حوارات ولقاءات

لماذا السيد الرئيس يريد أن يستلم ملف الإعلام بنفسه، وماذا عني بـ(أولادنا بقوا يكتبوا ضدنا)؟!

* إشراف الرئيس على ملف الإعلام.. إضافة للإعلام وليس منقصة
* أنفي أي شكل من استهداف الدولة للصحافة
* الصحف التي يمتلكها أفراد من الوطني الأكثر مهاجمة للحكومة!!
* أطلب حسابات الناشرين الصحفيين (عشان أعمل بيها شنو؟)
* على لسان الرئيس.. نحن جاهزون للوصول الى معادلة مرضية مع الصحافة
* حدث الهجوم عليَّ .. لأنهم يريدون حيطة ينشنوا عليها..
* هذه أخطاء الصحافة السودانية..
* الحرية المطلقة مفسدة
* تأذيت من هذه الحادثة كثيرة
مقدمة
مناخ الحوار الوطني والذي سبقه تعليل الأحزاب الممانعة بوضع عدة اشتراطات للانضمام لقاطرة الحوار الوطني من أبرزها تهيئة البيئة القبلية وبسط يد الحريات كافة ومن أبرزها الحريات التعبيرية.. كل ذلك أعطى انطباعاً عاماً أن القادم لا محالة هو التعبير الحر، ولكن حدث بعض (الخلل التنبوئي) إن صح التعبير وحدث اشتباك أفضى الى إيقاف بعض الصحف وبعض العاملين في الوسائط الإعلامية المختلفة، كل ذلك جعل من ضروريات المرحلة أن نحمل أوراقنا الى السيد وزير الإعلام والناطق باسم الحكومة لنستجلي الأمر.. فوجدنا أن حاجتنا له للاستجلاء تقابلها حاجته لتوضيح بعض النقاط التي رآها بزوايا مختلفة، فبين هذا وذاك خرج الحوار أرجو أن يجيب عن بعض ما في أذهانكم.

نبدأ من حيث انتهى الآخرون، لماذا الدولة غاضبة على الإعلام؟
ـ أصبحت أواجه بهذا الكلام كثيراً، وهناك حساسية كبيرة ما بين الصحافة الورقية تحديداً وبين الدولة، هذه الحساسية ترقى أحياناً إلى أن الدولة لا تريد صحافة، وردي مبدئياً أنه كلام عارٍ من الصحة، لكن ربما كثيراً من الملاحظات السالبة والصورة الشائهة التي تنقل ضد السودان في الخارج يكون مصدرها بعض الأخبار من هنا وهناك، بالتالي نواجه عندما يأتي أي زائر إلى السودان باندهاشه للصورة المغايرة التي كان يضعها للسودان وهذا مصدر قلق أساسي، لماذا الصورة مقلوبة وأين تختفي الإيجابيات التي تحدث في السودان ولماذا تضخم السلبيات بهذا الحجم مثلاً المسؤول يتحدث حديثاً طويلاً فيتم التقاط بعض الكلمات فقط ويركز على الكلمات ويترك الجانب الآخر تماماً.
الصحافة هي خالق التوازن الإعلامي في السودان، فيما أن الإعلام المرئي يغيب تماماً قضايا المواطن والاحتجاجات وغيرها، فإن الصحافة تقوم بكشف جزء من ذاك لذا غير مرضي عنها؟!
ـ طيب.. الآن الدولة لا تمتلك كل القنوات الفضائية و..
* هنالك الامتلاك الرسمي أو امتلاك الضغط الإعلاني وغيره؟!
ـ أبداً.. هنالك منابر حرة في هذه القنوات وهنالك إذاعات مسموعة أيضاً، فالدولة لا تملك في الإعلام أكثر من 25%، ولعلمك الدولة لا تمتلك صحيفة وليست لديها سيطرة على الإعلام الإسفيري ولا قبضة على ما يتم في الأثير السوداني وبالتالي هذا الاتهام غير وارد، فالمسألة ليست نقل مظاهرات أو رأي آخر.. و..
* نعم ليست مظاهرات، فهناك معاش الناس وغلاء المعيشة وغيره من مسائل غير مطروحة في الإعلام المرئي؟!
