محمد عبد القادر : بـــــدر الدين.. (في عين العاصفة) (لا يُوجــد رفع للدعـــم ولا يحـــزنون)..!!
هل ستحمل المُوازنة دليل براءة وزير المالية؟!!
لماذا رفعت الصحافة (الدعم) عن الوزير؟!
عندما رفعت (الصحافة) الدعم عن وزير المالية بدر الدين محمود بدا لافتاً التحول المُفاجئ في مواقف الصحفيين من الرجل المعروف باتزانه واعتداله في التعاطي مع الملفات الاقتصادية منذ أن كان نائباً لمحافظ لبنك السودان.
بدر الدين محمود يَتّسِـــم بالعُمق والإلمام بمفاصل الحراك الاقتصادي من واقع تدرجه في الجهاز المصرفي، تسلم مسؤولية الوزارة في مرحلة ما بعد الصدمة الأمر الذي ضاعف من متاعبه في كبح جماح التضخم وملاحقة ارتفاع الدولار والإبقاء على دعم السلع الإستراتيجية وتصريف أعباء الدولة التي فقدت جُل مواردها بعد الانفصال.
اتسم الوزير بقوة بائنة في إدارته لـ (معركة القمح) التي انتهت بإعادة تسعير الدقيق وتوفير موارد جديدة كانت تذهب لشركات القطاع الخاص، إلى جانب جُهوده المعلومة في ضبط إيرادات الدولة عن طريق التحصيل الإلكتروني والخزينة المُوحّــدة.
جاء الرجل إلى موقع وزير المالية، الموقع الذي يضع شاغله دوماً في (عين العاصفة) ويسهل عملية انتياشه من الأصدقاء والخُصوم السياسيين، ما أعلمه أنّ القطاع الاقتصادي داخل المؤتمر الوطني أقَـــرّ في برنامجه الخماسي 2015 – 2019 رفع الدعم التدريجي عن السلع مع دعم الإنتاج من أجل الصادر، تمت إجازة هذا الأمر قبل أن يأتي بدر الدين إلى وزارة المالية ولكن وجوده في الموقع جعله عُرضةً لسداد فاتورة الحديث عن هيكلة الدعم الذي لا يعني بأيِّ حال من الأحــوال رفع الأسعَــار.
إذن رفع الدعم التدريجي عن السلع خُطة أجازها المؤتمر الوطني، لكنه لم يحدد زمناً لتنفيذها باستصحاب الظروف السياسية والاقتصادية والتعامل مع بدائلها حال حُدوث تطورات على الصعيد الاقتصادي وما أكثر المُتغيِّرات التي طرأت محلياً وعالمياً.
وعلى الرغم من مكاسب الرجل في فترة وجيزة لم يكن أمام الصحافة سوى الانحياز لهُمُــوم المُــواطن البسيط وبدر الدين يحاصره بإمكانية رفع الدعم في نسخته القادمة، الصحَفي بطبيعة الحال عَاملٌ عند القارئ الذي يعول عليه كثيراً في الحفاظ على مكتسباته وضمان استقرار معاشه وأمنه ورفاهيته والحيلولة دونه وغول السوق الذي بات يلتهم المداخيل بلا رحمــة.
الرهان على رأس الرجل الأشيب وارتباطه بالأرقام والمعادلات الاقتصادية ظَلّ يبعث على التفاؤل الدائم بأن لبدر الدين ثمة ما يُقدِّمه لاقتصادنا الجريح، لذا فَقد كَانَ مُفاجئاً للرأي العام ما نُقل عنه في البرلمان من مُطالبة برفع الدعم عن المواد البترولية والقمح، والحديث عن أنه وَصَفَ الشعب السوداني بأنه كسول وغير مُنتج.
