زهير السراج

هؤلاء هم نوابك يا شعب !!

* قد يكون مقبولاً أن تحضر رئيسة لجنة الطاقة بالمجلس الوطني اجتماعاً حكومياً للنظر في أزمة غاز الطهي ومراجعة الأسعار لكبح جماح الجهاز التنفيذي الذي يسعى لحل مشاكله على حساب الشعب، ولكن أن تتبنى سياسة هذا الجهاز وتوافق بكل أريحية وكرم على زيادة سعر أسطوانة الغاز عبوة (½۱۲كجم) من (۲٥ ج) الى ( ۷٥ ج) للمستهلك، أي بنسبة زيادة ( ۲۰۰ ٪) حتة واحدة، بل وتتبنى بكل جرأة وعدم تردد سياسات الحكومة في رفع الدعم (المزعوم) وتحرير سعر الغاز، وتعلن وقوفها بكل وضوح مع القطاع الخاص في تحديد سعر الغاز المستورد بدون تدخل من الجهات الحكومية أو البرلمان، باعتبار أنه الذي(استورد هذا الغاز من الخارج ولا يستطيع أحد أن يحاسبه) ، فهو أمر شاذ وغريب ومخجل ولا يليق بعضو برلماني يمثل الشعب حتى لو كان عضواً في حزب الحكومة، فنائب البرلمان عليه أن يقف مع الجماهير في وجه الحكومة الساعية لتمزيع الشعب ونهش جثته، لا أن يساعدها على هذا التمزيع والنهش، كما تفعل رئيسة لجنة الطاقة بالمجلس الوطني السيدة (حياة الماحي) منذ دخولها البرلمان وتوليها رئاسة لجنة الطاقة!!
* والغريب أن السيدة المبجلة تفعل ذلك، رغم أنها وبحكم منصبها كرئيسة لجنة الطاقة (وعضو البرلمان الموقر) ناقشت ميزانية عام ۲۰۱٦ على عدة مراحل وقراءات، وشاركت في إجازتها قبل أقل من شهر بدون أي زيادة في أسعار المحروقات ومن بينها (غاز الطهي)، مع تأكيدات حكومية صارمة بعدم اللجوء لرفع الأسعار، ولكن وبعد أقل من مرور شهر على إجازة الميزانية وعلى الوعود الصارمة، أخلفت الحكومة ما وعدت به وضربت بالميزانية وبقانونها الأرض، ورفعت سعر الغاز ك(بالونة اختبار) لمعرفة رد فعل المواطنين، ومقدمة لرفع أسعار بقية السلع خاصة القمح والكهرباء ومشتقات النفط التي تزعم الحكومة دعمها رغم أكذوبة هذا الزعم، فأسعار القمح ومشتقات النفط العالمية في تدنٍ مستمر، ولكن تكمن الأزمة في انهيار الاقتصاد وقيمة الجنيه السوداني بسبب السياسات الحكومية الخاطئة والدمار الذي لحق بالمشاريع الإنتاجية، واستمرار الصرف على الحروب، وتضخم المصروفات الحكومية، واستشراء الفساد على نطاق واسع وهو ما تشهد به تقارير المراجع العام (ولا يحتاج لإثبات) بدون أن يجد المفسدون المحاسبة والعقاب.
* ترفع الحكومة الأسعار(وتستبق ذلك بتغليظ عقوبة الشغب في القانون الجنائي خوفاً من غضبة الشعب) رغم أنها تعلم أن انهيار الاقتصاد وقيمة الجنيه لم يتسبب فيه الشعب وأنه يؤذي الشعب أكثر مما يؤذيها، فالشعب لا يقبض مرتبه بالدولار وإنما بالجنيه، وكلما انخفض سعر الجنيه ضاقت المعيشة عليه، ويجب على الحكومة أن تساعده، بدلاً من أن تضغط عليه، بل وتستعين في الضغط عليه بمن يفترض أن يتكلم باسمه ويدافع عنه ويقف معه، ولكن متى كنا نأمل خيراً في برلمان يحني رأسه للحكومة كلما مرت به، ويجيز أوامرها ورغباتها بكل سهولة ويسر، بل ويهلل ويكبر ويصفق لهذه الإجازة، لدرجة أن رئيسه شعر بالخجل من كثرة التصفيق فأصدر قراراً بمنعه!!
* من المؤلم والمخجل أن يصل مستوى المجلس الوطني الى هذه الدرجة من الخنوع، فتصبح رئيسة لجنة الطاقة بالمجلس هي الناطق الرسمي باسم الحكومة، ويصرّح أحد نوابه(هجو قسم السيد) للصحف بدون أي تردد أو خجل بأنه» نصح الحكومة بأن تحرر سعر الغاز وتطلع منو حتى لو وصل سعر الأسطوانة الى ۱٥۰ ج!!«
* هؤلاء هم نوابك والمدافعون عنك أيها الشعب، فماذا تنتظر غير الغلاء والجوع والذل؟!