الدويم تعوم في بحيرة من الأوساخ والتردي الصحي.. النظافة والصحة تقصمان ظهر السلطات
تعد مدينة الدويم إحدى المدن التي ظلت تعاني من تردٍّ بائن في صحة البيئة حيث ظلت حملات النظافة تتباعد وترتبط في الغالب ببداية عهد معتمد جديد أو مدير، ولكنها سرعان ما تخبو. بل إن معظم المعتمدين المتعاقبين على الدويم يدشنون أول مشروع به فترتهم هو مشروع إصحاح البيئة، ويجد المشروع في بدايته تجاوباً منقطع النظير من فئات المجتمع المختلفة، إلا أن الوضع سرعان ما يعود إلى سابقه حيث التردي البيئي وانتشار الأوساخ، وهذا ما لاحظته (الصيحة) خلال تجوالها في الفترة الماضية ببعض أحياء المدينة وأيضا بالسوق الرئيسي فقد عادت مكبات النفايات التي تمت إزالتها سابقاً عند مدخل السوق وفي مكان استراتيجي يؤمه الكثير من المواطنين، ويقع على مرمى حجر من مكتب إدارة الأسواق، وهذا المكب أصبحت مساحته تزيد يوماً بعد يوم رغم أن إدارة الصحة العامة سبق وأن أصدرت قرارًا يقضي بمنع رمي النفايات بهذا المكب فيه إلا أن غالبية المحلات المحيطة به ومعظمها لبيع الفواكه والخضر يرمي أصحابُها النفايات في هذا المكب دون أن يمنعهم أحد في تحدٍّ واضح لقرار إدارة الصحة العامة.
وعود ولكن
مدير الصحة العامة محمد عبد العظيم أكد أن إدارته ظلت تبذل جهودًا متواصلة من أجل المحافظة على صحة البيئة بالمدينة، وشكا من قلة الأيدي العاملة معتبراً أن تلك المعضلة تقف عائقاً أمام الارتقاء بصحة البيئة. واستدرك بالقول إن هذه المشكلة في طريقها للحل، وذلك باهتمام مباشر من معتمد المحلية حمدتو مختار والمدير التنفيذي بالتنسيق مع الجهات المختصة بالولاية، وأوضح عبد العظيم أن العمالة المؤقتة أضرت كثيرًا بالعمل خلال السنوات الماضية، وقال إن الآليات المتاحة غير كافية وتعمل طيلة اليوم خصوصاً بموقع السوق، حيث تتم نظافته صباح كل يوم مرجعاً عودة بعض المكبات داخل السوق لعدم تعاون الكثير من المواطنين مع إدارة الصحة وتوجيهها القاضي بعدم رمي النفايات داخل السوق، بل يتم وضعها في أكياس تسلم لعمال الصحة في الصباح. وقال إن القليل من التجار تجاوبوا مع هذه التوجيهات، وقطع بتواصل حملات التوعية بالتعاون مع بعض الجهات على رأسها الغرفة التجارية، مشيرًا إلى قيام حملة إصحاح بيئي كبرى في الأيام المقبلة بهدف جعل الدويم خالية من الأوساخ وأكد أن الحملة ستشمل الأحياء والأسواق وسيشارك بها المواطنون وقال بأن المحلية عملت على تأهيل وصيانة الآليات المتعطلة وهي تعمل الآن بصورة ممتازة وحول دور قرار منع استخدام أكياس البلاستيك بالدويم الذي صدر في أكتوبر الماضي، قال إن القرار يهدف للتقليل من مستويات التلوث بالمدينة مشيراً الى إن تطبيق القرار أسهم بصورة واضحة في نظافة الشوارع والسوق وأكد على صعوبة التحكم في انتشار الأكياس قبل صدور القرار القاضي بمنع التعامل بها نظرًا لوجودها فى كل مكان وصعوبة السيطرة عليها مشيدًا بتعاون المواطنين، معرباً عن أمله في الاستمرار في الالتزام بتطبيق القرار.
منع استخدام أكياس البلاستيك:
بجولة قصيرة داخل سوق الدويم تكشف لنا بصورة جلية عدم التزام الكثير من التجار والمواطنين بقرار منع التعامل بأكياس البلاستيك والذي تم إصداره من قبل حكومة الولاية في الأول من أكتوبر الماضي، حيث ما زالت الأكياس مستخدمة
وبصورة علنية من بعض أصحاب المحال التجارية بالسوق والأحياء، كما تستخدمها العديد من المخابز والمحال التجارية والمطاعم كعبوات للسلع مما يشير الى ضعف الرقابة على تطبيق القرار بالصورة المطلوبة.
مديرالوحدة الإدارية
مدير وحدة الدويم الإدارية سيد الزبير أشاد بقرار منع استخدام الأكياس، وقال بأن القرار أسهم في التقليل من ظاهرة التلوث داخل المدينة، مشيراً الى أن ذلك سيؤدي في نهاية الأمر الى بيئة نظيفة مما ينعكس إيجاباً على صحة المواطن، ممتدحاً تجاوب المواطنين والتزامهم بتطبيقه إلا أنه عاد وأقر بحدوث بعض التجاوزات من بعض أصحاب المحال التجارية الذين لم يلتزموا بتطبيقه، مؤكداً قيام حملة إصحاح بيئي كبرى ستنفذ في غضون الأيام المقبلة تهدف إلى منع استخدام أكياس البلاستيك بالمحلية نهائياً، وقال إن الحملة ستنفذ بالتضامن مع النظام العام وإدارة الصحة وبشر الزبير المواطنين بالعديد من الإنجازات والبشريات والخطوات خلال هذا العام والتي تصب في مصلحة المواطن على رأسها سفلتة عشرة كيلومترات من شوارع الدويم .
المستشفى.. استمرار المعاناة
مستشفى الدويم من أقدم المستشفيات على مستوى القطر وظل يخدم مواطني المحلية والولاية وبعض الولايات المجاورة مثل شمال كردفان والجزيرة، وبعد تشييد جسر الدويم تزايدت أعداد المواطنين الذين يستفيدون من خدماته مما أدى إلى زيادة الضغط عليه بصورة كبيرة وتسبب هذا الأمر في تشديد الضغط على المبانى والأجهزة الطبية والمعدات. وأكثر الضرر كان على بيئة المستشفى والتي أصبحت في حاجة ماسة لحلول عاجلة تقي مرتادي المستشفى من الاصابة بالعدوى من الأمراض.
أموال النفرة
قبل ستة أشهر وفي بداية عهده بالولاية قاد د. عبد الحميد كاشا والي النيل الأبيض نفرة لإعمار مستشفى الدويم وشارك في النفرة عدد كبير من مواطني المحلية وأعلنوا عن تبرعات سخية مادية وعينية قدرت بحوالي 3 ملايين جنيه، وحتى هذه اللحظة لم تظهر أي آثار لهذه النفرة سواء في تأهيل المستشفى وصيانته أو عبر عمل إضافات جديدة للمستشفى. ويتساءل المواطنون عن أسباب تأخر بدء العمل في الصيانة.
جهود المعتمد
محلية الدويم ممثلة فى معتمدها حمدتو مختار تعهد بإيلاء مستشفى المحلية جل اهتمامه، وكشف عن ترتيبات لوضعه في قمة أولويات مشاريع التنمية باعتبار أن صحة الإنسان تأتي في المقام الأول، وقام المعتمد بتسجيل زيارات للمستشفى أكثر من مرة وتفقد منشآته ومبانيه، وتكللت جهوده في توفير دعم مركزي لصالح المستشفى بلغ 4 ملايين جنيه. وأكد المعتمد خلال لقائه بعدد من قيادات المحلية على أهمية العمل على تأهيل المستشفى وتوفير الاحتياجات الضرورية اللازمة له ووجد حديثه الاستحسان من الحضور كما تعهد برصف 5 كيلومترات من شوارع المدينة ستساهم في تجميل المدينة وتطوير خدماته.