ـ هذا لا يسبب مشكلة إطلاقاً الانتقاد والوقوف مع المواطن في معيشته كلها من أولى واجبات الصحافة، في الحقيقة أجيب عن أسئلتك لأنها مطروحة بكثافة ويتم الترويج السالب بأن الدولة لا تريد صحافة وتضيق عليها وهذا الكلام غير سليم، انظري للعديد من الأحداث مثلاً تجدين نائباً برلمانياً يعبر عن وجهة نظره الفردية في قضية ما، غداً العنوان الرئيس البرلمان يقول وحتى في الأحزاب يتحدث شخص عن وجهة نظره الذاتية لتفاجأ يعنوان مثل القيادي بالحزب الفلاني يقول.. فمشكلة التضخيم تحتاج الى حلول جذرية، ما عدا ذلك في تقديري الصحافة السودانية متقدمة ومتطورة وإذا ما قورنت بمحيطها ليست هنالك أوجه تقارب، لكن كلمتي لأهل الصحافة أن تعالوا إلى نقد ذاتي وموضوعي أليست هناك عيوب في الصحافة، وهل يعقل أن يكون هناك أكثر من مائتين وستين كاتب عمود.
* في المقابل لا تنظر الدولة أيضاً بذات العين للتدهور الاقتصادي المريع للصحافة، ولماذا لا تقلل الدولار الجمركي كما تفعل مع الدواء، تلك خطوات يستدل بها البعض على نية الدولة في الإدماج القهري للصحف؟
ـ هذا سؤال رائع أرد عليه بما يلي: نحن عقدنا قبل ذلك ورشة مع الصحفيين والناشرين مشاكل الصحافة متعلقة بارتفاع مدخلات الصحافة من أحبار وورق وغيرها وباستمرار هذا الحال ستعجز الصحافة عن الصدور ومعالجة هذا الأمر بارتفاع أسعار الصحف يساوي قلة في التوزيع، اكتشفنا أن ما تأخذه الدولة من رسوم وجبايات وجمارك وضرائب وغير ذلك لا يتعدى بتاتاً 7% وحتى هذه يمكن للدولة أن تقلصها إلى صفر، لكن يبقى أن الدولة لا تمارس التضييق، على صعيد آخر الدولة اقترحت ولا زلنا نكرر لو تجمعت الصحف في شركات مساهمة عامة فإنها طريقة تيسر للدولة أولاً الدعم المباشر والاعتمادات وضمانها تسهيل أمور العاملين بشكل كبير، أما بهذا الوضع جرائد شخصية أو عائلية أو بهذا التفاوت الكبير الذي نراه ما بين جريدة أحياناً تصل إلى مائة ألف في طباعتها، ثم تتدنى الى ثلاثين ألف، الدولة لا تستطيع أن تدعم، أنا أدعو إلى اجتماع آخر أو سمنار يضم أهل الإعلام وكل المسؤولين في الدولة وليس وزارة الإعلام وحدها، وإذا وافق المحررون والناشرون وأصحاب الصحف يمكننا أن ندعو إلى ورشة تضم وزارة المالية وتحتها الضرائب والجمارك والتأمينات الاجتماعية وأن تضم وزارة الإعلام والأمن وما تخرج به هذه الورشة نحن ملتزمون به تماماً.
* لماذا السيد الرئيس يريد أن يستلم ملف الإعلام بنفسه، وماذا عني بـ(أولادنا بقوا يكتبوا ضدنا)؟!
ـ برضو حصل تحريف في كلام السيد الرئيس المتعلق بقضايا الإعلام وأنه يود الإمساك بملف الإعلام بنفسه، ما أود قوله إن بعض الوزارات تتبع مباشرة للسيد الرئيس في العمل التنفيذي، وكل الوزارات تعمل تحت إمرة الرئيس لكن هناك وزارات من باب أولى يقوم بها هو مثلاً وزارة الخارجية العمل الخارجي دستورياً مسؤول عنه الرئيس ووجود الرئيس الإشرافي على الإعلام لا تحسب منقصة على الإعلام، بل على العكس اهتمام أكثر باعتبار أن الإعلام أهم حراك سياسي اجتماعي ثقافي فوجود الرئيس فيه إضافة وليست منقصة و..
* تتمة المقولة يا دكتور هي (أولادنا بقوا يكتبوا ضدنا)؟
ـ للأسف أحياناً الناس يكتبوا في موضوع معين دون تثبت كافٍ، أنا شحصياً تأذيت كثيراً بناءً على معلومة محددة يكتبها شخص دون تثبت فتنتقل الى العشرات دون أن يكلفوا أنفسهم للتثبت، آخر شئ مسألة طلب حسابات لبعض الأشخاص أنا لم أقل ذلك مطلقاً، بل على العكس ما قلته لا أدري عن هذا الموضوع وليست لنا ولاية ولا وصاية على أموال الصحف ولو تثبتم قليلاً لعلمتم أنه ليس بإمكان وزير مركزي أن يطلب حساباً شخصياً من بنك السودان إلا بإجراءات قانونية من وزارة العدل ولنفترض حتى أن وزير الإعلام طلب الحساب ماذا أفعل به تحديداً يعني؟! هنالك جهات معينة لو فرضنا أن هذا الأمر تم منها تكون معقولة وزارة المالية مثلاً لأن لديها الضرائب والتأمينات الاجتماعية، لكن وزارة الإعلام ماذا تصنع بالحسابات، هذا الكلام لم أقله ولم يرد على لساني وغير سليم بالمرة، ولو عرفت حساباتهم (حأعمل شنو) ليس من يدي أن أعمل (حاجة) لو طلب جهاز الأمن أو زارتا المالية أو العدل تكون جائزة نوعاً ما لكن يقوم هجوم مكثف على وزير الإعلام فقط لأنهم يريدون حيطة ينشنوا عليها، أفتكر هذا كلام خاطئ.
* قد تكون بعض الحوادث الفردية خاطئة، لكن في النظرة الإجمالية هنالك تحجيم حريات أدى الى إيقاف صحف وإعلاميين عن مزاولة مهنتهم رغم أن البيئة فيها حوار وطني؟!
ـ البيئة فيها حوار، نعم لكن ترك الحبل على القارب كلية هذا يؤدي إلى فوضى، فالمناخ العام الآن في السودان إيجابي تفاؤلي وبناء نحو سلام إذا وجدت أن هنالك مجموعة تريد أن تسبح ضد التيار لابد من التعامل معه، هنالك من لا يريد الحوار ولا يتمنى له النجاح أنا لا أتهم الصحافة ولا أشخاصاً، هنالك بالقطع في المقابل حتى هذا هو برنامجها الأساس، فالرئيس يهمه أمن السودان واستقراره، بل على العكس مطلوب من الجميع محاربة أي صوت نشاز في هذا المناخ تحديداً فإبراز الرأي الآخر مهم، لكن أن تكون المسألة تقويض لكل ما يجري لا أعتقد أن الظرف يسمح به.
* ما هو المطلوب من الصحف حال كانت تقديراته الذاتية التحدث عن بعض ما يرى من استغلال نفوذ أو ضيق معاش الناس، مع الأخذ في الاعتبار أننا منذ أن خرجنا لدنيا وظرف السودان حساس؟!
ـ ضاحكاً.. ويمر بمرحلة مفصلية ومنعطف تاريخي هذا ما نسمعه، والله السودان بخير ولا نقول إنه في أفضل الحالات لكنه مقارنة بغيره لا بأس به الآن، لكن المطلوب التثبت ثم التثبت فلو امتلك الصحفي المعلومات الكافية والأدلة الدامغة عن فساد شخص ما ووجد له الاتهام الثابت لا أجد من يقول هذا الأمر ممنوع أو غير مرغوب، لكن أن يلقى الاتهام جزافاً مثل الحديث عن الفساد كمسلمات الحديث عن الجرائم كمسلمات، حتى القارئ الأجنبي يعتقد أن السودان ليس فيه طمأنينة تتيح للطفل أن يخرج إلى الشارع لأنه يغتصب مثلاً كما يحدث في نيويورك، فهذا هو التضخيم الذي نرفضه في تقديري أنه بعد قيام مفوضية الفساد أي شخص يمتلك أدلة عليه أن يتجه إلى المفوضية ويحمل هذه الأوراق ويكتب.. الرئيس في المؤتمر قبل الأخير للجمعية العمومية في الحوار قال هذا للطيب مصطفى إذا كنت تملك أوراقاً معينة ضد أي شخص اِأتي بها واكتب، لكن مسألة التحدث رجماً بالغيب أنا أعتقد أنه قذف وليس له علاقة بتبيان الحقيقة، فالمسؤولية والمعقولية فيما نكتب مهمة.
المناخ غير شفاف وليس بإمكان الصحفي الحصول على المعلومات بيسر وهذا ما دفع البعض لاعتقاد أن التضييق على الصحفي في مصادره جزء من التعتيم المتعمد؟
ـ والله أنا شخصياً وبصراحة لا أرى أي حواجز أمام الصحفيين، فالصحفي الذي يكد ويبحث عن الحقيقة ليس هناك حائلاً دونه ولو كانت في بروج مشيدة إن أراد التثبت سيأتي بها، ولكني أقول صراحة بعض إخوتنا المسؤولين يتحاشون الدخول مع الصحفيين في حوارات لأنه ربما كلامهم يضخم بطريقة تخرجه عن السياق، وأنا أؤكد أنه الآن تجري صياغة قانون الحصول على المعلومة وهو في نهايته سيكون قانوناً ملزماً، والآن لدينا بوابة السودان الإلكترونية وسيقوم مركز الإعلام في وزارة الإعلام به إضافات أخرى في الحصول على المعلومات ومن يبحث عن الحقيقة سيجدها، أما من يبحث عن الإثارة فما أيسر مهمته.
* بالعودة الى ما يراه الصحفيون تقويضاً للحريات أي الى حجب صحف وأقلام وإذاعيين ولم يكن الفعل غير حديث عن مسائل خدمية ومعاشية وليس أمن دولة وفقاً لما يرون؟
ـ لا لا لا.. المسألة عندما تتحول إلى تشكيك وتخوين وهدم بمعنى الكلمة لما يتم ويجري واستهداف رمزية الدولة ممثلة في شخصية الرئيس حينها تكون المسألة ليست بهذه السهولة، والآن لماذا لا يقارن الناس بهامش الحرية الموجود حولنا هل متاح ما ينعم به الصحفيون في السودان؟!
* نعم دكتور هنالك دول مجاورة نجد فيها برامج التوك شو التي تتناول قضايا معاشية وخدمية، بل وخارجية بهامش واسع نسبياً من الحرية؟!
ـ عليك نور يا عفراء (ضاحكاً) ضربتي مثلاً بدولة معينة لا أود تسميتها، فقط أرجو أن تعيدي مراجعة القنوات الفضائية التي أوقفت مؤخراً، وكم صحفي سحب أو قتل ليس هنالك مقارنة بهامش الحرية في السودان، وأنتي تعلمين تمام العلم أن أجهزة الدولة الرسمية تصرف عليها الدولة وتقوم بتشغيلها للتعبير عن سياستها هذا في كل العالم موجود، أما القنوات الخاصة (فخليهم يقولوا العاوزنو).
* تفضلت آنفاً بأن الصحافة تضخم المعلومات، بينما يرى الصحفيون أن المسؤولين يتحدثون وعندما يخرج حديثهم مانشيتاً رئيسياً يتراجعون عنه نهائياً ومن ذلك حادثة (شرب العاصمة من ماء الصرف الصحي)؟!
ـ طبعاً الصحافة تفرح جداً للكلام الذي فيه نوع من (المشاترة) وتترك عضم الموضوع وتذهب..
* لكن يا دكتور تلك حادثة حقيقية و..
ـ معليش حتى لو كان وفي نهاية الأمر هذا ما حدا بالمسؤولين أن يحجموا عن التصريح خشية الانزلاق بكلمة أو أخرى فتضخم المسألة الفرعية ويترك لب الموضوع، فيما يتعلق بالصرف الصحي هو تخوف طبي من حفر بعض (المراحيض) واختلاطها بالمياه الجوفية فربما تلوث هذه المياه، هذه حقيقة طبية لأن كل العاصمة لا تشرب من الآبار وإنما من النيل، وسمعنا من الصحافة أيضاً تلوث النيل الأبيض وتلوث كذا وتلوث كذا وهذا غير سليم.
