احمد يوسف التاي : نماذج لقادة منافقين
حكى لي أحد النواب البرلمانيين المحترمين وهو يتقطع ألماً، أن زميلا ًلهم كان يروي لهم قصة نجاحه وفوزه في انتخابات سابقة في دائرة بإحدى الولايات، قال صاحبهم وهم له مستمعون : (أول حاجة يوم الانتخابات مريت على ستات المريسة كلهن من الصباح وقلت ليهن الليلة أعملن مريسة كمية كتيرة بالبراميل والحساب علي أنا، أي زول يجيكن الليلة يشرب مجاناً بس ويمشي طوالي على الصناديق)..فريق عمل النائب أعلن ذلك وسط السكارى والمدمنين وكل من له الرغبة في معاقرة الخمر في ذلك اليوم المشهود…ربما لا أحد يصدق أن هذا الأمر حدث، لكني والله لا أشك ولو للحظة واحدة في حديث من روى لي هذه الواقعة وقال ‘نه سمع النائب يقول ذلك على الملأ ويفاخر به ويقول إنه افلح في (انبساطة) الناس ولهذا صوتوا له وفاز بالدائرة، والرجل يحكي هذه الواقعة ويقر بها ربما في إطار الحديث عن المواقف الطريفة … يعني باختصار شديد أن مرشحهم في ذلك اليوم أباح لهم ما حرمه الله عليهم، وكأنه أعطاهم رخصة، بل شجعهم وهيأ لهم متكأ لانتهاك حرمات الله، في العلن والمجاهرة بالسوء كأنما يقفون في صعيد واحد يعلنون العصيان وتحدي القوانين الإلهية، طبعاً هذا قوله بفيه وإقراره بلسانه، لم نفترِ عليه شيئاً، حاشا أن نفعل. والواقعة تعني أيضاً أن الجميع في ذلك اليوم كانوا مدعوين للتعدي على حدود الله وانتهاك حرماته تحت حماية ورعاية مرشح الحزب الحاكم الذي كان يستمد نفوذه وسلطته من (حزب الله)، الذي جاء لنصرة الدين وتطبيق شرع الله، و(إنقاذ) البشرية من الضلال، وملء الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً وظلما..ً
هذا النائب (القديم) المتجدد ربما اتصل علي بعد نشر هذا المقال – رغم أننا لم نذكر اسمه، احتراماً لأسرته ومراعاة لمشاعرها- ربما يتصل ويتهمني بالعمالة لإسرائيل، أو أمريكا، وربما اتهمني بأني أستهدف المشروع الحضاري في شخصه، وأريد تشويه صورة القيادات التي تحمي (بيضة الدين)، لأن الحديث عنه بهذه الطريقة هو استهداف للدين…(ربما يفعل ذلك مين عارف، ما كتار لما نهبشهم بقولوا دا استهداف للمشروع)..
المهم في ذلك اليوم تداعى السكارى والحيارى والمدمنون، وكل الذين كانوا قد أقلعوا عن معاقرة الخمر بسبب ضيق ذات اليد، فعادوا إليها بعد أن أصبحت مبذولة للشاربين تحت رعاية (النائب) الذي يقول حزبه إنه جاء من أجل التمكين لدين الله…
لكن الذي ربما استعصى علينا فهمه من شدة تناقضاته أن النائب نفسه كم كنا نشاهده ونسمعه يهتف أثناء النفرات والحشود والفعاليات: (أولى نموت والإسلام قبل القوت)، و(هي لله لا للسلطة ولا للجاه)، (ولا لدنيا قد عملنا نحن للدين فداء)…لا أدري أي دين هذا الذي يفديه هذا المنافق الرعديد..!!!
صحيح أن الواقعة مرت عليها سنوات، لكن لا بأس من ذكرها للتنبيه إلى بعض الأساليب الفردية التي ربما تكون غائبة عن قادة الحزب الملتزمين والذين لا شك أنهم لا يرضونها لـ(حزب قائد لوطن رائد)، أو ربما أن البعض سمع بها من ذلك النائب (المكرر) وتماهى معها أو تعامل معها من جملة المواقف الطريفة التي يتندر بها بعض الساسة أو (يتظارفون)، بها ويحسبونه أمراً هيناً وهو عند الله عظيم….اللهم هذا قسمي فيما أملك…..
نبضة أخيرة :
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين.