صلاح الدين عووضة

الشيخة !!

*عبرت نظراته العينين المحدقتين فيه لتستقرا على عيني طالبة..
*إنه شيء أشبه بالسفر عبر العيون الذي يتحدث عنه شاعرنا عبد الله النجيب..
*أو ربما هو إلى نظرية هـ ج ويلز عن السفر عبر الزمن أقرب..
*فالعينان هما ذاتهما ولكن دون معينات جمال اصطناعي تضفي عليهما اتساعاً زائفاً..
*وتتوسل إليه النظرات بأن يفعل ما استعصم عنه بلا (برهان رب) يراه..
*نظرات طالبة بالمستوى الثالث من المرحلة الثانوية (العليا)..
*ولم تكن النظرات وحدها التي تتوسل وإنما ارتعاشات أطراف كذلك..
*وما جعله يستعصم هو صداقة مع أخيها الذي في مثل عمره..
*فقد كان من العيب – آنذاك – محض النظر إلى الجارة أو شقيقة الصاحب..
*ولا يزكي نفسه – كذباً – ليقول إن السبب هو الوازع الديني..
*ولكنه يحمد الله – الآن – على مغالبة تأثير تلكم النظرات ذات (النداء)..
*ولعلها تحمد ربها- كذلك – على عدم حدوث الذي تمنته..
*فلو إنه حدث لما كانت اليوم – ربما – المرأة التقية التي يفاخر بها زوجٌ محب..
*والتي ضحت بوظيفتها المرموقة جراء تحرش (الكبير) بها..
*والتي باتت تُلقب الآن – في محيطها الصغير – بـ(الشيخة)..
*وانسحبت نظراته – عائدةً – لتنيخ رحلها على عيني الحاضر عوضاً عن الماضي..
*على عيني الزوجة بدلاً من عيني طالبة الثانوي العالي..
*على عينين (منكسرتين) لا عينين (ملتهبتين)..
*وسبب الانكسار هو هذا الذي رمته الصُدَف في طريقها مصافحاً..
*أو بالأحرى زوجها هو الذي استوقفه ليصافحه..
*كانت تعلم أنه يعرفه ويذكره أمامها كثيراً من باب الإعجاب..
*ولكن أن يتواجها – وهي ثالثهما – فهو ما لم يخطر على بالها أبداً..
*ثم ما جعلها تضطرب – وترمش كثيراً – انتباه زوجها لنظرة أولى (طويلة) بينهما..
*ويسأل – بكل براءة الأطفال في عينيه – إن كان بينهما سابق معرفة..
*وتسقط حقيبة اليد الأنيقة فتنحني لالتقاطها وهي تجمجم ..
*ثم حين تستقيم واقفة (تنفتح) العينان في وجهه مذكرةً إياه بعيني الطالبة..
*فقد شدها رده عن سؤال زوجها مادحاً أخلاق (جارة صغيرة) في زمن مضى..
*ويمضي في مدحه إلى أن يختم قائلاً (كم أنت محظوظ أيها الرجل)..
*وكان ذلك آخر عهده به قبل أن يأتيه خبر موته المفاجئ..
*وإذ يختم قصته – ذات التفاصيل المعدلة عمداً هذه – تطفر دمعة من عينه..
*فقد ستره الله – في شيء- (كما ستر هو الشيخة!!).
الصيحة
أرشيف الكاتب