* دكتور أنتم من حزب صانع استقلال، وفي ذلك الوقت كان الاتحادي والأمة على خلاف تفكيري وتوافق وطني لماذا الآن كل ما ليس معنا فهو ضدنا، ألا يمكن أن تكون الصحافة مماثلة في درجة الوطنية ومختلفة في الرؤى فقط؟
هذا الكلام مردود عليه بكلام الرئيس نفسه، فعندما قال (أولادنا بقوا يكتبوا ضدنا) هذا معناه أن الشكوى ليست من المعارضين وإنما من المؤيدين، المسألة في نهايتها نحن ندعو لهدنة، دعينا عبركم ننادي بهذا الشئ وننفي أي شكل من أشكال الاستهزاء، ونرجع جميعاً الى مؤتمر الصحافة وقضايا الإعلام، فتقدير الظرف الوطني مهم أو حتى لو شعرنا أن المسؤول زل في كلامه واستشعر الصحفي أن في نشر كلامه إيذاء للسودان وليس النظام حينها يجب التريث فشخص غير مخول مثلاً للحديث عن الأمراض المعدية التي ظهرت في قطيع من الماشية مثلاً عندها سيعود الضرر على السودان بأكمله، فالمسائل التقديرية وحجم تأثير الخبر على الوضع هذه مسؤولية المصرح والصحفي معاً، فليس بالضرورة أن يكون المسؤول أحرص على وطنه من الصحفي بأي حال من الأحوال يعني فأكرر الدعوة عبر الحوار الى ميثاق شرف وعلى لسان السيد الرئيس أقول نحن جاهزون أن نصل الى معادلة مرضية في كل القضايا التي تهم الصحافة بشرط أن نبتعد كثيراً عن ما يؤذي السودان.
* ماذا عن محكمة الصحافة التي تردد الحديث عنها في أكثر من منبر؟
ـ طبعاً هذه المحكمة ليست قراراً من وزير الإعلام، بل هي قرار من رئيس القضاء وهو الجهة المخول لها بإصدار هذه القرارات، فمبلغ علمي أنها في النهايات ولكن لا علاقة لنا بإصدارها أو شكلها، فقط هنالك قانون وهذه المحكمة تيسر التقاضي ما بين المتلقي أياً كان حكومة أو أفراداً وبين الناشر أياً كان فرداً أو جماعة، لكن شروط المحكمة ليس من وزارة الإعلام وإنما من القضاء، ونحن لا نتحدث عن ما يخص القضاء فهو مستقل.
* طالما أن القضاء مستقل، فلابد له من قانون متخصص والذي يحكم الصحافة الآن ليس قانون الصحافة والمطبوعات وإنما قانون الأمن؟
هو قانون الصحافة موجود وقانون الأمن أيضاً موجود، فالأمن لا يتحرك بالمزاج، وإنما وفق قانون، والتقاضي أمام المحاكم مسألة أخرى فلو شخص أغلقت صحيفته هذا لا يعني أنه قفل أمامه باب التقاضي فهو باب مفتوح وحال قيام المحكمة الخاصة (دي) يمكن للصحفي والناشر أخذ حقه عبرها، أما قانون الأمن فيسري الى حين إلغائه وقانون الصحافة موجود أيضاً.
* موجود أم مجمد؟
ليس مجمداً قانون الصحافة و..
* هل يتم الإيقاف والمصادرة وفقاً لقانون الصحافة والمطبوعات؟!
عندما يوقف الأمن بديهي أنه يتكئ على قانون الأمن، لكن قانون الصحافة والمطبوعات وفقاً له سيتم التقاضي الى المحكمة حال قيامها وليس الى أي قانون آخر وآمل أن تقوم المحكمة قريباً وحتى في الظرف الراهن لو حدث وأضير شخص يذهب ويتقاضى أمام المحاكم وهناك قضايا سابقة في هذا المضمار تم كسبها بالمناسبة فيها كثير من القوانين سيعاد النظر فيها.
هل بالفعل يمكن للصحفي في السودان يوماً ما أن يملك حصانة، وأن يعثر على المعلومات ويحظى بحقوق دون أن يكون موالياً وأن تحصل الصحف على نسب من الإعلان أياً كان نهجها؟
هذا اتهام غير صحيح أختي عفراء.. الكثير من الصحف التي تشتم صباح مساء.. الحكومة هي أكثر الصحف التي تحظى بإعلانات وهذا كلام حقيقي يعني، والإعلان بنسبة 60% منها حكومية، والصحافة إن لم تكن تتلقى إعلانات لما استطاعت الصدور لأن الإعلانات هي التي تغطي تكلفة صناعة الصحافة وكان يمكن للحكومة ألا تتعامل بهذا الشكل ومن حقها التعامل مع الصحف المعقولة في الإعلان ولكن الواقع أن جميع الصحف مليئة بإعلانات الحكومة فلا توجد صحيفة معزولة من الإعلام الحكومي هذا أولاً ثم الشكوى (وأنا شخصياً لا أشكو)، لكن من يفعل إنما يشتكي من الصحافة الموالية أو الصحف التي يملكها أفراد من المؤتمر الوطني، فهو كحزب لا يمتلك صحيفة ولكن أفراداًُ منه يمتلكون صحفاً.
* أو بعض أجهزته الحساسة؟
يعني قد تكون مشاركة لكن صحيفة كاملة لا يوجد لكن أشخاصاً من المؤتمر الوطني يملكون صحفاً نعم، ولكنها أكثر الصحف مهاجمة للحكومة وأمسك عن ذكرها لأن اللبيب بالإشارة يفهم
* رغم لقاءات السيد الرئيس بقادة الصحافة وكذا مساعد الرئيس إلا أن ذلك لم يفلح في إزالة الاحتقان بين الصحافة والدولة لماذا؟
ـ أفكتر أن الأذهان معبأة ربما لإيقاف صحيفة أو بعض الأفراد لكننا بحاجة الى هدوء حقيقة بين الدولة والصحافة فهنالك العديد من الاتهامات من قبلكم مثل التي سمعتها منك الآن، لا سبيل لإزالة الاحتقان إلا عبر مؤتمر يكون فيه تمثيل من وزارة المالية والعدل ومجلس الصحافة والمطبوعات والأمن واتحاد الصحفيين ووزارة الإعلام وتعد منه أوراق عن المشكلات والتحديات ثم يفضي الى صيغة تراضٍ وسطى بعد تمحيص اتهاماتكم وتحفظاتنا هذا أولاً ثانياً هناك معوقات حقيقية أمام صناعة الصحافة في السودان ليست من ضمنها الحكومة.. (ضاحكاً) فالواقع يقول إن هنالك صحف خرجت ولم نتدارك الأمر ما يخرج عن هذا اللقاء نحن ملتزمون به الى أن يحدث ذلك أقول وأكرر إن الصحافة مثل كل شئ مسؤولية أخلاقية وما يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم، فالتثبت مهم ومراعاة عدم التجني على آخر هذا كل ما بيننا وبين الصحافة.
على صعيد آخر الحرية التي تنعم بها الصحافة الآن لو أنكرناها سنكون جاحدين، هنالك حرية بالفعل ولكن الناس تطالب بالمزيد ونحن معهم في هذا المزيد..
* أظن كل ما يحلم به الصحفي السوداني القيام بدوره كسلطة رابعة وليس تابعة؟
الآن هي سلطة ثانية وليست رابعة، الآن الصحافة تؤثر حتى على القضاء نفسه، فلا يتورع الصحفي عن الكتابة في قضية مطروحة أمام المحاكم وهذه إحدى المخالفات الكبيرة ولا يجب أن يحاكم الشخص مرتين بالرأي العام وبالقضاء أيضاً، لكن بالرغم من ذلك يشرح.
* هنالك العديد من القضايا التي نبشتها الصحافة وبسببها ذهبت إلى القضاء، ثم الصمت العجائبي بعدها قد لا يكون هذا المكان المناسب لسردها، لكن عموماً كيف يمكن للصحفي أن يزاول عمله بحقوقه في التعبير كاملة الى حين قيام المؤتمر الذي دعوتم له؟
يجب عدم التخوف والاعتقاد بأن الحكومة تنزع لتصفية الصحافة، فهذا غير وارد، نحن مسؤولون عن وجود صحافة حرة ومسؤولة ولابد من ضوابط حال المطالبة بتوسيع هامش الحرية وهذا ما سيضبط ويناغم العلاقة بين الدولة والصحافة.
* شكراً لوقتك يا دكتور؟
ـ يديك العافية

الجريدة / حاروه – عفراء فتح الرحمن