وبعيداً عن نفي الوزارة الخَجُول لحديث وزير المالية على لسان رئيس اتحاد العمال، فلابد من التأكيد على أن ما حمله ملامح خطاب المُوازنة الذي تنشره (الرأي العام) اليوم يؤكد أنّ المُوازنة القادمة لن تشهد رفعاً للدعم عن المواد البترولية والقمح ولا يحزنون وهذا هو مَربط الفرس في قضية المُوازنة القادمة، ويصبح توضيح بدر الدين أنّ حديثه (لم يُفهم على النحو الصحيح) محل أخذ ورد، وبالإمكان القول إنّ الرجل كان يُمارس (حرفنة) السياسيين في إلقاء أنبوبة الاختبار ومن ثَــمّ قراءة المشهد قبل إيداع المُوازنة للبرلمان، ولكن على نحو عام فإنّ ما بيننا ووزير المالية هو التأكيد على أن المُوازنة القادمة لا تحمل أيّة إجراءات لرفع الدعم عن السلع الإستراتيجية وفي مُقدمتها الجازولين والقمح والبنزين، إلى جانب عدم وضع أية تعديلات في الهياكل الجمركية والضريبية وهذا يُؤكِّد أنّ الأسعار ستكون مُستقرة على مُستوى السلع خلال العام 2016.
الحديث أعلاه تنشره هذه الصحيفة اليوم منسوباً الى الدكتور عبد الرحمن ضرار وزير الدولة بوزارة المالية وهو يُمثِّل ما تم الاتفاق عليه داخل اللجان الوزارية المُشتركة وهي تجيز مُوازنة العام الجديد قبل الدفع بها للبرلمان.
خطاب مُوازنة 2016 والذي تحصلت (الرأي العام) على ملامحه، كشف عن (بُشريات عَديدة للمُـــــواطنين في مُقدمتها الإبقاء على دعم السلع الاستراتيجية (الجازولين والبنزين والغاز والقمح) وعدم وجود أية إجراءات لرفع الدعم عن السلع الاستراتيجية هذا الأمر يُشكِّل (13%) من الإنفاق الحكومي، فتح فرص جديدة لتشغيل الخريجين، توفير الخدمات الأساسية والاهتمام بالشرائح الفقيرة والضعيفة في المُجتمع وزيادة الأسر المُستفيدة من الدعم من (500) ألف أسرة في العام 2015 إلى (600) ألف أسرة في المُوازنة الجديدة من خزينة الدولة، ودعم (2.3) مليون أسرة من مصارف الزكاة المختلفة، و(250) ألف أسرة من هيئة الأوقاف الإسلامية ومنظمات المجتمع المدني، والاستمرار في كفالة (230) ألفاً من الطلاب الفقراء في التعليم العالي، والاهتمام بالرعاية الصحية الأولية بتخصيص (286) مليون جنيه للرعاية الصحية الأولية والاهتمام بالخدمات الأساسية للمُواطنين مثل حصاد المياه وحفر الآبار والتعليم الأساسي ومحو الأمية، حيث خصص مبلغ (4) مليارات جنيه للخدمات الأساسية بولايات السودان المُختلفة، منها (1.5) مليار جنيه للولايات، (2.5) مليار جنيه عبر صناديق إعمار دارفور والشرق وصندوق دعم السلام بجنوب كردفان، والاستمرار في العلاج المجاني بحوادث المستشفيات والعلاج المجاني للأطفال دون سن الخامسة، ودعم الشرائح الضعيفة وذوي الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة، والاهتمام بالإسكان الشعبي باعتباره أحد ضرورات الحياة لتبلغ اعتمادات مشروعات الدعم الاجتماعي حوالي (20%) من إجمالي اعتمادات مُوازنة العام المالي.
معطيات الموازنة بشكلها الحالي تُؤكِّد براءة بدر الدين والمُوازنة من أية إجراءات تُضاعف من مُعاناة المواطنين وترتب عليهم التزامات جديدة وهذا هو ما يَهـــم الصحافة والمُـــــواطن السوداني في المُوازنة القادمة.
شاركها
Facebook