مقالات متنوعة

محمد لطيف : مع الإمام في منفاه.. وعودة لم تتحقق! 3

نعم في اليوم التالي لمقابلتي للإمام غادرت القاهرة.. فلم يكن لدي ما أفعله.. سيما وأن إحساسا بالغا حد اليقين لديّ أن هذا الجهد المتواضع يمكن أن يثمر ناتجا كبيرا.. وحين أشرقت شمس الثامن والعشرين من ديسمبر 2014 كانت الخطة في ذهني واضحة.. أن أبدأ بالسيد أحمد عبد الرحمن محمد.. ثم الدكتور كامل إدريس.. وأن أرتب مع كليهما جلسة في ظهيرة ذات اليوم بمكتب العميد عبد الرحمن الصادق بالقصر.. الواقع أنني وحتى بدأت شمس ذلك اليوم في الانحدار نحو المغيب كنت قد فشلت في الوصول إلى أي من هؤلاء الثلاثة.. أو بالأحرى الأربعة.. فقائمة المطلوبين عندي كانت قد ارتفعت إلى أربعة بإضافتي لصديقي بشرى المهدي مدير مكتب العميد عبد الرحمن الصادق.. وكلاهما قد استعصم بعدم الرد على هاتفي في ذلك اليوم.. كامل إدريس كان خارج البلاد.. وحفيت قدميّ في البحث عن عم أحمد.. ثم.. ولسبب ما قررت أن أخطو خطوة.. لا أدري بعد مرور عام الآن.. إن كانت تلك الخطوة صحيحة أم لم تكن موفقة..!
قررت أن ألتقي الرئيس.. كان كل هدفي أن أتلمس مواقفه.. وأقيس مدى استعداده لمناقشة هكذا موضوع.. فمجرد موافقته على قبول استقبال لجنة المبادرة التي لم تكن قد تشكلت بعد.. كان هو هدفي ومبتغاي في ذلك اللقاء.. كان الخطاب السياسي في الخرطوم تلك الأيام عالي الوتيرة تصعيدا.. وكان آخر حديث للرئيس عن الإمام متشددا جدا.. وضع شرطا واحدا وأغلق عليه بالمفتاح.. وهو أن يعتذر الإمام.. لذلك كان إحساسي يومها وأنا أقترب من مصافحة الرئيس أنني أسير في حقل ألغام.. ورغم كل ما بيننا.. من ود.. كنت متوجسا.. غير أنني قلت في سري.. هو جهد لوجه الله والوطن.. فإن أصاب فلله الحمد.. وإن لم يصب فلا يحمد على مكروه سواه.. حياني الرئيس بحرارة.. استبشرت.. ولكني قلت له بحذر.. أنا كنت في القاهرة.. وكما توقعت تماما.. قال لي صاحبك عامل شنو..؟ قلت له بحماس.. كويس جدا وبيسلم عليك.. لكن الرئيس ليس لقمة سائغة.. فقد تحول بالموضوع تماما وهو يعاجلني بقوله.. إنت لسه شغال مع المخابرات المصرية..؟ وحين ضحكت مستنكرا.. أضاف وهو يضحك.. دي معلومات صاحبك عبد الرحيم.. ما تسألني أنا.. شعرت لحظتها أن الرئيس في أحسن حالاته.. قلت في سري هي اللحظة.. فلم لا أدلف مباشرة إلى الموضوع.. قلت له.. يا ريس بعد إذنك.. صاحبي السألت منو دا عندك ليه شنو..؟ قال لى.. الاعتذار.. أن يعتذر عن ما فعل..!!
وبدأ فاصل من النقاش بين السيد الرئيس وبيني.. بحضور البروفيسور إبراهيم غندور نائب رئيس الحزب مساعد الرئيس آنذاك.. والفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع آنذاك.. والفريق طه عثمان مدير مكتب الرئيس.. كان أفضل ما في ذلك النقاش أن الرئيس كان رحب الصدر مفتوح القلب.. مزاجه رايق.. رغم رنة الغضب في صوته.. أما أسوأ ما في ذلك النقاش فقد كان مخاطبة الرئيس لي باعتباري جزءا من المعارضة حين يقول لي.. إنتو.. أو ناسكم.. فقد ذهبت وسيطا فحسب.. غير أن عبارة مفتاحية وضعها الله على لساني قد حولت الموقف مائة وثمانين درجة.. فإلى الغد..!