تحقيقات وتقارير

التحلل من الثراء الحرام .. أخطاء التطبيق

قانون الثراء الحرام والمشبوه لسنة 1989 يظل دائماً محل اهتمام سياسي وقانوني وإعلامي واجتماعي لارتباطه المباشر بالتعاطي بالمال العام وبصفة خاصة مادة (التحلل) التي نص عليها القانون في الفصل الخامس المادة (13) والتي تقول (يجوز لكل شخص أثرى ثراءاً حراماً أو مشبوهاً أو ساعد في الحصول عليه أن يحلل نفسه أو زوجه أو أولاده القصر في أى مرحلة قبل فتح الدعوى الجنائية ضده، ويتم التحلل عبر رد المال موضوع الثراء الحرام أو المشبوه، وبيان الكيفية التى تم بها الإثراء ، أو بيان الكيفية التى تم بها الإثراء بالنسبة إلى الشخص الذي ساعد فى ذلك.. ويطلق البعض على هذه المادة فقه السترة، وكان القانون من بين القوانين المرتبطة بالمال العام التي تمت مراجعتها عبر لجنة قانونية، وأبقت تلك اللجنة على المادة مثار الجدل، وتزايدت المطالبات بتعديل المادة أو الغائها عقب قضية العاملين بمكتب والي ولاية الخرطوم، الشهيرة في العام الماضي، والتي حسمت باستخدام المادة المذكورة، فضلاً عن مطالبات القوى السياسية والأحزاب المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني بتعديل ذات المادة .

تقرير ثناء عابدين

إقرار بالخطأ
بالأمس أقر رئيس إدارة مكافحة الثراء الحرام والمشبوه مولانا الهادي محجوب مكاوي بوجود خلل في تطبيق المادة، وقال بحسب الزميلة السوداني (إن مادة التحلل تطبق بطريقة غير صحيحة، لافتاً إلى أن المادة تعني أن يوضح الشخص الذي أثرى ثراءً مشبوهاً للسلطات طريقة الحصول على ذلك المال، وأن يرده قبل فتح الدعوى الجنائية، وقال إن أكبر خرق لهذا القانون عندما تأخذ النيابة علم بالجريمة وتصل لإثبات يدين الشخص، ثم تطبق عليه مادة التحلل، واعتبر أن الخطوة تفتح الباب كبيراً لأي شخص لاستغلال المال العام، هذا الاقرار من رئيس الدائرة المختصة يفتح المجال لإعادة الجدل حول المادة مرة أخرى، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل حقا أن هذه الماد تحتاج للمرجعة بعد هذا الاعتراف من ذوي الاختصاص والشأن .

تأكيد المراجعة

البرلمان السابق أبقى على مادة التحلل، وكانت نائب رئيس المجلس آنذاك سامية أحمد محمد أكدت أن المادة لاتحتاج لأي مراجعة، وأن المادة منصوص عليها في القوانين العالمية، إلا أن رئيس لجنة التشريع والعدل بالبرلمان الحالي أحمد محمد التجاني يرى أهمية مراجعة مادة التحلل لسد الثغرات ومزيد من الإحكام على القانون وقال لـ (آخر لحظة): بالرغم من أهمية القانون في المرحلة الحالية إلا أن هذا لايعني عدم مراجعة المادة، لافتاً إلى أن لجنته طالبت بذلك في آخر تقرير لها، وحول أخطاء التطبيق قال: المفروض أن يسأل عنها رئيس إدارة الثراء الحرام، وأضاف لا أعرف ماذا يقصد بتلك الأخطاء، وأوضح أن المادة قصد منها التحلل قبل فتح الدعوى الجنائية .

مادة مشروعة
وبالمقابل يرى الخبير القانوني ساطع الحاج أن مادة التحلل موجودة في القانون منذ 1989، ومبنية على آراء فقهية، وقال لكنها لم تثير اللغط والجدل إلا بعد أن أصبحت مرتبطة بالمسؤولين واعتدائهم على المال العام، وقال ربما يكون في تطبيقها (خيار وفقوس) ولكن المادة كنص مستندة على رأى فقهي، وهي قانونية ولاعلاقة لها بالمؤتمر الوطني، وحول أن هناك أخطاء في التطبيق ويعلم بها وكيل النيابة طالب ساطع برفع تقرير لوزير العدل لتبني مشروع قانون جديد.. وقال إن من يطالبون بتعديلها يرون أن نهب المال العام يقتضي أن تكون عقوبته رادعة .

الصيحة