إنهيار النظام في السودان يضر بالسعودية
الانهيارharaz5 الاقتصادي أخطر من الانتفاضة الشعبية، لأنه ببساطة يؤدي مباشرة وسريعاً اليها.. الاقتصاد وهو علم اجتماعي يصف ويحكم العوامل التي تحدد إنتاج وتوزيع واستهلاك السلع والخدمات، وينقسم الاقتصاد الى اقتصاد جزئي وآخر كلي- الجزئي يحدد دور المسؤسسات المكونة لهياكل السوق وتفاعلها مع بعضها لتكوين نظام مثالي لتبادل السلع والخدمات بين هذه المكونات، سواء كانت حكومية أو خاصة، العملة أو الكتلة النقدية تربط هذه الدورة الاقتصادية مثل الدم في الدورة الدموية، وهي محكومة بمعادلة أساسية اقترحها العالم الاقتصادي ارفن فيشر عام 1911م
وهي ببساطة شديدة تقول حاصل ضرب الكتلة النقدية في سرعة دورانها في النظام المصرفي تعادل متوسط سعر السلعة أو الخدمة في كمية السلع والخدمات
وطرف المعادلة الأيمن (P*Q) يحدد قوة الاقتصاد أو ما يعرف بالناتج القومي لكل دولة، مثلاً: (1) امريكا كأقوى اقتصاد في العالم الناتج القومي عام 2014 كان سبعة عشر ترليون دولار، (2)الصين عشرة ترليونات، (3)اليابان خمسة ترليونات، (4)المانيا أربعة ترليونات، 5)) انجلترا ثلاثة ترليونات.. ودول الاتحاد الأوروبي الستة وعشرين مجتمعة ثمانية عشر ونصف ترليون، والسعودية بترتيب (19) سبعمائة وخمسين بليون، وإيران بترتيب (29) أربعمائة بليون، ومصر بترتيب (38) مائتين ستة وثمانين بليون، والسودان بترتيب (68) في العالم أربعة وسبعين بليون.
من هذه المقدمة البسيطة يمكن أن نشرح ونحلل أسباب تدهور الاقتصاد السوداني واحتمالات الانهيار الاقتصادي الكامل، الذي يؤدي الى الانتفاضة والفوضى.
نبدأ بالتعليق على تصريحات رسمية خطيرة خلال الأسبوع الماضي وهي كما يلي:
أولاً: الأحد الماضي ذكر صاحب القلم الذهبي الأستاذ محجوب محمد صالح أن معلوماته تشير الى أن ستين في المائة من الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي موضوعة في خزائن أفراد، ويدار بها السوق أو الاقتصاد الخفي غير الرسمي.. من المعادلة السابقة تكون قوة الاقتصاد السوداني الرسمي ناقصة بنسبة ستين في المائة إضافة الى أن عدم الدقة في اجراءات التمويل المصرفي لأفراد قلة وبضمانات ضعيفة، أدى الى حالات تعثر في السداد، وبالتالي خفض سرعة دوران الكتلة النقدية بعدالة بين أكبر عدد ممكن من الأفراد، وهذا يؤدي الى مزيد من إضعاف قوة الاقتصاد السوداني وخلق طبقتين فقط في المجتمع بعد ذوبان الطبقة الوسطى- طبقة تملك كل شيء وأخرى لا تملك اي شيء- المحصلة النهائية تدهور الاقتصاد.. أهم عامل في انعاش وتزايد السوق غير الرسمي هو المادة (179) من القانون الجنائي (يبقى لحين السداد)، والتي لولاها لتردد الكثيرون في التعامل الاقتصادي دون ضمانات حقيقية كافية موازية لقيمة المعاملة، خاصة البنوك التي تعتمد على هذه المادة بالرغم من أنه من أوجب واجباتها التأكد التام من قيمة الضمانات، والتي اتضح أنها في كثير من حالات التعثر لا تساوي أكثر من ثلاثين في المائة من حجم التمويل، بذلك تكون الكتلة النقدية الباقية في النظام المصرفي على قلتها محصورة في عدد قليل من أفراد المجتمع وتدور بسرعة ضعيفة نتيجة للتعثر تؤدي كما حدث الى تدهور الاقتصاد.
