الطاهر ساتي

نون الجماعة ..!!

:: قبل أسابيع، زار بعض الزملاء دنقلا في مناسبة إجتماعية، وبالفضول الصحفي بحثوا عن أخبار لصحفهم و(لم يجدوها)..فاتصلوا وسألوا عن حدث بالولاية تصلح خباياه بأن تكون خبراً صحفياً، فاقترحت بأن ينتحر أحدهم، فضحكوا..نعم، ليس هناك ما يُدهش الصحفي و القارئ غير (الفراغ العريض)..فراغ في كل أوجه الحياة.. فالعاصمة وأريافها تنام قبيل المغرب إلا من مطاعم ومتاجر متفرقة يجلس أمامها أصحابها وهم ( يتثاءبون )، لأن القوة الشرائية كحال الولاية ( خاملة)..فالخمول الحكومي أصاب كل مناحى الحياة الاقتصادية والتجارية والثقافية بالخمول ..والأهل يسمونها (حكومة مرتبات)..أي يوزعون – فيما بينهم – ما تجود بها المالية المركزية شهرياً، ثم يوزعون ما تبقى للمعلمين و العاملين و(خلاص).. حكومة متفرغة لأداء مهمة يمكن أن يؤديها أي (صراف آلي)..!!
:: ولكن في الأبيض وأخواتها للحياة (معنى وقيمة )..فالدورة المدرسية لم تشغل غير وزارة التربية ولم تجد نتائج مناشطها غير إهتمام وسائل الإعلام، ولكن الأهل بشمال كردفان يشغلهم النهوض بكل مناحي حياتهم .. بائعات الشاي يتابعن مسارات الطرق وتفاصيل مراحل الرصف وكأنهن (مهندسات)، ومطالبات بتقديم شهادات الإنجاز للناس والسُلطات..طلاب الجامعة وتلاميذ المدارس يحدثونك عن آبار المياه وشبكاتها القديمة والجديدة ونسبة العجز وكأنهم يشغلون وظائف إدارية عليا بهيئة المياه و تقع على عواتقهم مهام (سد العجز).. وأحمد صالح، الشاب بائع العصائر في طرف السوق، يناولك كوب الكركدي ثم يمازحك – عند المؤانسة – متحدياً ( ح نكمل مدينتنا الطبية وتاني العلاج ما ح يجيبنا الخرطوم).. ونرصد ونناقش مفردة ( ح نكمل)، آي هو و آخرين ..!!
:: مشاريع المياه بشمال كردفان تظلم الوالي أحمد هارون وأعضاء حكومته، وكذلك مشاريع الطرق والمشافي والمدارس تهضم جهدهم ، والمشاريع الثقافية والرياضية بما فيها الدورة المدرسية أيضا تظلم هارون وأعضاء حكومته..فالمشاريع التي تراها في حياة الناس ليست هي الإنجازات التي يستحق عليها هارون (نجمة الإنجاز)، فالرجل يصنع مشروعاً آخر تراه في عيون الناس وقلوبهم وعقولهم..مشروع صناعة المجتمع المبادر والإيجابي و (الحاكم الحقيقي)..مجتمع شمال كردفان – في طول الولاية وعرضها – لم يعد مجرد مجتمع خامل ( متلقي خدمات) أو(متلقي حجج)..ولكنه صار شريكاً أصيلاً – في التنمية والتعمير- بالمساهمة والمراقبة..يفتخرون بأموال نفير النهضة ( 116.903.971 مليون جنيه)، لأن في جمعها تساوى إخلاص التجار ورجال الأعمال والموظفين مع صدق العمال و صبيان الأورنيش وبائعات الكسرة..!!
:: غداً باذن الله نحكي – بالأرقام فقط – عن المياه و الطرق و غيرها، قبل وبعد نفير النهضة..وإلى ذلك الحين، يجب تنبيه ولايات السودان الأخرى بأن أموال النفير بشمال كردفان ليست محض جنيهات تبي مدرسة بالريف أو مركز صحي بالمدينة، بل تكاد تكون قمراً يُنير البيوت والطرقات بالفخر والتحدي ثم الأمل ( في يوم باكر) ..(الرئيس قال ح يدينا قدرها أربعة مرات)، قالتها المرأة بسعادة قبل أن ترفض (حق القهوة) عندما طالت المؤانسة.. وكالعادة، بجانب هذا الكرم الأصيل، رصدنا وناقشنا وفرحنا بمفردة ( ح يدينا)..أي الدعم المركزي للنفير (لها) ولأهل ولايتها، حسب إحساسها..هكذا نهض الإحساس بالمسؤولية، وتطاول نون الجماعة – ح نبني، ح يدينا، ح نعمل – في قلوب وعقول وألسنة الأهل بشمال كردفان.. وروح المسؤولية هذه هي المشروع النهضوي الذي يستحق عليه و الي وأعضاء حكومة و مجتمع شمال كردفان نجوم الإنجاز، وليست ( نجمة)..!!