الكتب الإلكترونية
قلق كبير يتنامى بين أوساط ناشري الكتب، تعود أسبابه إلى الانتشار الكبير مؤخرا للكتب الإلكترونية المحملة على الإنترنت، أو كتب المنشورة على صيغة PDF كما هو متعارف عليها بين رواد هذا الشكل من القراءة، الآخذين في التمدد يوما في إثر الآخر، لاسيما مع الانتشار الكبير لوسائل الإنترنت الحديثة وسهولها استخدامها مقرونا ذلك مع الفاعلية الكبيرة لشبكات التواصل الاجتماعي التي تسهم بدورها عن طريق القروبات المتخصصة والإعلان الشخصي، في الترويج لهذه الكتب والدعوة إلى اعتمادها سبيلا جديدا يقود إلى المعرفة، إلى جانب السبيل القديم والأرسخ للكتاب في شكله الورقي الطباعي – التقليدي؛ الذي تحول بقدرة التكنولوجيا إلى هذه الصيغة الإلكترونية المجانية سهلة التداول!
قلق الناشرين الكبار يعود كما هو واضح إلى خوفهم من بوار سلعهم (الكتب الورقية)، فبعد الصرف المادي في إعداد الكتاب وطباعته وتحفيز كاتبه ونشره بما يصاحب ذلك من تكاليف نقل وترحيل وإيجار وضرائب وإتاوات وغيره، يجد هؤلاء الناشرون أن كتبهم هذه أصبحت معروضا مجانا في فضاء الإنترنت اللامحدود وأحيانا تسبق عملية النشر الإلكتروني هذه إعلانهم عن الكتاب أو عرضه في السوق، وهذه بلا شك خسائر فادحة ستؤثر آجلا أو عاجلا على عملية النشر الورقي وقد تؤدي إلى موته تدريجيا مثلما يحدث مع أكبر الصحف الورقية العالمية الآن، إذ تحول أغلبها إلى البديل الإلكتروني وهجر وإغلاق الروقي نهائيا وآخرها صحيفة الإندبندت الشهيرة التي أعلنت قبل أيام توقف نسختها الورقية إلى الأبد!
قد يحاجج البعض بأن هذا الأمر ينطبق على الغرب والدول الغنية والمتقدمة إلكترونيا أكثر من انطباقه على بلد مثل السودان وبعض الدول الأفريقية الأخرى، لكن هذه المحاججة ستسقط سريعا إذا عرفنا بالخطوات الحثيثة التي تقوم بها شركات الإنترنت الكبرى مثل (قوقل) وموقع (فيسبوك) لجعل الإنترنت متاحا ومجانا لكل شعوب الأرض خلال سنوات قليلة، عن طريق الأقمار الصناعية؛ وبدأت التجربة فعليا قبل أشهر في بعض البلدان الأفريقية، إذن الإنترنت تدريجيا سيصبح الأداة الحياتية الأساسية لكل فرد في هذا العالم، أيا كان مستواه التعليمي أو موقعه التراتبي مجتمعيا.
كتب الـ PDF رغم اعتمادها على القرصنة حتى الآن إلا أنها بلا شك تمثل واحدة من أكبر الثروات المعرفية التي عرفها الإنسان منذ وجوده حتى الآن، فأن يمتلك الفرد – أي إنسان – مكتبة بحجم مكتبة الكونغرس الأمريكي في ذاكرة صغيرة بهاتفه الجوال، وأن يقرأ ما يشاء من كتب ونصوص دون رقابة من أحد؛ لعمري أنها ثورة الثورات.