منوعات

متابعة بالصور والفيديو: كيف تأثّر أصحاب أزمة “الواقي الذكري” بجرأة منصور الحفني وسخرية أبلة فاهيتا وآلام ثورة 25 يناير؟

لم تمر ذكرى ثورة 25 يناير على مدار الخمس سنوات الماضية، إلا وصاحبها حدثٌ جلل يعطي لكل مرة ذكرى إضافية ذات طبيعة خاصة، وتأتي ذكرى 2016، ليرتبط اسمها مع الأزمة الحادثة بمصر الآن حول فيديو “الواقي الذكري”، والذي حقق مشاهدة كبيرة وصلت إلى مليون و200 ألف في النسخة التي نشرت على فيسبوك، غير مشاهدات النسخ المختلفة للفيديو على يوتيوب.

يبدو أن أبطال هذا الفيديو الذي تسبب في تلك الضجة الكبرى كانت لحياتهم العملية دور كبير في إقدامهم على هذا العمل، والذي قام فيه كل من الفنان المصري أحمد مالك، وأحد أعضاء فريق برنامج “أبلة فاهيتا”، بنفخ عدد من “الواقيات الذكرية” لتبدو على شكل بالونات وحتى لا يتعرف عساكر الشرطة على شكلها الأصلي، وكتب عليها عبارة “من شعب مصر إلى الشرطة فى 25 يناير” وقاما بتوزيعها بميدان التحرير كهدية إلى عساكر الشرطة الموجودين لتأمين الميدان فى يوم 25 يناير.
n AHMDMALK large570
ذكاء حسن البنا وجرأة منصور الحفني

ما بين قوة وذكاء حسن البنا، وجسارة وعدم خوف ابن منصور الحفني الذي أعلن أنه مفيش حكومة، تكونت شخصية الفنان الشاب أحمد مالك، الذي كان لجرأته دور كبير في صعود نجمه في السينما المصرية منذ أن كان عمره 10 سنوات فقط، ويبدو أن تلك الجرأة التي ظهرت في أدواره التاريخية كانت سبباً لأزمته على أرض الواقع بعد إقدامه على فيديو “الواقي الذكري”.

مالك الذي عرفت عنه الجرأة في أداء أدواره، كان بالفعل يمتلك تلك الروح الثورية بداخله، وهو ما دفعه للمشاركة في ثورة 25 يناير ولم يكن قد أكمل عامه الـ15، وشهد الموت، وتعرّض لنزيف في المخ نتيجة تعرّضه للضرب على يد الشرطة، وهي الأحداث التي تركت بداخله شخصية كارهة لرجال الشرطة، ودفعته للمشاركة بجميع الأحداث الهامة التي جاءت تالية للثورة، منها أحداث محمد محمود، وغيرها من المواجهات، وآخرها في 2014، عندما تظاهر ضد حكم البراءة الذي حصل عليه الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في قضية قتل متظاهرين 25 يناير، وتم ألقاء القبض عليه قبل أن تطلق الشرطة سراحه بعدها بعدة ساعات.

بدأ مالك التمثيل وهو بعمر العاشرة فقط، من خلال أحد المسلسلات المصرية، ولكن انطلاقته الحقيقية كانت مع تمثيله لدور حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين في صغره بمسلسل “الجماعة” الذي عُرض في 2010، وشارك في العديد من الأعمال الدرامية والسينمائية الأخرى، إلا أن الدور الآخر صاحب التأثير الأكبر في شخصية مالك كان “علي”، ابن “منصور الحفني” في الجزء الثاني لفيلم “الجزيرة”، والذي مثَّل فيه شخصية النجل الغاضب للفنان أحمد السقا “منصور الحفني”، وحياة المعادي للحكومة والرافض للإسلاميين، وهو الدور الذي يعدّ الأقرب إلى شخصية مالك الحقيقية.

ولكن تداعيات الأحداث في الأفلام تكون مرسومةً وفق سيناريو محدّد، إلا أن الحياة شيئٌ آخر، ولا أحد يعرف ما هي نهاية الحياة الثورية التي بدأها مالك من 25 يناير 2011، ووصلت إلى محطّة الفيديو الأزمة في 25 يناير 2016، ورغم كتابته لاعتذار رسمي على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، صباح اليوم، إلا أن تداعيات الفيديو تتصاعد بشكل سريع، ففي مجال عمله أعلنت نقابة المهن التمثيلة عن إحالته للتحقيق، ووقف رخصة العمل التي يشارك بها في الأفلام.

ووفقاً لمصادر أمنية فإن مالكاً مطلوب القبض عليه، وأن القوة الأمنية التي ذهبت لاعتقاله لم تجده بمنزله، وأنه جارٍ البحث عنه، وتقديمه إلى النيابة، حيث تم تقديم العديد من البلاغات ضده بتهمة إهانة الشرطة، والتعرض لموظف أثناء تأدية عمله.

