راشد عبد الرحيم : المجاعة بين حزبي الأمة و الوطني
قدم حزب الأمة عملاً وطنياً جيداً و خلطه بموقف حزبي إنتهازي فحسب من نسب للسيد نائب رئيس الحزب السيد فضل الله برمة ناصر فإن الحزب كلف لجنة منه درست الأوضاع الإقتصادية في البلاد و خلصت إلى أن هنالك مجاعة تواجه البلاد و أن السودان يواجه نقصاً في الغذاء و مشكلات في إنتاج هذا العام في العديد من المناطق الزراعية المهمة.
هذا عمل وطني كبير أن يكون للحزب إهتمام بالقضايا الوطنية المهمة و له فيها دراسة عبر لجان مختصة.
بيد ان الحزب خلط المطامع السياسية من خلال هذا العمل العلمي الذي ينم عن مبادرة كريمة.
فقد خلص الحزب إلى ان المخرج يرتكز على عقد الملتقى التحضيري في أديس أبابا. و كأنما الملتقى سيقود عملية الإنقاذ الإقتصادي و يتولى زراعة الأرض و توفير الغذاء.
هذا انتقال غير حميد و انتهاز لعمل كبير قام به الحزب. طبيعي أن الحزب طرح روشته المعتادة من خزينة موقفه السياسي و هو يحمل غريمه الحزب الحاكم المسؤولية كلها و ينسلّ منها و أيضا يطرح رؤيته السياسية من خلال هذا الموقف.
بيد أن الأزمة في القوى السياسية متعددة الأوجه و كلها تحتاج وقفة و معالجات جذرية.
و كما اتسم عمل حزب الأمة بانتهازية سياسية فإن حزب المؤتمر الوطني اتسم في معالجاته و معالجات حكومته بصمت لا يشبه الأوضاع القائمة و خطورتها.
و رغم انه من العسير القبول بأن هنالك مجاعة و أن هنالك أزمة و أن حلها عبر إجتماع للجنة تحضيرية للحوار الوطني.
فإن عدم التحرك الفعال لمواجهة الأوضاع الإقتصادية موقف يحتاج لمعالجة من المؤتمر الوطني عبر حكومته القائمة.
و لا يغيب على أدنى مراقب أن ثمة ازمة طاحنة في ضعف الإنتاج و الموسم و أزمة في تدني العملة الوطنية و إرتفاع الدولار الذي يكاد يتجاوز الأحد عشر جنيها مقابل الجنيه السوداني.
كلا الحزبين و هما الأكبر في البلاد يحتاجان لكثير من الواقعية في النظر لمشكلات البلاد و مسبباتها و وسائل معالجتها.
و الأهم النظر إلى أهمية العمل الوطني المشترك في دائرة أكبر من الصراع الحزبي و السياسي على النفوذ و الحكم.
الأستاذ راشد، بالنسبة للأوضاع التي يعيشها السودان كبلد لا تعود للظروف الحالية التي مرّت به في السنوات الأخيرة فقط ولكن إذا تمّت مراجعة حقيقية للوضع في السودان فإن جميع الأحزاب السودانية إشتركت بصورة من الصور فيما آلت إليه الأوضاع منذ إلإستقلال وحتى تاريخه، ولكن الأمور تطورّت في السنوات الأخيرة لبعض الظروف العالمية التي كان لها تأثير مباشر على السودان بالإضافة لظروف محلية كانت تأثيراتها أشدّ قوة وأوضح بياناً ، ومن أراد أن يتعمق في الأمر فليراجع كتاب الأستاذ عثمان ميرغني “من ضيّع السودان ” ففيه تفاصيل أكثر عن أوضاع السودان منذ الإستقلال. و الآن إنبعثت الآمال من جديد ففي الحوار الوطني يتأمل الشعب السوداني أن تكون هذه ضربة البداية لإيقاف الإنحدار المُتهاوي للسودان إذا صدقت النوايا وتصافت القلوب رغم المرارات التي تطاول عهدها ، فنسأل الله العلي القدير أن لا تخيب مقاصد الحوار الوطني وأن ينهض السودان من كبوته التي لخّصها شاعرنا الكبير يوسف مصطفى التني في بيتين من قصيدة يقول فيهما:-
لهفي على السودان من دخلائه
لهفي على السودان من أحزابه