ثانياً: مدير شركة أرياب للتعدين صرح في صحيفة الأيام يوم الأربعاء 2016/1/6 أنهم يستهدفون تعدين ثلاثة أطنان فقط من الذهب خلال العام الحالي، وأرياب شركة حكومية تقريباً في حين صرح وزير المعادن في نفس العدد أن الحكومة تتجه لضبط عمليات التعدين، والحد من سلبيات التعدين التقليدي حتى يصل الإنتاج الى مائة طن- وهي مفارقة في الأرقام تدعو الى التشكك في صحتها وتشير الى ضعف الدور الحكومي الرسمي في عمليات التعدين، ومن أهم السلبيات التي أشار اليها الوزير التهريب وعدم دقة المعلومات، الأمر الذي حدا بالوزير للدعوة الى ضرورة تدخل الدولة في استغلال واحدة من أهم ثرواتها، واعترافه بوجود سلبيات في التعدين منذ سنوات.
ثالثاً: ذكر الأمين العام لمجلس الصمغ العربي في صحيفة اليوم التالي يوم السبت 2016/1/2 أن كميات الصمغ العربي المهربة من السودان الى بعض دول الجوار تراوحت عام 2015 ما بين خمسة وعشرين الى ثلاثين ألف طن، وذكر أن ظروف خروج كثير من دول غرب افريقيا المنتجة للصمغ من حزام الصمغ العربي بسبب المشاكل الاقتصادية التي سببتها بوكو حرام في الولايات المنتجة للصمغ من تلك الدول، وتفشي مرض الايبولا في مجموعة دول غرب افريقيا، مما حدا بكثير من الشركات الأوروبية والأمريكية لأن تتخذ السودان مصدراً حصرياً للصمغ العربي.. وقال إن عائدات الصمغ العربي غير المهرب بلغت عام 2015م مائة خمسة وثلاثين مليون دولار فقط، وقال إن انتاج الصمغ العربي في السودان بلغ في العام 2015 خمسة وستين ألف طن منها اثنين وعشرين ألف طن هشاب، وثلاثة وأربعين ألف صمغ طلح، وأضاف أن اعتماد صمغ الطلح بواسطة الإدارة الأمريكية للأغذية والدوية (FDA) كأحد المكونات الغذائية المهمة في المشروبات والغذية والعقاقير الطبية زاد من الطلب على الصمغ السوداني، وختم تصريحه بأن الاستهلاك المحلي زاد الى 12 ألف طن بعد انتشار ثقافة علاج الصمغ العربي في الطب الشعبي- هذه المعلومات المهمة الشجاعة من السيد الأمين العام لمجلس الصمغ العربي تؤكد ضعف اشراف الحكومة على ثروة قيِّمة، هي من المفترض أن تكون المالك الوحيد لها إذا أحسنت استغلالها والاشراف عليها يمكن أن تدر أموالاً عزيزة من العملات الصعبة، تفوق بكثير رقم المائة خمسة وثلاثين مليون دولار كعائد للدولة، خاصة بعد تأكيد احتكار السودان لهذه السلعة.
رابعاً: فقدان الدول لكل عائدات البترول بعد انفصال الجنوب وحروبه في مناطق البترول، بل المزعج حقاً ما صرح به في صدق وشجاعة وزير النفط في البرلمان يوم 2016/1/6 إذ قال إن الحكومة تدفع 16 دولاراً زيادة على السعر العالمي (38 دولار) للبرميل كعمولة الدفع الآجل لقيمة النفط المستورد (أي الحكومة لا تملك مالاً آنياً).. وقال إن هذا الأمر يرجع الى شح الموارد التي تجبر على تسلم النفط المستورد عبر الدفع الآجل، مضيفاً أن ديون شركات النفط على الحكومة بلغت اثنين ونصف مليار دولار، ما دفع المستثمرين الى الانكماش عن الاستكشافات النفطية، والتي أثرت سلباً على القطاع، وشكا الوزير من شح النقد الأجنبي والموارد لاستيراد الغاز.. وعزا الوزير أزمة الغاز الى الحصار المصرفي، وقال في بعض الأحيان تكون بواخر الغاز راسية في ميناء بورتسودان ولا نستطيع تخليصها، هذه كلها تصريحات أمينة شجاعة تدل على نقلة نوعية جيدة في الشفافية، التي كانت غائبة في الماضي، إذ تشير في مجملها الى خروج الحكومة من كل مصادرها للعملات الحرة من ثروات البلاد الطبيعية القيمة والاستراتيجية.. وتشير الى غموض في مصير عائدات البترول منذ العام 1999م، والتي يقدرها البعض بما لا يقل عن ستين مليار دولار، علماً بأن كل مشاريع التنمية مثل سد مروي تمت بقروض دولية..
