محمد لطيف : سد النهضة.. تشاؤم الصحافة وتفاؤل الأطراف
مدخل أول:-
أنهى وزراء الخارجية والمياه في السودان ومصر, وإثيوبيا اجتماعاً سداسيا في الخرطوم, دون التمكن من طي الخلافات العاصفة التي تحيط بالجوانب الفنية لملف سد النهضة الإثيوبي. وقال إبراهيم غندور, وزير الخارجية في ختام الاجتماعات التي عقدت بالخرطوم يومي الجمعة والسبت, إن الأطراف الثلاثة ستستأنف اجتماعاتها في الخرطوم يومي (27) و(28) من ديسمبر الجاري, لمناقشة ذات الأجندة على مستوى وزراء الخارجية والمياه والفرق الفنية للدول الثلاث.
مدخل ثان:-
فشلت مفاوضات “سد النهضة” بين مصر وإثيوبيا والسودان في حسم الخلافات المُتشعبة بين الأطراف الثلاثة وانفضت المباحثات دون التوصل إلى أي تفاهمات أو أرضية مشتركة تجمع الفرقاء الثلاثة وإن كان السودان يلعب دور الوسيط بين “القاهرة” و”أديس أبابا”، أكثر من كونه شريكاً في الأزمة، سياج من السرية والعزلة ضُرب على اجتماعات “قاعة الصداقة” التي استمرت في يومها الأول لأكثر من ست ساعات متواصلة دون حدوث اختراق في الملفات العصية، ليتم إرجاء المباحثات لليوم الثاني الذي لم يختلف عن سابقه لتنفض جولة الخرطوم دون نتائج وإن كان قد ظل التعتيم عنواناً لما دار في الغرف المغلقة والاكتفاء بتصريحات مقتضبة من الجانب السوداني فقط أفصحت عن تعليق المفاوضات إلى يومي “27 و28” من الشهر الجاري..!
أعلاه نماذج لمعالجة الصحافة السودانية لنتائج اجتماعات سد النهضة التي انعقدت مؤخرا في الخرطوم.. في ما يشبه الإجماع قالت صحفنا إن الجولة قد فشلت.. رغم أن أحدا لم يقل قبل التئام هذه الجولة إنها الحاسمة.. أو بعدها يكون السد أو لا يكون.. إذن هي جولة ضمن سلسلة من الجولات.. يعلو وينخفض تيرمومتر التفاؤل قبلها.. خلالها أو بعدها.. لكن يظل الباب مواربا أمام احتمالات تطورات إيجابية قادمة.. فإذا كانت جولات التفاوض.. في كثير من الأحيان.. تنفض حتى دون أن تحدد موعدا للقاء قادم.. فكل صحافتنا اهتمت بإبراز.. أو على الأقل إيراد معلومة أن التفاوض سيلتئم مرة أخرى في الأسبوع الأخير من هذا الشهر.. وهنا ملاحظتان مهمتان.. الأولى أن الأطراف لديها ما تقوله وما تفعله لذا اتفقت على لقاء آخر.. والملاحظة الثانية والأهم.. أن اللقاء القادم تحدد له أن يكون في بحر أسبوعين فقط.. مما يعني أن ثمة جديدا يشجع على العودة السريعة لطاولة المفاوضات.. هذه الملاحظات لو انتبهت لها الصحافة.. لربما وجدت فيها ما يعصم لقاء الخرطوم المنقضي من دمغه بالفشل..!
وهنا يفرض السؤال نفسه.. هل بالفعل ثمة جديد..؟ المصادر العليمة تؤكد.. أن نعم.. فالاتفاق حول الاستشاري قد بات قريبا جدا.. جراء سلسلة التفاهمات التي تمت خلال الفترة الماضية.. على الطاولة أو خارجها.. هذه واحدة.. والثانية.. وهي مهمة جدا.. أن الطرف الأكثر تشددا قد بات أكثر واقعية.. وحلت محل الرفض المطلق والتوجس.. أسئلة منطقية ومشروعة.. عن المصالح.. في فترة التنفيذ.. أما النقطة الثالثة والأخيرة.. فهي تقدم وتعزيز دور الأجهزة الفنية على ما عداها من الأجهزة.. وهي مسألة غابت طويلا في بداية المواجهات التي جاءت سياسية إعلامية صرفة..!
إذن.. لقاء الخرطوم المنقضي لم يكن فاشلا على الأقل.. كما أنه مهد وحدد للقاء الخرطوم القادم.. الذي تتوقع مصادرنا أن يشهد مزيدا من المرونة والواقعية.. والحوار حول المصالح..!