حكومة الترابي الجديدة..!!
كانت تلك المرة الأولى أن يرى الإخوان المسلمون الرئيس البشير بذلك الحسم.. كان ذلك اجتماع هيئة شورى المؤتمر الوطني.. الرئيس البشير على غير العادة جاء يرتدي بزة عسكرية.. الشيخ حسن الترابي بحسه السياسي استشعر أن هنالك شيئاً ما.. اشرأبت عنق الشيخ تبحث عن علي عثمان فوجدته من الغائبين.. أحدهم حاول إثارة نقطة نظام فانتهره الرئيس فجلس خاسئاً حسيراً.. انتهى الاجتماع بتجريد الشيخ حسن الترابي من أهم صلاحياته ومن قبل ذلك خطف أنبه تلاميذه المقربين.
احتفت أمس الصحف السودانية بحوار أجرته صحيفة الشرق القطرية مع الشيخ حسن الترابي.. تحدث الترابي كثيراً ولكنه لم يقل شيئاً سوى مطالبته بحكومة انتقالية يرأسها البشير لمدة عامين.. كان ذلك ما يطلبه الشيخ الترابي.. لكن ماذا يريد الرئيس البشير.. أغلب الظن أن المشير البشير يريد أن يختم حياته السياسية بتوافق سياسي يحعل له رصيداً في قلوب كل السودانيين.. ما بين هذه وتلك التقت رؤية الشيخ والمشير.
في البداية ما المطلوب من الحكومة الانتقالية.. أي حكومة انتقالية مطلوب منها التأسيس لبداية جديدة تجد توافقاً من الداخل واعترافاً من الخارج.. أول المعترضين على الحكومة الانتقالية سيكون الحزب الحاكم ذات نفسه.. لن يترك قادة الوطني السلطة والجاه بهذه السهولة.. بعضهم أن حدث ذاك السيناريو سيمضي مباشرة إلى السجون وغيرهم سيفقد ذهب المعز وعز السلطة.. لهذا السبب يعتقد قادة المؤتمر الوطني أن من يتحدث عن الحكومية الانتقالية واهم ولو كان في مقام شيخهم الأكبر ..هنا ستكون خيارات الرئيس البشير أصعب بين إرضاء حزبه أو شيخه السابق وحليفه اللاحق ..في هذا المنعطف ستجد الحكومة الانتقالية صعوبات في العبور.
معظم المقترحات تميل إلى استحداث منصب رئيس وزراء خلال الفترة الانتقالية.. هذا الاقتراح يعني بالضرورة تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية.. من الصعوبة لرجل في مقام المشير البشير أن يجد نفسه مجرد رئيس تشريفي يعتمد السفراء ويودع الرؤساء في مطار الخرطوم.. لن يحتمل البشير ترف الحكم الديمقراطي وصحافته التي لا يقطع لسانها سوى مسار قانوني طويل.
المعارضة الداخلية تريد تحولاً كبيراً في السلطة حتى ولو كان شكلياً حتى تتجاوز الموقف النفسي من الإنقاذ التي ارتبطت عند بعض قادة الأحزاب ببيوت الأشباح ومصادرة المال و العقار.. ذات الإحساس يخالج العالم الخارجي بالذات الدول الغربية التي لا ترى في السودان إلا الواجهة الجهادية التي تترجم في المخيلة الغربية إلى دعم الإرهاب وإن لم يكن ذلك دقيقاً.
بهذه الحسابات لن تنجح حكومة الترابي في حل مشكلة السودان.. الحل يكمن في تجاوز مصطلح الحكومة الانتقالية الذي يثير حساسية الوطني إلى حكومة إنجاز مهام ..حكومة يتم فيها تقاسم السلطات بين رئاسة جمهورية تشغلها شخصية قومية ذات خلفية عسكرية يقترحها الوطني وتقبل بها أحزاب المعارضة ورئيس وزراء تقترحه المعارضة ويقبل به الوطني.. هذا يوفر للمعارضة «فيتو» على رئيس الجمهورية ويمنح الحزب الحاكم حق النقض على مقترح اسم رئيس الوزراء.. برلمان انتقالي من غرفتين يتم اختيار أعضائه بالتشاور بين القوى السياسية ويكون فيه وجود للقوى الحديثة من حركات مسلحة و نقابات مهنية بجانب الرموز الاجتماعية والسياسية.. هذه الحكومة أجلها عامان ومن مهامها الرئيسة اقتراح دستور دائم يستفتى عليه الشعب ومن بعد ذلك إجراء انتخابات حرة.
بصراحة.. بغير هذه الجراحة لن تجد حكومة الترابي المقترحة التأييد حتى بين فرقاء الإسلاميين.
تقولوا قول و رب العالمين له قول حسبنا الله و نعم الوكيل.