المرتبات والأسعار ولعبة القط والفأر
في الأخبار أن الحكومة بصدد زيادة المرتبات في الموازنة الجديدة بما نسبته (20) في المائة، وعلى كل حال تعتبر الزيادة المنتظرة خبراً ساراً بعد نحو أكثر من تسع سنوات لم تزاد فيها المرتبات فلساً واحداً، ولكن نخشى على هذه الزيادة أن تكون بلا أثر وتصبح مثل أن تلقي بملعقة سكر في برميل حنظل وتروح (سمبلة) في معمعة السوق، ما لم تسبق زيادة المرتبات حزمة من الإجراءات والترتيبات التي بدونها لن يكون لها أي معنى، إذ لابد من تنظيم وضبط الأسواق ومراقبة الأسعار ولجم التفلتات وضرب الممارسات التي لا علاقة لها بنظرية اقتصادية ولا صلة لها بأي دين أو شرعة أو شريعة، ولابد أيضاً من الحصر الدقيق للاحتياجات وتحديد حجم الطلب على السلع وخاصة سلع المواد الغذائية والخدمات إلخ من ترتيبات وتدابير يعرفها الاقتصاديون، وكذلك لابد للحكومة أن تبسط يدها المغلولة عن الشرائح الضعيفة ومحدودي الدخل، فتتوسع في سياسة الدعم الاجتماعي تجاه هؤلاء الرعايا، هذا إضافة الى ضرورة تفعيل دور جمعية حماية المستهلك ورفع الوعي الاستهلاكي.
لقد تعلمنا بالتجربة أنه كلما زيدت المرتبات؛ قابلتها زيادة في الأسعار بلا أي مبرر، هذا من جهة، ومن جهة أخرى؛ نخشى أن تكون الزيادة المنتظرة في المرتبات قد أملاها أسلوب السمسرة المعروف (طاقية دا في راس دا)، بمعنى طاقية الزيادة في رأس هيكلة الدعم الذي أشار اليه وزير المالية وتحديداً في إشارته لرفع الدعم عن السلع التي انخفضت أسعارها عالمياً، ويفهم من ذلك أن زيادة المرتبات مقترنة برفع الدعم عن بعض السلع، وهنا أيضاً علمتنا التجربة أن السلعة التي ينخفض سعرها عالمياً لا ينخفض عندنا هذا اذا لم يزد سعرها في أحسن الأحوال، كما نخشى كذلك أن تؤدي خطوة المالية الى نقيض ما أملت فيه فتتضاعف المعاناة ويرتفع سقف الغلاء أكثر مما هو مرتفع الآن، وما لم تتخذ الإجراءات والتدابير التي أشرنا اليها في مستهل كلمتنا هذه ستصدق فيها أرجوزة فرقة الهيلاهوب الساخرة التي يقول مطلعها:
طاقية دا في راس دا
أنا الشغّال بس كدا دا
خشيت السوق قبال شهور
وبقيت بالدين تاجر مشهور
بكتب شيكات لى كل زول
عدّمت الناس حق الفطور
بس كدا دا…