام العادل).. كما اأن هناك آلاف الإسلاميين الذين فضلّوا الوقوف على الرصيف والإكتفاء بـ (الفرجة) على المشهد.
> كان للشيخ الراحل الدكتور حسن الترابي وحده عليه رضوان الله وغفرانه المقدرة على جمع صف الإسلاميين من جديد؛ وبوفاته فقد السودان أحد أعظم رجاله في التأريخ الحديث؛ وأصبح الاسلاميون هم أكثر الفئات تأثراً من هذا الرحيل الفاجع.