دعوة مشبوهة ..!
> قدمت الآلية الإفريقية رفيعة المستوى برئاسة الرئيس الجنوب إفريقي السابق ثامبو أمبيكي، قبل يومين، الدعوة للحكومة وما يسمى بقطاع الشمال في الحركة الشعبية والجبهة الثورية وحركات دارفور والسيد الصادق المهدي، لحضور لقاء غريب ومُريب، أسمته (اللقاء التشاوري الإستراتيجي)، يعقد بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
> ومصدر الريبة في هذه الدعوة وغرابتها، أنها غير محددة الإطار والغرض والمقصد، فلا هي جولة للتفاوض وصلاً لما سبق، ولا اللحاق بما يمكن اللحاق به من مؤتمر الحوار الوطني الذي عُقد بالداخل وخرجت ثمراته، ولا هو ترتيب جديد لإلحاق من قاطعوا الحوار وتعنتوا في الجولات الرسمية وغير الرسمية بقطار السلام في البلاد، إنما هي دعوة «لقيطة» للسيد أمبيكي، لا يُعرف حتى اللحظة من هو أباها ومن ولدت من صلبه، لكن غرضها مفهوم ومعلوم، حيث تهدف إلى التشويش على مخرجات الحوار الوطني وإفشاله.
> على الحكومة أن ترد بقوة وحسم على دعوة أمبيكي الجديدة، فالوساطة الإفريقية لم تحقق شيئاً طيلة السنوات الماضية منذ أن كلفت بملف التفاوض حول المنطقتين جنوب كردفان والنيل الأزرق، فلم تنجز شيئاً بتوقف المفاوضات في محطتها الأولى رغم توالي الجولات الرسمية حتى بلغت العشر، واللجوء لجولات غير رسمية في برلين وأديس أبابا.
> لقد حاول السيد أمبيكي من قبل، حشر أنف الآلية رفيعة المستوى في موضع الحوار، وجاء إلى الخرطوم وواجه رفضاً فعاد بخفي حنين. فكيف ترضى الحكومة بـ(تقليعة) جديدة تحت هذا المسمى المنكور (لقاء تشاوري إسراتيجي)؟!، كيف يتحول اللقاء التشاوري إلى إستراتيجي..؟! ومن الذي يحدد هذا التصنيف والتعريف..؟يجب ألا نرضى بهذا العبث الجديد، فنحن ظللنا ننتظر من الوساطة الإفريقية وخلفها مجلس السلم والأمن والإفريقي ومفوضية الاتحاد الإفريقي وكل مؤسسات المنظمة القارية، أن تبذل جهدها وتتعامل بالجدية الكافية لطي ملف الخلاف والحرب في المنطقتين، وبدلاً عن نهج سليم تنتهجه الوساطة، التي ظلت تتماطل وتتعامل بنوع من عدم الاكتراث للوقت ولا تهتم بأرواح المواطنين في جنوب كردفان والنيل الأزرق وتجامل الحركة الشعبية قطاع الشمال، وهي المستفيد الوحيد من حالة اللاسلم ومن استمرار الصراع المسلح.
> لم نلمس أية خطوات جادة من الآلية رفيعة المستوى ومن يقف وراءها، خلال كل جولات التفاوض بتحديد أجندة التفاوض والقيود الزمنية لانطلاقة النقاش حولها، وكيف ومتى ينتهي الخلاف حولها ثم تقديم المقترحات العملية لاتفاق سلام، فكل ما هناك أن الحركة الشعبية (قطاع الشمال) وحلفائها جعلوا من المنبر التفاوضي ملهاة سياسية ومنتدىً فاخراً للتشدق بالأوهام والأحلام البائرة للمعارضة المسلحة وعرض الأزياء الثورية الفاضحة التي يرتديها قادة قطاع الشمال في الحركة الشعبية.
> على الحكومة أن تكون واضحة في ردها، وليس هناك شيء اسمه اللقاء التشاوري الإستراتيجي حول قضايا السودان يعقد في الخارج، هناك مسار تفاوضي يجري حول المنطقتين، وهناك وثيقة الدوحة ومنبرها، يمكن لمن يرغب من قطاع الشمال او حركات دارفور في التفاوض والسلام أن يدخل عبر بوابتهما، كما يمكن للسيد الصادق المهدي وبقية من تخلفوا في الخارج من المعارضة السياسية أن ينظروا في القضايا التي جرى نقاشها في مؤتمر الحوار الوطني وما خرج به من توصيات ونتائج، فمن يرد التوافق معها والانخراط في العملية السياسية المستمرة، فليفعل فلا إغلاق لمسرب ولا مزلاج على بوابات الحوار الوطني.
> فهذه الدعوة للسيد أمبيكي مفسدة للحوار الوطني وجالبة للنحس السياسي إن ذهبت الحكومة تلبية لها وخاضت فيها مع الخائضين، ومن حقنا أن نطرح سؤالين اثنين على الجميع:
هل تفويض الآلية رفيعة المستوى الذي خرج به قرار تكوينها قبل سنوات، يشمل قضايا السودان كلها بما فيها قضايا الخلافات السياسية والهموم الإستراتيجية وقضية دارفور..؟
> ما هي موضوعات اللقاء التشاوري الإستراتيجي المزمع عقده في أديس أبابا ..؟و باسم من ولتمثيل أية مجموعة، سيشارك السيد الصادق المهدي في اللقاء، هل باسم تحالف إعلان باريس، ام مجموعة نداء أديس أبابا ،أم حزب الأمة القومي..؟ وهل الذين وجهت لهم الدعوة من المعارضة السياسية والحركات المتمردة على قلب رجل واحد، ومتفقون على قضايا السلام والتسوية السياسية؟..