شكراً جزيلاً.. وحب السنّاب للفرنجة داءٌ قديم
< شكراً لغلاء السلع التي جعلت أغلبية الشعب السوداني ينظرون لها شذراً ويتذرعون بعبارة الفاروق للصحابي موسى بن عبد الله الذي رآه عائداً من السوق بلحم فسأله عن الذي باللفافة فقال يا أمير المؤمنين لحم أشتهيت فأشتريت. فكان رد سيد عمر التأريخي (أكلما أشتهيت أشتريت) وتكاثفت تعليقات السودانيين ومن يومها لم يشتر الرجل الصالح (ولا كوارع) دعك من اللحم وتعليق آخر يقول يكفي أن الحالة الاقتصادية في الخلافة الراشدة كانت تتيح ميزانية لشراء اللحم وإن تركوه تركوه زهداً مسكين موسى عبيد الله السوداني الذي مرّ بجزارة النخبة فقال: (لحم أشتهيت فبحلقت فاكتفيت). < شكراً للأكياس السوداء التي أخفت بلونها الداكن في الحواري بعض الأوساخ والنفايات حتى تقرر المحليات على المدارس الابتدائية مقرر إصحاح البيئة ولدغة البعوض وحديث الذبابة. < المساجد السودانية فشلت في تعليم أولادنا الحياة في سبيل الله فاغرتهم بالهجرة بحثاً عن الموت في أمصار أخرى. < شكراً للقنوات السودانية القليلة الحيلة والدخل التي جعلت من المدح والقدح حقاً مشاعاً للجميع دون أن يدفعوا في سبيله ضريبة ملاهي مع أنهم يدفعون مئات الضرائب والرسوم على (السواهي والدواهي). < الآن فقط يمكن للشعب السوداني أن يستمتع ويستمع لأغنيات الشباب مصطحباً معه حفنة من الباندول وحجاب من (الحصن الحصين). < شكراً جزيلاً لكرامات المناطق الصناعية الثلاث بالخرطوم وأم درمان وبحري فبالرغم من أن أغلب مصانعها مغلقة فمازالت العاصمة تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تصنع وتحرق مما (لا تفزع) وتشوي مما لا ترتع وتدفن مما لا ترفع لكنها والحق يقال تفكر وتخطط من كل الذي (ترقع). < شكراً جزيلاً لتقاعس المعارضة عن فضيلة التغيير حتى تعذب الانقاذ بجناية الاستمرار في الحكم لمثل هذا الوطن العجيب. < شكراً للدكتور الشيخ حسن الترابي الذي أعاد مفردة (الوحدة) للاستعمال فقد ظننا أنها بعد حق تقرير المصير أصبحت مجرد اسم لفريق رياضي في السنترليق. < شكراً للسر الكبير الذي تحتفظ به بعض الأقلام الرياضية وطنية وتجرداً مع أنها تملك القائمة كاملة عن لاعبي المريخ والهلال الذين يشجعون برشلونة والأرسنال ولا يشجعون المريخ ولا الهلال ولا الفريق القومي. < شكراً جزيلاً لدوائر الإعلام بالولايات التي لم تمدنا بعد (بسيرة وصورة) ولاتها لأنها تعلم أن خير العلم هو الذي يبدأ من المهد وينتهي في اللحد. < شكراً جزيلاً لدايات أم درمان تلك المستشفى التي تؤكد لنا يومياً (أن أولادنا السمر) مصرين على صرخة الحياة رغم الطلاق والخصام والنقنقة والغيبة.. ورغم إنعدام الشاش والديتول وحق السرير الخاص الذي يساوي في فداحته حق تقرير المصير.. < شكراً جزيلاً للشعب السوداني الصابر وهو يحتمل المواصلات وندرتها فالى الآن لم تضبط أي حالة تلبس لمواطن (نائم) في محطة بص!!. < شكراً للخرطوم (أم الفقرا) التي تستضيف أبناء أثيوبيا الصديقة حتى يكتمل سد الألفية وحتى تصبح أثيوبيا دولة عظمى وهي سنوات ليست ببعيدة.. كل الذي نرجوه مستقبلاً أن تكون المعاملة بالمثل. < شكراً للمنتظرين على أحر من الجمر أولئك الذين يحبون السودان كحبهم لأنفسهم أما الذين يحبون السودان أكثر من أنفسهم فهذا لا نحلم به مثل العنقاء والخل الوفي. < شكراً لأحد الظرفاء الذي أرسل لي هذه الرباعية يا فكتوريا فخرك تحتك التيجان وحزك من نجوم سعدك طبق برجان اسمع قولي فيك الراضي والحرجان كشكوش الودع ما بفاخر المرجان وسألني من الشاعر فهاتفته مع (نصف) ابتسامة هذه للرائع الشيخ أحمد أبو عاقلة أبو سن فقال لي وكيف عرفت ذلك؟ فقلت له ماك شايف فاكتوريا دي في المبتدأ وحب السنّاب للفرنجة داءٌ قديم.