بنفس شجاعة هؤلاء المسؤولين المحترمين نقول إن الحل الواجب والعاجل لانتشال السودان من انهيار اقتصادي وشيك هو:
أولاً: إعادة الدولة لكل هيبتها وسلطتها في الاشراف على الثروات الطبيعية، وتعديل سياسات السوق الحر المطلق الى السوق الحر المقيد بتدخلات الحكومة المباشرة.
ثانياً: وقف كل الحروب ومظاهر المعارضة المسلحة بأي تنازلات استراتيجية عبر الحوار الجاد، والاعتراف بأن هذه المعارضة المسلحة لها الحق في البقاء في سودان آمن تشارك في دعم استقراره واستقرار ورفاهية مواطنيه.
ثالثاً: السعي الجاد الحقيقي والعاجل في إعادة شطري السودان الى وحدة لا تمس خصوصية كل دولة (حكم كنفدرالي).
رابعاً: مواصلة المواقف الخارجية الحاسمة مثلما فعل الرئيس في شجاعة وصدق بالانحياز الكامل للسعودية ودول الخليج، والخروج النهائي من المنطقة الرمادية مع الطلب العاجل الملح لتلك الدول دون تردد أو استحياء من مقولة (بيع المواقف)، لأن الوضع الاقتصادي السوداني في خطر حقيقي وإعياء شديد، مثلاً هل تعجز السعودية في حل ضائقة الغاز الممتدة لأكثر من ثلاثة أشهر، وتذمر وضيق المواطن السوداني في إعداد طعامه.. السعودية تستطيع أن تحل أزمة الغاز في أقل من أسبوع حلاً جذرياً.. هل تريد السعودية بعد كل هذا الموقف والتغيير الاستراتيجي النهائي في علاقاتنا مع ايران أن يخرج الشارع السوداني ضد النظام بعد أن يطفح الكيل، ويفشل في اطعام نفسه بسبب الغاز، ونشير الى الإغاثة العاجلة من السعودية خلال أسبوع إبان فيضانات 1988م.. الرئيس بهذا الموقف الشجاع أصبح مكشوف الظهر إذا لم تتفاعل السعودية معه وتقف بجانبه في ظروف حالكة كهذه.
الدعم العاجل للسودان يتيح له الوقوف على قدميه ليتلقى العلاج الطبيعي ويتعافى تماماً ويعود الى ثرواته الزاخرة، بعد أن صحح مساره – الأخوة الصادقة والشهامة العربية والإسلامية تتطلب الوقوف القوي مع الرئيس البشير، إذ أنه اتخذ هذه المواقف منفرداً.
والله الموفق.
الخرطوم : م/ عمر البكري ابو حراز
صحيفة آخر لحظة
(( بنفس شجاعة هؤلاء المسؤولين المحترمين نقول إن الحل الواجب والعاجل لانتشال السودان من انهيار اقتصادي وشيك هو:
أولاً: إعادة الدولة لكل هيبتها وسلطتها في الاشراف على الثروات الطبيعية، وتعديل سياسات السوق الحر المطلق الى السوق الحر المقيد بتدخلات الحكومة المباشرة.))………. وهل كانت سياسة التحرير الاقتصادي إلا وبالاً على المجتمع السوداني فقد تسببت في “النهم و الجشع” للتربّح بأي ثمن وجمع الأموال حلالاً كان أو حراماً، في السوق كل من كان لديه سلعة ما يرغب فيها الناس إلا وعرضها للبيع “صالحة كانت أو فاسدة”و حتى وصل الأمر للأدوية “المفروض تكون للعلاج وليس لإمراض الناس” و أثناء المعاملات الحكومية “تدفع أمورك تمشي” ما تدفع تقِف أمورك كما وقف حمار الشيخ في العقبة ,الآن فعلاً على الدولة فرض هيبتها ولكن ليس في الثروات الطبيعية فقط ولكن في كامل المنظومة الاقتصادية وأن لا تترك مجالاً للجشعين و المُتربّحين ليعُوثوا في الإقتصاد فساداً ويزدادوا نهماً وجشعاً.
شحدة عدييييييل
الزول ده عبيط ولا بستعبط
سؤال لكاتب المقال
لمتين حكوماتنا حتخلينا للدول الأجنبيه تاكلنا و تشربنا ؟؟؟