مدير مستشفى الدويم يكشف الحقائق
عبد الرحمن موسى المدير الإداري لمستشفى الدويم أقر بما يعانيه المستشفى من تردٍّ في الخدمات الطبية علاوة على التردي البيئي، وقال إن الإدارة تعمل بالإمكانات المتاحة لها وهي لا تمكنها من تقديم خدمة ترضي الجميع، وأشار إلى وضع خطة لتنفيذ مشروع الصرف الصحي يضع حدًا نهائياً للمشكلة، ألا أنه عاد وقال إن المشروع كان مرهوناً بالحصول على دعم قيمته 7 ملايين جنيه مقدم من البروفسير إبراهيم غندور وزير الخارجية إلا أن المبلغ لم يصلهم حتى الآن مؤكداً بأن هذا المبلغ وفي حال وصلهم سيسهم بصورة كبيرة في حل جذري لمشكلة الصرف الصحي بالمستشفى، مشيراً الى تواصل مساعيهم الرامية للحصول على المبلغ مع سعيهم لاستقطاب الدعم من بعض الجهات مثل شركات السكر المتواجدة بالولاية كنانة وعسلاية وسكر النيل الأبيض، ممتدحاً العلاقات الوطيدة بين المحلية وإدارة المستشفى مع هذه الشركات، وأضاف أن هنالك دعماً مقدماً من وزارة الصحة الاتحادية بقيمة 4 ملايين جنيه سيتسلمه المعتمد وسيخصص جزء منه لصيانة المستشفى. وكشف المعتمد عن وجود خطة شاملة تم وضعها منذ العام الماضي تهدف للارتقاء بمستشفى الدويم عبر إضافة عنابر جديدة وجناح للأطفال كما تشمل الخطة أيضاً صيانة جميع العنابر والمباني ومرافق المستشفى بالإضافة إلى تحديث الأجهزة والمعدات المستخدمة في غرفة العمليات، مشيرًا إلى أن بعض الجهات وعدت بالمساهمة في توفير المعدات ومنها وفد اتحادي من وزارة الصحة زار المستشفى خلال الأيام الماضية، وقال إن وفد الوزارة الإتحادية، وعد بتوفير أجهزة عمليات ومعمل متكامل وهم في انتظار استلام هذه المعدات، وأشار الى أن إمكانات وزارة الصحة بالولاية شحيحة ولا تكفي للمساهمة في صيانة وتأهيل مستشفى الدويم مشيرًا إلى قيامهم بحصر لمال النفرة والمواد العينية التي تبرع بها المواطنون والجهات الخيرية لافتاً إلى عدم التزام البعض بما أعلنوا عنه من تبرعات. وأشار إلى أن تأتي عبر طريقين أولهما إيرادات المعمل والعيادة المحولة، وقال إنها تصرف على الأطباء وبنود صرف أخرى فيما يأتي المصدر الثاني للإيرادات من بوابة الدخول الرئيسية. وقال بأنه يدر شهرياً ما جملته 116 ألف جنيه توظف لصيانة مرافق المستشفى والتسيير وفواتير الكهرباء والماء وتوفير الأكسجين مبيناً أن هناك عدة مقترحات ضمن خطة التأهيل، وهي فقط تنتظر توفر التمويل الكافي، وهي تشمل تشييد جناح للأطفال وصيانة عنبر العيون وتشييد عنابر بديلة وتوفير أجهزة ومعينات، وقال إن العمل يحتاج إلى تضافر الجهود الرسمية والشعبية حتى يرى النور داعياً الخيرين للمساهمة في مشاريع تأهيل مستشفى الدويم حتى يتمكن من القيام بواجبه بالصورة المثلى.
العنبر الخاص
بداخل مستشفى الدويم من الناحية الجنوبية يوجد عنبر يطلق عليه اسم العنبر الخاص بالرغم من عدم اختلافه عن بقية العنابر الأخرى بالمستشفى وما يثير الدهشة أن تكلفة الإقامة لليوم الواحد وحسب حديث أحد الموظفين بالعنبر الذي ذكر أنها تكلف (400) جنيه في اليوم في مفارقة غريبة حيث نجد أن مسشتفيات خاصة بالخرطوم لا تصل تكلفة الإقامة فيها ليوم لهذا المبلغ بالرغم من عدم وجود مقارنة بين الخدمات هنا وهناك.
