قصة ابن الوزيرة!
-1-
وعكةٌ صحيةٌ ألزمتْني البيت، في رعاية أُسرتي الصغيرة، منقطعاً عن العمل لثلاثة أيام. رغم ذلك، لم يكن لي من خيار سوى متابعة ما يُنشر بالصحيفة من آراء وأخبار، خاصة بالصفحة الأولى.
أقصرُ طريق إلى المحاكم تقودك إليه معلومة غير صحيحة، تُنشر على حين غفلة، أو رغبة في سبْق صحفي عجول، سرعان ما تتلاشى دهشته في آخر النهار.
أول أمس، أخبرني مدير التحرير العزيز عطاف محمد مختار، بوجود خبر لا يخلو من الحساسية والإثارة، وهو من نوع الأخبار التي يسيل لها لعاب أقلام بعض الصحفيين، ويُثير نشرُها نوبات العطاس في عدة جهات.
متنُ الخبر يتحدث عن إلقاء القبض على ابن وزيرة دولة بوزارة سيادية، وفي حوزته مخدرات. لم يكن ابن الوزيرة بمفرده بالسيارة، بل كان معه صديق.
-2-
لو أن الخبر انتهى على ذلك وكفى، لأصبح بالنسبة لي خبراً عادياً لا يصلح للصفحة الأولى، وما كان له أن يتجاوز صفحة الحوادث والجريمة، بل ربما وجد مستقراً في أسفلها.
أبناء الوزراء والمسؤولين، ليسوا معصومين من المهددات والمخاطر الاجتماعية، التي تُحيط بكثير من الشباب في مقدمتها خطر المخدرات.
الأخبار المُتكررة عن حاويات المخدرات، والتقارير الرسمية وإحصاءات المنظمات الاجتماعية؛ جميعها تكشف وجود مخطط من جهات ما، ليس بالضرورة أن تكون جهات ماسونية أو يهودية؛ ولكن من الراجح أنها جهات إجرامية تبحث عن الثروة والمال باستدراج الشباب، خاصة من الطبقات الاقتصادية العليا؛ استدراجهم إلى عالم الشاشمندي وحبوب الهلوسة.
ليس في منهجنا الصحفي المتاجرة بالفضائح والتكسب بها على منافذ التوزيع، ولا التشهير بزلّات الغير الشخصية وإشانة سمعتهم، وفي ذلك يتساوى الوزراء والمسؤولون مع عوام الناس وغمارهم.
-3-
تخرج تلك الأخطاء والتجاوزات من حيِّز الأخبار المُعتادة إلى فضاء الجهر العام بالصوت المُرتفع، إذا ارتبطت بانتهاك حقوق الغير أو باستغلال نفوذ.
هذا ما فعلته الوزيرة المسؤولة عن العدل والقانون في زيارتها الليلية لقسم محلية بحري، تعالوا معي للمعلومات التي أوردتها المحررة المتميزة هاجر سليمان:
(حضرت الوزيرة وأحضرت وكيل النيابة، وتم إطلاق سراح نجلها بعد أن ضمنه خاله (س)، وفك حجز العربة وخرجوا جميعهم تاركين صديقه (ح) ليجلس داخل حراسة القسم)!
لعلم الجميع:
نجل الوزيرة يقع تحت طائل المادة (15/أ) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية المتعلقة بالاتجار بالمخدرات!
القانونيون يعرفون الإجراءات المرتبطة بتلك المادة.
-4-
ما حدث من الوزيرة غير تقييمي للخبر، اختلف الأمر من جريمة مرتبطة بسلوك فردي، إلى تجاوز خطير مرتبط بمسؤول عام.
رغم ثقتي الكبيرة في مصداقية المحررة هاجر، كان عليَّ تلك الليلة التأكد أكثر من كل تفاصيل الخبر. لذا فقد أجريت عدة اتصالات إلى الساعة الثانية صباحاً.
تأكدت تماماً من تفاصيل الخبر.
وللفت انتباه كبار المسؤولين بالدولة لهذا التجاوز، قرَّرتُ نشر الخبر بالصفحة الأولى، مع وضع عنوان له ضمن الخطوط الرئيسة للصحيفة.
-5-
لم يخب حسن ظني، ولم تُهدر ثقتي سدىً، في أجهزة العدالة السودانية؛ فصباح أمس، علمت من مصدر رفيع بالوزارة تفاصيل ما حدث عقب الاطلاع على الخبر المنشور بـ(السوداني):
(وكيل أول نيابة بحري أمر أمس بإعادة القبض على المتهم الأول نجل الوزيرة، كما أمر وكيل النيابة بإيقاف وكيل النيابة الذي قام باتخاذ الإجراءات لحظة الحادثة إلى حين اكتمال التحري معه ضمن إجراءات التحقيق التي شكلتها الوزارة لتقصي الحقائق).
غداً نواصل.
عافية.
الوزيرة دى اكيد ما مؤتمر وطنى ولا كوزة عشان كدا اتفضحت
عايزين نعرف العربية حقت الولد ولا حقت الحكومة
دي وزيره شنو ما قادرة تربي ولدها…عايز تربي..شعب
يالك الضي الما بسوي الني ….
الوزيرة دي منو؟؟
لاااااازم تورونا الوزيرة دى منو .. وزيرة دولة بوزارة شنو..؟ نحن الشمار حارقنا
الناس البتسال عن اسم الوزيرة .. استاذ ضياء حل ليكم اللغز داخل السرد ووضح الوزارة التي تتبع لها السيدة الوزيرة
والشاطر يتابع بين السطور
وسلام تعظيم للعدل في بلادي