وأكد المصدر لـ”هافينغتون بوست عربي”، أن هناك اهتماماً كبيراً من قبل وزير الداخلية شخصياً بالأمر، وذلك نظراً لحالة الغضب العارمة في قطاعات الشعب المصري، بعد الإهانة الكبيرة التي شعروا بها نتيجة عرض الفيديو المسيء.
o AHMDMALK 570
“بكرة النكتة هتخلص وهتقلب بغم”

“بكرة النكتة هتخلص وهتقلب بغم” تلك كانت آخر كلمات كتبها شادي حسين صديق مالك، وشريكه في الفيديو، وهو عضو فريق عمل برنامج “أبلة فاهيتا” الشهير بإحدى القنوات الفضائية، ولم تمر إلا ساعات حتى تم إلقاء القبض عليه صباح اليوم، ومخاوفه بدأت بعد تهديد صفحة غير رسمية له بإلقاء القبض عليه بعد نشره للفيديو.

ويبدو أن شادي لا يختلف كثيراً عن أحمد في عدائه للشرطة المصرية، خصوصاً وأنه تعرض لإصابات بالغة هو الآخر في مظاهرات 25 يناير وما تلاها من أحداث، وله صورة شهيرة تكشف عن إصابته في جسده بعددٍ كبير من رصاصات الخرطوش، وفي تلك المرة تملكت شادي الروحُ الساخرة للبرنامج الذي يعمل به، ليعبّر عن هذا العداء تجاه الشرطة، وبقراءة في صفحته الشخصية في “فيسبوك”، نجد حجم غضبه حيث كتب “طالما هي مبقاش فيها مظاهرات ولا صوت معارض… يبقى هنفضل نسف عليكم… حتى وإحنا بنموت هنموت وإحنا بنسف عليكم”.

وشادي شاب عشريني، خريج كلية الإعلام إحدى الجامعات الخاصة العام الماضي، وعرض منذ أيام قليلة مشروع تخرجه الذي أطلق عليه “الأعداد الصغيرة” ليتناول ويوثق الأحداث السياسية لعام 2015، ولكن روحه الساخرة أهّلته ليكون ضمن فريق إعداد وتقديم العديد من التقارير لدى برنامج “أبلة فاهيتا”، والتي تجاوب معها المشاهدون دائماً بالضحك والسخرية، منها تغطية مع مخترع السيارة البرمائية الهوائية التي تعمل بدون وقود، حيث وصفها: “من أكتر الحاجات اللي صورتها عن عبث المجتمع”، ورأي الشارع المصري في حل مشاكل 2015، وتقرير آخر عن لماذا لا يأتي السائح إلى مصر، و”المصريين عاوزين إيه من بابا نويل” الذي لاقى أكثر من 4 ملايين مشاهدة على القناة الرسمية.

انقسام الشبكات الاجتماعية

وكما هو الحال في مصر دائماً، انقسم رواد الشبكات الاجتماعية في ردود فعلهم على تلك الأزمة، ففي الوقت الذي عبّر العديد من الرواد عن غضبهم من هذا الفيديو وجاءت العديد من البوستات تحمل التهديد والوعيد، ومطالب للشرطة برد الجميل للاثنين داخل قسم الشرطة بمعرفتهم، إلا أن الشريحة الأخرى دافعت عن الاثنين مع نشر صورهما وهم مصابان بعد تعرضهما للضرب على يد الشرطة، قائلين “لو أخدوا حقهم في تلك الوقائع مكنوش عملوا فيديو الواقي الذكري.

ولكن يبدو أن موجة الغضب ضد مالك كانت كبيرة، ووصلت إلى قيام والده بالتبرؤ منه، حيث كتب الطيار مالك بيومي والد أحمد، “مهما بلغت درجة الاختلاف لدى أي فرد من أفراد الشعب المصري مع أي جهاز تنفيذي للدولة فلا يحق لنا بأي حال من الأحوال أن نتطاول لا بالفعل أو بالقول عليه وخاصة أجهزتها التي تحمي أراضينا داخلياً وحدودياً.. وأنا هنا من موقعي هذا أعلن سخطي الشديد وعدم رضائي وأسفي عما بدر من شخصية للأسف تحمل اسمي واعتبر هذا عقوقاً للوطن أولاً وعقوق الوالد ثانياً وكلاهما عند الله كبير”.

فيما دافع الكاتب الصحفي الشهير أحمد أبو عرب عن الاثنين وكتب على صفحته الشخصية في “فيسبوك”، “أيوة العيال الوحشين دول اللي اتريقوا على الشرطة .. هم الاتنين اتصابوا في أحداث الثورة .. واحد جسمه كله خرطوش والتاني أصيب بشرخ في الجمجمة .. هل حضرتك طالبت بإن اللي غلط في حقهم يتحاسب زي ما بتطالب بمحاسبتهم دلوقتي؟ .. وهل حضرتك تفتكر إن حقهم لو رجع وقتها كانوا هيضطروا يعملوا الحاجة اللي زعلتك دي دلوقتي؟ .. وللا كرامة حضرتك بتتجرح من جرح كبرياء العساكر الغلابة وبتاخد أجازة لما العيال الغلابة تتضرب بالنار؟”.

اضغط هنا لمشاهدة الفيديو على قناة النيلين

هافنغتون بوست