الخدمات الغذائية
إدارة المستشفى ومن خلال جولتنا بداخلها أبدت حرصها على توفير الخدمات بصورة جيدة سواء للمرضى او المرافقين بالخارج خاصة في توفير الأطعمة والمواد الغذائية حيث كشف مدير المستشفى عن توقيع عقد مع أحد المتعهدين لتشييد كافتريا بمواصفات حديثة وقال انها ستكون إضافة لمرافق المستشفى وتسهم في إراحة المرافقين والمرضى والزائرين ووعد أصحاب المحلات الموجودين داخل المستشفى بتعويضهم بأماكن مناسبة بالتنسيق مع المحلية، مشيراً إلى أنه لا يمكن الإضرار بأشخاص ظلوا لسنوات طويلة يقدمون الخدمات للمرضى والمواطنين، إلا أن عددا من المستأجرين عبروا في حديثهم عن تخوفهم من فقدان مصدر رزقهم الوحيد مشيرين الى عدم العدالة في منح العطاء لشخص وحيد على حساب مجموعة من التجار ظلوا يعملون بالموقع لسنوات طويلة وقالوا بأنهم تلقوا وعودًا من إدارة المستشفى بتعويضهم في مواقع بديلة شمال المستشفى إلا أنهم حتى الآن لم يتسلموا شيئاً من هذا التعويض وجددوا مناشدتهم لإدارة المستشفى بحل قضيتهم بأسرع ما يمكن.
مقترحات في إطار الحل
عدد من أبناء الدويم والمهتمين والتجار بالسوق قدموا مقترحات للمحلية فيما يتعلق بتحسين صحة البيئة بالمستشفى في مقدمتهم بخيت محمد الحسن والذي أشاد بمضمون القرار مشيرا إلى أن أكياس البلاستيك أضرت كثيرًا بالبيئة خاصة بالريف حيث قال إنها أثرت سلباً على التربة الزراعية مما تسبب في تقليص معدلات إنتاج الفدان من بعض المحاصيل في عدد من المشاريع علاوة على تسببها في ضرر بليغ على المواشى والأغنام حيث ذكر بأن بعض اصحاب المواشي تعرضوا لخسائر بسبب نفوق مواشيهم نتيجة لأكلها أكياس البلاستيك كما تسبب فى إصابة مواطني الدويم وبعض أرجاء الولاية ببعض الأمراض الخطيرة مثل السرطان وغيرها وأكد أن محاربة استخدام الأكياس البلاستيكية وتنظيف البيئة منها لن يستطيع الجهد الرسمى وحده تحقيق النجاح فيها وقال انه لابد من تضافر الجهدين الرسمي والشعبي حيث أكد أن للمواطن دوراً أساسياً في جعل الدويم خالية من التلوث والأوساخ وأضاف بأن قرار منع الأكياس تم دون دراسة حقيقية وأنه لم يتم توفير البديل المناسب حتى لا يرجع المواطن لاستخدامها وأشار إلى أن القرار أحدث ربكة وسط المواطنين ما بين مؤيد وغير مقتنع به نسبة لعدم التدرج في تطبيقه وأبان أن للقضية أبعاداً أخرى تتعلق بمصانع الأكياس والموردين حيث ذكر بأن معظم الأكياس مستجلبة من خارج الدويم وقال إنه لا بد أن تؤخذ هذه الأمور في الحسبان .
وفيما يتعلق بتأهيل مستشفى الدويم أوضح بخيت بأن المستشفى يحتاج إلى جهود كبيرة من المحلية وأبناء الدويم مبدياً أسفه لعدم التزام الكثير من الذين أعلنوا عن تبرعهم بالمال أو بالمواد العينية بوعدهم مشيرًا إلى أن ذلك أحدث حالة من الإحباط وسط المواطنين وأدى لتأخر العمل في المستشفى. وأشار إلى ضرورة إيجاد حلول أخرى لتأهيل المستشفى، وسبق وأن قدم مقترحات للمعتمد تتضمن إعداد مقترحات لبعض الشركات العاملة بالدويم والولاية أو بالمركز للمساهمة في إعمار المستشفى، دعا فيها للتواصل مع أبناء الدويم من الدستوريين وغيرهم من المقتدرين لتقديم الدعم المادي والعيني، لافتاً إلى أن مثل هذه المشاريع تحتاج إلى درحة عالية من الشفافية حتى تنجح.
عبد الخالق عثمان
صحيفة الصيحة