ﺃﺷﺘﺮﻱ ﺍﻟﺴﻤﺴﻢ ﻭﺍﻟﻜﺮﻛﺪﻱ ﻭﺍﻟﻔﻮﻝ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﺯﻣﻦ ﺍﻟﺤﺼﺎﺩ ﻭﺃﺧﺘﺰﻧﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﺍﻟﺴﻌﺮ ﺛﻢ ﺃﺑﻴﻊ .. ﻫﻞ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﺣﺘﻜﺎﺭ؟
ﺍﻻﺣﺘﻜﺎﺭ
فضيلة الشيخ د عبد الحى يوسف
الأستاذ بقسم الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم
ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ :
ﺃﺷﺘﺮﻱ ﺍﻟﺴﻤﺴﻢ ﻭﺍﻟﻜﺮﻛﺪﻱ ﻭﺍﻟﻔﻮﻝ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﺯﻣﻦ ﺍﻟﺤﺼﺎﺩ ﻭﺃﺧﺘﺰﻧﻪ ﺣﺘﻰ
ﻳﺮﺗﻔﻊ ﺍﻟﺴﻌﺮ ﺛﻢ ﺃﺑﻴﻊ .. ﻫﻞ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﺣﺘﻜﺎﺭ؟ ﻭﻫﻞ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺗﺨﺰﻳﻦ
ﻟﻠﻄﻌﺎﻡ؟
ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ :
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ، ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﺮﻑ ﺍﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ، ﻭﻋﻠﻰ
ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ، ﻭﺑﻌﺪ .
ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ ﺩﺍﺧﻠﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻮﻡ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ (( ﻭﺃﺣﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺒﻴﻊ ﻭﺣﺮﻡ
ﺍﻟﺮﺑﺎ)) ﻭﻟﻴﺲ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻻﺣﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻮﻋﺪ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﻓﺎﻋﻠﻪ؛ ﻷﻥ ﺍﻻﺣﺘﻜﺎﺭ ﻫﻮ ﺗﺨﺰﻳﻦ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻣﻊ ﺣﺎﺟﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﻗﺪ ﺛﺒﺖ
ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: { ﻻ ﻳﺤﺘﻜﺮ ﺇﻻ ﺧﺎﻃﺊ } ﺭﻭﺍﻩ
ﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺍﻟﺨﺎﻃﺊ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﺎﺻﻲ ﺍﻵﺛﻢ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻗﺎﻝ
ﺃﺻﺤﺎﺑﻨﺎ: ﺍﻻﺣﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﻤﺤﺮﻡ ﻫﻮ ﺍﻻﺣﺘﻜﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻷﻗﻮﺍﺕ ﺧﺎﺻﺔ، ﻭﻫﻮ ﺃﻥ
ﻳﺸﺘﺮﻱ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﻐﻼﺀ ﻟﻠﺘﺠﺎﺭﺓ، ﻭﻻ ﻳﺒﻴﻌﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻝ، ﺑﻞ ﻳﺪﺧﺮﻩ
ﻟﻴﻐﻠﻮ ﺛﻤﻨﻪ، ﻓﺄﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﺟﺎﺀ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺘﻪ، ﺃﻭ ﺍﺷﺘﺮﺍﻩ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﺮﺧﺺ
ﻭﺍﺩﺧﺮﻩ، ﺃﻭ ﺍﺑﺘﺎﻋﻪ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﻐﻼﺀ ﻟﺤﺎﺟﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻛﻠﻪ، ﺃﻭ ﺍﺑﺘﺎﻋﻪ ﻟﻴﺒﻴﻌﻪ ﻓﻲ
ﻭﻗﺘﻪ، ﻓﻠﻴﺲ ﺑﺎﺣﺘﻜﺎﺭ ﻭﻻ ﺗﺤﺮﻳﻢ ﻓﻴﻪ. ﺍ .ﻫـ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﺤﺮﻳﻢ ﺍﻻﺣﺘﻜﺎﺭ
ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﻋﻦ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺃﺟﻤﻊ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻋﻨﺪ
ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻃﻌﺎﻡ، ﻭﺍﺿﻄﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻟﻢ ﻳﺠﺪﻭﺍ ﻏﻴﺮﻩ، ﺃﺟﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﻌﻪ ﺩﻓﻌﺎً
ﻟﻠﻀﺮﺭ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ.
ﻭﺃﻣﺎ ﻏﻴﺮ ﺍﻷﻗﻮﺍﺕ ﻓﻼ ﻳﺤﺮﻡ ﺍﻻﺣﺘﻜﺎﺭ ﻓﻴﻪ ﺑﻜﻞ ﺣﺎﻝ؛ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻗﻮﻟﻪ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ { ﻣﻦ
ﺍﺣﺘﻜﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻃﻌﺎﻣﻬﻢ }ﻓﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺍﺯﻩ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ، ﻗﺎﻝ
ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ: ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻛﺮﻫﻮﺍ ﺍﺣﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ، ﻭﺭﺧﺺ
ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻻﺣﺘﻜﺎﺭ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻙ : ﻻ ﺑﺄﺱ
ﺑﺎﻻﺣﺘﻜﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻄﻦ ﻭﺍﻟﺴﺨﺘﻴﺎﻥ ﻭﻧﺤﻮ ﺫﻟﻚ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ.