سمية سيد : إتاوات عبد الواحد نور
ليس هناك أسهل من الجلوس على مكاتب وثيرة في عواصم الدول الأوروبية ومخاطبة مجموعات تعيش في معسكرات النازحين واللاجئين والشمس تلفح وجوههم في مساكن تفتقر لأبسط حفظ كرامة الإنسان، أن هلموا إلى الحرية.
مقطع فديو متداول يوم أمس يظهر (المناضل) عبد الواحد محمد نور يخاطب أبناء دارفور في المعسكرات بأن يدفعوا ما بين 300 مليون إلى 500 له، مساهمةً منهم في معركة الحرية التي يتولاها سيادته، وأيضاً الدفع بأبناء وبنات المعسكرات لحمل السلاح في وجه الحكومة.. مع التهديد والوعيد بالويل والثبور لمن يخالف التعليمات، خاصة دفع المبالغ التي تذهب من النازحين إلى الحكومة حسب ترهاته.
لم يكتفِ عبد الواحد محمد نور بإسهامه في وجود هؤلاء البؤساء في ظروف غير إنسانية جراء الحرب وعدم الاستقرار في الإقليم، بل يطالبهم بمده بالمال لشراء السلاح والأبناء لحملها وتصويبها إليهم هم قبل الحكومة.
المؤكد أن المطالبة بمشاركة أبناء النازحين في الحرب تعني تجنيد الأطفال وإرغامهم على حمل السلاح؛ لأن الواقع يقول إن معظم سكان المعسكرات هم رجال كبار في السن ونساء وأطفال.. ذلك لأن الشباب إما ماتوا في الحرب أو هربوا من جحيمها صوب عواصم الولايات أو خارج السودان.
مصيبة إرغام الأطفال على القتال ليست فقط في مخالفته للقوانين الدولية، وإنما خلق جيل تتنامى فيه روح الكراهية والحقد والانتقام..
دعوة أو تهديد عبد الواحد يشير إلى الحالة التي بدأت تظهر على الحركات المسلحة في ما يختص بضعف حجمها وحاجتها الماسة لمقاتلين، وضعف مقدراتها المالية بعد تراجع المجتمع الدولي عن دعمها وانفضاض الدول التي كانت تقدم لها المال والسلاح وحتى الجنود..
ليتهم يحولون حالة الضعف هذه إلى قوة بأن يتجهوا نحو السلام وإعلان وقف الحرب ومساعدة اللاجئين والنازحين على العودة إلى مناطقهم، بدلاً من تهديدهم واستغلالهم وابتزازهم تحت دعاوى الحرية.
إذا كانت هذه هي أوضاع معظم الحركات المسلحة، كما أفصحت به عبر قياداتها، فهل يمكن أن تستثمر الحكومة هذا الموقف وتتحاور مع أبناء دارفور داخل معسكراتهم حول مطالبهم في كيفية الرجوع إلى مناطقهم وتمليكهم وسائل إنتاج، بدلاً من اعتمادهم على منظمات الإغاثة.. هذا هو المدخل الصحيح لوقف الحرب وبداية انتهاء معاناة الناس في إقليم دارفور.