مدينة السودان الرياضية.. حين تسبق “الكذبة” أبريل
حين كان الشهيد الزبير محمد صالح- نائب رئيس مجلس قيادة الثورة- يضع حجر الأساس لمدينة السودان الرياضية في تسعينيات القرن الماضي، كان محمد المعتصم حاكم يجلس قبالة مولانا محمد عثمان الميرغني ويردد خلفه النداء (سلم مفاتيح البلد تسلم). ربع قرن من الزمان ومفاتيح مدينة السودان الرياضية تصبح مفاتيح لبيوت مملوكة لمواطنين ولشقق يعود إليها أهلها في نهاية دوامهم يهربون من ضجيج الخرطوم الذي لا ينتهي.
المفارقة تبدو في أن المعارض آنذاك هو الراغب لحظتئذٍ، تحولات السياسة جعلت (حاكم) يتحول إلى الحركة الشعبية ومن ثم يعود للاتحادي الأصل. لكن التحولات نفسها تعجز من أن تجعل هتافات الجماهير تنطلق من ستاد السودان الأولمبي، المعتصم يمسك الآن برئاسة شعبة الإعلام بلجنة الرياضة في البرلمان ليعلن للصحافيين، أمس (الأربعاء)، أن اللجنة ستعقد ورشة في أبريل المقبل للتقصي حول أسباب عدم قيام ستاد السودان الأولمبي حتى الآن. مدينة السودان الرياضية تشبه إلى حد كبير واقع السودان، فهي تتآكل من أطرافها، وكان البرلمان قد أعلن في وقت سابق أن جهات تنفيذية في الحكومة – لم يسمها – تصرفت فى أراضي المدينة الرياضية، واستقطعت أجزاءً واسعة منها ووزعتها قطعاً سكنية للمواطنين بطرق قانونية وبشهادات بحث موثقة فى تسجيلات الأراضي. وكشف عن رفع دعاوى ضد مواطنين شيدوا منازلهم على المساحة المخصصة للمدينة.
عندما كان السودانيون يستقبلون صغار مدني المتوجين بذهب بطولة قطر كان نداؤهم يتعالى هكذا: “عاوزين مدارس سنية ودايرين مدينة رياضية” وهو ما يؤكد على أن المدينة الرياضية ظلت أطول مشروع ينتظر الاكتمال في السودان، فمنذ أن وضع حجر الأساس وحتى اللحظة تعاقب على حقيبة الرياضة ثمانية وزراء وأكثر منهم على وزارة المالية والجميع يوقع ببصمته على ما يحدث (ليس الآن).
سيجد عضو البرلمان وأمين مال الاتحاد العام لكرة القدم ومسؤول المنتخبات الوطنية، أسامة عطا المنان، نفسه متنازعاً بين ملعبي (الهلال والمريخ) مسرحا لمواجهة صقور الجديان مع منتخب ساحل العاج، فملعب السودان القومي دهسته الأفيال ولا يمكن الوصول إليه في الوقت الراهن فقط عليك معاودة المحاولة لاحقاً، وهي محاولة لن تكون مختلفة، فقط؛ تكوّن لجنة لتنظر في تقارير اللجان السابقات وكتابة تقرير جديد للجنة التي ستعقبها لمناقشة ذات الملف ولا جديد غير انتظار ما لا يأتي، وهو ما دفع البعض للتعليق على لجنة تقصي الأسباب الأبريلية بالقول: (لأول مرة تأتي “الكذبة” قبل دخول أبريل.
الخرطوم- الزين عثمان
اليوم التالي